مهلا.. يا صديقي!

 

واظبتُ اثناء الحملة الانتخابية على عقد لقاءات بين فترة وأخرى مع عدد من الاصدقاء المختصين بالشؤون الإعلامية والمشتغلين بقضايا الرأي العام، وحرصت على الاستماع الى ملاحظاتهم بشان النشاط الانتخابي والفعاليات التي كنت اقوم بها في هذا الجانب، وكان بين تلك اللقاءات واحد عقد في الاسبوع الاخير من الحملة ألانتخابية، وضم عددا من الوجوه الاعلامية المهمة في بغداد، وعند سؤالي عن تقييمهم لأدائنا، وعن الانشطة التي يقترحون عليَّ القيام بها، بادر احدهم بسؤال عن سر النجاح الذي حققناه في الوصول الى الناخبين في اماكن السكن، وفي عقد الاجتماعات في الشوارع والساحات العامة والمقاهي، وعدّ ذلك جرأة وشجاعة وسمة مهمة امتازت بها الحملة، ثم كرر سؤاله وعبر عن اعجابه بالخطاب الانتخابي القريب عن هموم الناس.
هذا الصديق ذاته، سارع حال اعلان النتائج الاولية، وقبل ان يعرف عدد الاصوات التي حصلتُ عليها، الى كتابة مقال ينتقد فيه "ابتعادنا" عن الجماهير، وعدم مخاطبتنا اياهم بما يتلائم مع احتياجاتهم!
يبدو ان هناك من ينطلق من مواقف مسبقة لا تتغير، مهما كان الاداء والمواقف وطريقة التعبير عنها، لكن هذا ليس ما يشغل البال هنا، فانا اتوقف بكل حرص واحترام عند أي تقييم يهدف الى تحسين الاداء، واعلم ان التقييم لا يستقيم مع النظرة أحادية الجانب وغير الموضوعية، الا انه لكي يأتي التقييم واقعيا ورصينا، ينبغي ان تدرس النتائج بعيدا عن تأجيج العواطف، أو إشاعة اليأس والإحباط وقطع الأمل في أية إمكانية لتجاوز القصور وإصلاح الأخطاء، والتقييم المنتج هو ايضا الذي يدرس فيه الموضوع بكل مستوياته، وينظر في مختلف إبعاده، وتحسب كل العوامل التي أثرت إيجابا او سلبا في نتائجه، لهذا فان اي تحليل يهمل جانبا من الجوانب الأساسية في معرفة الأسباب والعوامل الفاعلة والمؤثرة، سيكون تحليلا ناقصا وغير نافع.
وبطبيعة الحال لن يهمل التقييم الظروف الموضوعية، وتأثيراتها على نتائج الانتخابات، وفي نفس الوقت وبالمساحة ذاتها، تدرس الظروف الذاتية المتعلقة بالخطاب السياسي، وطرق التعبير عنه، والنشاط الإعلامي، ووسائل التحشيد، فضلا عن إعادة ترتيب الأولويات ومراجعة المهام ومستوى التنفيذ، ويعد التقييم هذا جزءا أساسيا من أي مشروع، ولا يمكن ان يستكمل أي نشاط في اطاره ما لم يتم تقييمه بدقة، فكيف والموضوع انتخابي يتعلق بالأصوات، خاصة وان النشاط الانتخابي هو نشاط سياسي في جوهره، فان لم يحقق هدفه الأساسي في الحصول على مقعد أو عدد من المقاعد، فهناك أهداف أخرى لا ينبغي نسيانها، منها إيصال رؤيتنا إلى اوسع جمهرة ممكنة من الناس.
لا طريق أمامنا سوى الجرأة في طرح نواقصنا والتوجه لمعالجتها، وسوى مواصلة العمل المنظم والمتفاني دفاعا عن مصالح شعبنا، وسعيا للفوز بثقته ولتمثيله بشرف ونزاهة.