قصة حمار...

تتحمل الاحزاب والكيانات في كل دول العالم الديمقراطي نفقات الدعاية الانتخابية من اموالها الخاصة والتي تأتي عن طريق التجار واصحاب رؤوس الاموال والميسورين وبالمختصر تمثل الاموال " اموال تكافليه" ولا متضرر من أي حملة انتخابية مطلقا ، لكن الغريب في ديمقراطيتنا أنها مستهلكة للارواح ومبذرة للمال العام واكثر من ذلك صار الاعتداء على الغير من المخلوقات الاخرى وهذه قصة حقيقية كان ضحيتها عدد من الحمير التي وقعت بين المطرقة والسندان والنتيجة أنها نفقت دون سبب : أدناه حكاية حقيقة واقعة لا علاقة لها بـ(كليلة ودمنه): 
حمار ولد في احد قرى مدينتي كان وسيما ابيض اللون ليس بحاجة لاي(محسة) لترتيب شعره الطبيعي ، وكانت ولادته على ضفاف نهر الحلة في يوم مطير ولاعتزاز صاحبه وحاجته له فقد اسكنه في بيت مهيء لهذا الغرض ، كان حمارا في منتهى البراءة لم يرتكب إثما بحق أي حمار من حمير العراق، ولم يفخخ احد أبناءه فيرسله لتجمع من تجمعات حمير العراق التي تعرضت خلال السنوات الماضية لحيف كبير من الجارة أيران بتصديرها الكم الهائل من "الستوتات" على مختلف الأشكال والأنواع فعطلت مهامها وقطعت بذلك ارزاقها فاستبدل أصحابها (البرسيم بالتبن المتعفن وماء النهر بمياه الآبار الآسنة) أما "الستوتات" فقد تمددت على حساب حق هذه المخلوقات الصبورة ولا تحتاج كما يحتاج الحمار الذي عانى كثيرا من الحصار الجائر في تسعينيات القرن المنصرم وبات جائعا في ظل شح الطعام لم ذلك الحمار ولا ابناء اسرته من الطامعين بمركز امامي في حزب الحمير في شمال العراق حمار تعب كثيرا حتى وصل الى ما وصل اليه من التألق والمطاولة وقوة البدن وذات مساء استيقظ هذا الحمار على يد آثمة تقتاده إلى حيث (لا أذن سمعت ولا عين رأت) وتحمله على أن يكون جزءً من الدعاية الانتخابية التي استهلكت الكثير من المال والجهد والأرواح وكانت بانتظاره أواني" السبرية السوداء" التي تتناسب وجسده الأبيض خط على ظهره ما ينال من مرشح آخر ، صار جسد الحمار لافتة تقول: (من طلب الامان فما عليه إلا بانتخاب سلمان) وكان سلمان وشبيب ابناء قرية واحدة يريد احدهم النيل من الاخر باي ثمن ، وهكذا وضع الحمار طرفا من أطراف الصراع الانتخابي رغم انه لم يكن مرشحا او ناخبا على الإطلاق واستيقظ سلمان في صباح اليوم التالي ليجد أن حمار قريته قد تحول إلى لافتة كبيرة متنقلة في الشوارع يحف بها الصبية وهم ساخرون متهكمون وفعلا وصل الخبر الى اسماع سلمان فما كان عليه الا ان يضع بضعة لترات من البانزين المستورد على ظهر هذا الحمار ويشعله فيموت حرقا ، ولم تسلم العائلة الحماروية بعد فقد عرف سلمان خصمه شبيب هو الذي فعل فعلته هذه وأراد النيل من منه بنفس الطريقة فسطا على طولة الحمير ليستل شقيق هذا الحمار الذي نفق حتف انفه قبل ليلة ليكتب على ظهره (من أحب أكل الزبيب فما عليه إلا انتخاب شبيب) وعندما ما كان من شبيب إلا إن يرد بالمثل ايضا حاملا ادوات قتله وفعل مثلما فعل سلمان واحرق الحمار المسكين ثانية ونفق الحمارين ديمقراطيا، لم ينصب عزاء لأي منهما ولم ترصدهما كاميرات الاعلام التي كانت تلاحق الدعاية الانتخابية وقد عرفت قصتهما من سكان المنطقة وهذه صورة معبرة عن الرقي الانتخابي التي راجت في أيامنا هذه والخوف من القادم ، ليس في الامر فرية على احد ولا هي قصة من نسج الخيال والله انها من القصص الحقيقية التي حصلت فعلا ومن خلال متابعتي للدعاية الانتخابية العالمية لم اجد اقحام أي حمار او كلب في الدعاية الانتخابية لاننا ما زلنا نتخبط في متاهة الحفاظ على الانسان وكيفية استغلاله والضحك على ذقنه والوصول للعرش، فكيف لنا ان ندخل مخلوقات لا علاقة لها بما نقوم به في أعمالنا ، ولعل القابل من الانتخابات يحمل لنا الكثير من المفاجآت ، من يدري...!!!