السعادة و الشقاء في كينونة الإنسان

أنشقى أم نسعد، أنحزن أم نفرح، وهل نُعبر عن فرحنا بالدموع أم نمحو الدموع بالبسمة، أو نستسلم لكل شئ على حد السواء. وهل الإيمان بالقدر له تأثير على هذا المفهوم

ألم نُخلق كي نعيش، اليست الحياة واجبة على كل مخلوق، وماذا يجني الخالق لو عاش العبد معيشة ضنكا، اليست الرحمة من صفاته، اليس الدعاء الصادق يدفع القدر المشؤوم عنا، وهل نحن ندعوا الخالق رياءً، أسئلة كثيرة تختلف الآراء والإجابات فيها حسب تصور الشخص للحياة وطريقة فهمه لها 

الجواب المعقول والمقنع يكمن في معرفة العناصر المؤثرة في هذا السياق، فالشخص وما بداخله وتعريفه للحياة يُسهم في هذا المعنى، وكما طبيعة العلاقة مع الآخرين، يبقى شئ مهم وهو التقليد، أقصد بالتقليد الأعمى الذي أعتبره أنتحاراً، أي اتباع سلوك من نعتبره مَثلُنا الأعلى وقد يكون هو صاحب قصور في فهم الحياة، أو نحاول تشبيه أنفسنا بمن هو أكبر منا سناً وليس شئناً

فلو كان الذي أريد أن أُقلده يملك من العلم والدراية يؤهلانه لهذا الدور فلا ضير في ذلك، وإن لم يكن كذلك فهذا ينافي المنطق، لأن الحرية في إختيار الأصلح تتعارض مع السير خلف القطيع دون تعقل، فالعقل الرزين له حق علينا ولا يمكن تسفيهه، والمنطق الذي لا يقبل الشوائب من التصرفات المتحجرة والذي يتقاطع مع مَن يريد تقليد من يستقطب الشقاء لنفسه، ولكن يبقى السؤال المطروح والمُلح: هل يجب عليّ أن أقلد، ومن يجب أن أُقلد؟

لا أعلم كيف لي أن لا أحترم كينونتي والأمور شاخصة ولا تقبل الشك، فالشمس لا تحجبه الغربال ولا الغيوم، جدلاً لو كنا نعتقد بإمكانية حدوث الحجب فهذا يعتبر من السفاهة والحمق الدفين في جوهرنا

هذا هو الإنسان خُلق عبر الزمان لينافس الجيل الأجيال الأخرى في شتى المجالات، لا لشي سوى لبرهان أفضليته على الآخر، مشكلتنا تكمن في طموحنا وطمعنا بالكثير دائماً، في حين إن الكثرة ليست مرجوة دائماً، فشتان ما بين كثرة الخير والشر، وهل هما يستويان؟

من كان من أهل السعادة يعمل للسعادة ومن كان من أهل الشقاء يعمل للشقاء.