الفقر يفقد الشرعية

من الصعب انكار علاقة المشبوه بين ارتفاع معدل الفقر في العراق وزيادة الناتج الوطني ، وهي علاقة طردية فريدة من نوعها في العالم ، أي" كلما ارتفعت قيمة الموازنة العامة نتيجة الزيادة الحاصلة في صادرات النفط والضرائب وغيرها ، كلما زادت حدة وقساوة الفقر وارتفع اعداد الفقراء في العراق "، وزاد معه السخط الشعبي – أقله معلن وأكثره مكبوت –  واصبحت الشرعية السياسية في محل جدل كبير بين ابناء الشعب العراقي ، والشرعية السياسية هي ليست نتيجة عملية انتخابية فقط كونها هي:-   

 

  • الشرعية السياسية :- تعني أن يكون ذلك النظام السياسي مقبولاً بشكل طوعي من قبل أغلبية المحكومين، وهي ليست شيئاً حويا بمعنى أنها إمّا أن توجد أو لا توجد على الإطلاق، وإنما هي عملية قابلة للنمو والتطور أو على العكس قد تكون قابلة للتآكل و الانعدام. 

 

 

  • يصل نظام سياسي إلى السلطة بطريق مشروع ويكون متمتعاً بالقبول الاجتماعي، ولكنه بمرور الوقت قد يفقد هذه الشرعية، ومن هنا تحاول كل الأنظمة الحاكمة – بصرف النظر عن كيفية وصولها إلى السلطة – أن تكرس شرعيتها، إن بدأت بمثل هذه الشرعية، أو أن تبني شرعيتها وتحاول تعزيزها إن بدأت من دونهما. 

 

  • والعكس صحيح، فقد يستولي نظام سياسي معيّن علي السلطة دون اي سند من مصادر الشرعية، ولكن بمرور الوقت قد يكتسب هذا النظام مشروعيته، أي أن قبول المحكومين به يُصبح طوعياً قائماً على الرضا والإقناع وليس على الإذعان والقسر.

 

  • تختلف كفاءة الأنظمة السياسية في المحافظة على شرعيتها خصوصاً في مجتمع  يعصف به عدم الاستقرار الامني و الاجتماعي والاقتصادي ، والعامل الأساسي في إضفاء الشرعية من عدمه هو قدرة النظام على التوافق والانسجام مع قناعات وتطلعات المواطنين الذين يعيشون في كنفه، والشرعية بهذا المعنى أوسع من مجرَّد التأييد أو المعارضة. 

 

 

  • قد يكون هناك من يُعارض السلطة، وقد يتذمّر الناس من بعض قراراتهما وسياساتهما، ولكن هذه أمور طبيعية، بل وحتمية وهي لا تنفي شرعية السلطة، طالما شعر المواطنون أن السلطة في توجهها العام سلطة وطنية منسجمة مع عقيدة وتاريخ وقيم المجتمع، ومخلصة – بوجه عام – لإرادة الشعب ومستجيبة لتطلعاته.   

 

  • "حدة الفقر في اي مجتمع وعدم قدرة النظام السياسي في إنجاز الحد الأدنى من التنمية الاقتصادية والاجتماعية هي أوضح تعبير عن فشل النظام السياسي " ، وتكون شرعية النظام محل شك، وهذا يعني أن الحكومة  التي تتجاهل حالة الفقر ولا تستجيب لمطالب الفقراء، تخاطر بفقدان شرعيتها،  ذلك أن إنتشار الفقر – خاصة مع وجود قلة مرفهة – يُثير بالضرورة التساؤل حول شرعية من يدعون العمل لمصلحة المواطنين. 

 

 وهذا يقودنا – الى سؤال – حول اثار حالة الفقر على مشروعية النظام السياسي في العراق . حيث إن شرعية النظام السياسي تجد أساسها في قدرة هذا النظام على الاستجابة لخيارات المواطنين وقدرته على التوافق مع القيم والمصالح الأساسية للمجتمع العراقي وكذلك قدرته على الاستجابة لآمال وتطلعات الناس في الحياة الكريمة .