السليمانية.. حركة التغيير أمامَ إمتحانٍ صَعب

قد يكون تشكيل الحكومة المحلية الجديدة ، في محافظة دهوك ، سهلاً .. والطريق مُمّهَد وسالك ، لإختيار مُحافظٍ من بين أعضاء مجلس المحافظة الجديد ، وكذلك إنتخاب رئيسٍ لمجلس المحافظة .. إضافةً الى القائمقامين ومُدراء النواحي ومسؤولي الدوائر .. الخ ، إذ ان الحزب الديمقراطي الكردستاني ، فازَ بأغلبية ساحقة ، ولن يحتاج الى المُساومة مع الأطراف الأخرى ( الديمقراطي 19 مقعد من مجموع 28 ) . ورُبما لن يجد الحزب الديمقراطي ، صعوبةً كبيرة ، في أربيل أيضاً ، ( 12 مقعد من مجموع 30 ) لاسيما بعد ضمان أصوات " الكوتات " التي هي في جيب الديمقراطي ( خمسة مقاعد للتركمان والكلدو آشور ) . لكن المُشكلة جدية في السليمانية ، إذ ان " حركة التغيير " ، لم تَفُز بفارقٍ كبير ، عن الإتحاد الوطني .. ولن تستطع ، إختيار مُحافظٍ ومُدراء .. الخ ، إلا في حالتَين :
الاولى : هي بالإتفاق مع الإتحاد الوطني الكردستاني ، حيث يستطيعان تقاسُم جميع المناصب في المحافظة ، دون الإستعانة بالأحزاب الثلاثة او الأربعة الأخرى . فحركة التغيير لها 12 مقعد من مجموع 32 ، والإتحاد الوطني 11 مقعد ، علما ان مقعد كوتا الكلدو آشور ، محسوبٌ على الإتحاد الوطني حتماً ، فيصبح له 12 مقعد أيضاً .
الثانية : كُل من حركة التغيير ، والإتحاد الوطني ، إذا إرادا وقّررا ، ان يُشّكلا حكومة محلية ، بدون مُشاركة الآخَر .. فعليهما أن يكسبا تأييد خمسة أعضاء آخرين على الأقل " من الأعضاء الثمانية : 3 من الحزب الديمقراطي / 2 من الإتحاد الإسلامي / 2 من الجماعة الإسلامية / 1 من الحزب الإشتراكي " . 
هذا من الناحية النظرية مُمكن . ولا سيما بالنسبة الى حركة التغيير ، فإستناداً الى الأربع سنوات الماضية ، حيث كان مُتحالفاً مع الحزبَين الإسلاميَين ، كمُعارَضة برلمانية . وليسَ من الصعب التفاهُم مع الحزب الديمقراطي بمقاعده الثلاثة ، والإشتراكي بمقعده الوحيد . 
ولكن .. ولكن تحتها خَطَين : هل من المنطقي ، تهميش الإتحاد الوطني في محافظة السليمانية ؟
* هنالك عشرات الآلاف مِمَن وُلِدوا في 1991 ، وهُم الآن رِجال ونساء ، خريجوا جامعات ومعاهِد .. فتحوا عيونهم ، ورأوا " الإتحاد الوطني " يحكُم السليمانية وكرميان .. فالمُحافِظ والأسايش والشُرطة والبيشمركة ومُدراء جميع الدوائر والشركات المُسيطرة على التجارة والأعمال ، كُلهم عائدون للحزب الحاكم ، أي الإتحاد الوطني الكردستاني [ شأنهم في ذلك شأن الحزب الديمقراطي في دهوك وأربيل ] . فهل من المُمكن حقاً ، ومن خلال " الديمقراطية " ونتائج الإنتخابات الأخيرة وبتحالف المعارضة السابقة ، إستبدال كُل هؤلاء المسؤولين بِجَرة قَلَم ؟ . شخصياً ، أرى ان ذلك شُبه مُستحيل . وختى إذا تحّقق ، فان الإتحاد الوطني ، يمتلك الكثير من العِصي ، يستطيع بها عرقلة العملية ! .
* إذا ، يبدو ان لامَناص من تفاهُم حركة التغيير مع الإتحاد الوطني ، بشكلٍ من الأشكال . وكما يبدو ، فأن هنالك تياران داخل الإتحاد الوطني ، الأول يدعو الى التنسيق مع التغيير والتوصُل الى صيغةٍ تُرضي الطرفَين . والثاني مُتشّدِد ، يُنادي بعدم القبول بمُرشَح التغيير لمنصب المُحافِظ " هفال أبو بكر " الحاصل على اكثر من 240 ألف صوت ! ، بحجة انه كان بعثياً في مامضى " علما ان هنالك المئات من البعثيين القُدامى والجحوش ضمن تنظيمات الإتحاد والأحزاب الأخرى ايضاً " . بعض أوساط الإتحاد الوطني ، تُرَوج لإمكانية تقاسُم منصب المُحافِظ مع حركة التغيير ، سنتَين لكُل طَرَف ( لتعودهم كما يبدو ، على طريقة الففتي ففتي ! ) .
* نتائج إنتخابات 30/4/2014 ( إذا بقيت كما هي الآن .. حيث ان حركة التغيير والأحزاب الأخرى عدا الإتحاد ، قّدموا شكاوى وطعوناً رسمية ، الى المفوضية ، وستُعلَن نتائج الشكاوى بعد إسبوعَين . إذ تقول حركة التغيير ان مقاعدها 13 مقعدا ومقاعد الإتحاد 10 فقط . وإذا ثبتَ ذلك ، فان المثعادلة ستتغير ، وسيكون موقف التغيير أقوى بالطبع ، في تشكيل الحكومة المحلية ) . ولكن حسب مُجريات الأمور ، نستطيع التكهُن ، بأن المفوضية لن تُغّيِر النتائج المُعلَنة . وعليهِ ، فأن مُهمة حركة التغيير ، في إحداث إصلاحٍ وتغييرٍ جوهري ومُهم ، على نظام الحُكم في السليمانية ، مُهمة صعبة وشائكة ، وبحاجة الى المزيد من الصلابة والحنكة والمُثابَرة .. حيث ان السماح للإتحاد الوطني ، بالمُشاركة الفعالة في السُلطة ، بنفس الآليات الفاسدة السابقة ، يسئ لبرنامج حركة التغيير ويُفقدها الكثير من مصداقيتها .. كذلك تهميش الإتحاد ، غير مُمكن عملياً . 
حركة التغيير ، أمامَ إمتحانٍ في غاية الصعوبة !.