ثقافة التظاهر بقطع الطرق

كلنا نعشق حرية التعبير وديمقراطية التظاهر السلمي من اجل المطالبة بالحقوق ودفع المظلومية, شريطة ان ينظم ذلك الاحتجاج بالطريقة الحضارية التي لا تؤثر في الوضع العام وبالتالي تحفظ حقوق الاخرين ولا تتقاطع مع حرياتهم, وبالذات فيما يخص قطع الطريق امام المارة من مستخدمي الطريق لضرورة قصوى كنقل مريض او مسافر مرتبط بقضاء عمل, بل هنالك الكثير من الحالات الاضطرارية التي تنافي مسالة قطع الطريق العام الذي يعتبر ملك عام لجميع مستخدميه.
وفي ذلك يجب مراعاة المصلحة العامة قبل النظر في المصالح الخاصة لأشخاص محدودين, في مدينتي تكررت حالات قطع الطرق من قبل المتظاهرين الذين يطالبون بحقوقهم المغيبة او استنكاراً لحالات الظلم التي طالتهم او البعض منهم, حيث يقوم المتظاهرون باختيار المناطق الحيوية والمفاصل المهمة التي تؤثر في انسيابية الحركة في المدينة فيعمدوا الى القطع والغاية في ذلك الضغط بقوة على مصادر القرار في الحكومة المحلية من اجل تنفيذ المطالب بأقصر مدة ممكنة.
تعتبر تلك الفعاليات الشعبية في نظر المراقب للمشهد مؤشر خطير على تصعيد ظاهرة العنف لدى المواطن نتيجة الاستياء التام والياس من امكانية الاستجابة لطلباته المتكررة من قبل المسؤولين الحكوميين, الذين يتجاهلون طلبات المتظاهرين والمعتصمين واصحاب الوقفات الاحتجاجية, من خلال الوعود بعيدة الامد التي يطلقونها أو التسويف, ومن ثم اهمال تلك الطلبات, وكثيراً ما تشهد تلك الاحتجاجات عدم الاستجابة من خلال عدم حضور المسؤول صاحب العلاقة بالمطاليب الى مكان التظاهر او عدم حضور مسؤول محلي بمستوى رفيع يمكن له اتخاذ بعض القرارات النافعة.
يخشى الجميع ان تتوسم تلك الظواهر الغير حضارية بشرعنة البعض لها ممن يحاول اضعاف موقف الحكومة في اتخاذ دورها الفاعل في التصدي والحد من تلك الظواهر, او يحابي من اجل كسب ود المتظاهرين للثبات في المنصب او كسب تأييد للحزب الذي ينتمي اليه, واين نحن من قول الرسول (ص) " إياكم والجلوس بالطرقات" وكف الاذى عن الطريق, حتى قال (ص)" بأنَّ إماطة الأذى عن الطريق صدقة" وأنَّها من شعب الإيمان, فالحذر من تفشي تلك الظواهر التي ترسل رسالات خاطئة للمراقبين بان الشعب اعتاد على الفوضى والعبث من خلال ترجمة تلك الاشكاليات التي تساهم في ادانة المتظاهر بدل مساعدته في نيل الحقوق, وكذلك بان الحكومة لا تبالي او تهتم بشؤون مواطنيها.
ولابد من تنبيه الذين يعنيهم الامر في الحكومة الى ضرورة الالتفاتة الى هذه المسالة المهمة والحساسة, والعمل على الاستماع لأصحاب المطالب المشروعة وتلبية مطالبهم ومساعدتهم في نيل حقوقهم التي تعتبر واجب شرعي وحق كفله الدستور على كل من يتصدر المسؤولية, فالمواطن الذي يفتقد نيل الحقوق من الصعب ان يقدم واجب بمستوى الطموح, والشعوب براكين هادئة ان تعرضت للضغط هاجت وانفجرت بحممها التي تحرق الاخضر واليابس فلا تبقي ولا تذر.