"أسد على الضعفاء وأمام الفاسدين نعامة" بهذا المنطق تعامل السيد المالكي مع "كابوس" سنان الشبيبي، ما يؤكد ما سبق أن حذرنا منه وكتبنا عنه حول القوى الخفية والمؤثرة التي تمنح الفاسدين الحقيقيين كل هذه الحصانة في مؤسسات الدولة العراقية . تقول لنا الأرقام إن مبيعات البنك المركزي من الدولار منذ الاطاحة بالشبيبي وحتى هذه اللحظة بازدياد .. بل ان تقرير نشره البنك المركزي امس يؤكد ان هناك ارتفاعاً في المزاد الخاص ببيع وشراء العملات الأجنبية, حيث بلغت 235,068,000 دولار أمريكي مقارنة مع 187,299,000 دولار أمريكي قبل أشهر، والرقم الاخير جعل عددا من نواب دولة القانون يولولون وينوحون ويلطمون الصدور من قبل على ضياع العملة الصعبة. فيما قال لنا تقرير أصدره عدد من الاقتصاديين والوزراء وأعضاء مجلس النواب وعدد من الأكاديميين، على كفاءة أداء البنك المركزي خلال الفترة السابقة وأثناء تولي الدكتور سنان الشبيبي لمنصب المحافظ والدكتور مظهر محمد صالح نائباً له.. ففي ندوة اقمها المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي لمناقشة ازمة البنك المركزي كان هناك اجماع حول أداء الشبيبي الذي كان ناجحاً وسليماً في شتى الامور والقضايا التي يختص بها ، فيما تقول لنا تقارير منظمات دولية إن مستوى الفساد الاداري والمالي في العراق أخطر بكثير مما أثاره خبراء دولة القانون في قضية البنك المركزي، ورغم ذلك فإن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها حكومتنا لمواجهة طوفان الفساد تبدو خجولة ومتراخية للغاية إذا ما قورنت بما تم اتخاذه مع سنان الشبيبي ومعاونيه. ودليلا على قوة نفوذ وسلطان الفاسدين والمرتشين ، نجد ان طلبات الاستجواب التي يتقدم بها البرلمان لاستجواب أصحاب المعالي دائما ما تأخذ طريقها إلى غياهب الصمت والنسيان، فيما نجد الحكومة حريصة أن تقف في وجه كل صاحب كفاءة.. وتتعمد ان تهين وتذل رجلا بعمر وقامة مظهر محمد صالح.. ولان مكتب المالكي حريص على محاسبة المفسدين فانه سارع واصدر بيانا زف فيه البشرى للعراقيين، فقد قرر رئيس الوزراء أن يوقع رسميا كتاب إقالة محافظ البنك المركزي السابق سنان الشبيبي.. وهذا بحد ذاته انجاز يضاف إلى سلسلة الانجازات، والتي كان أبرزها نهب ثروات البلد والتستر على الانتهازيين والمفسدين وتحويل مؤسسات الدولة الى إقطاعيات، وإصدار تشريعات تمنح الحاكم من احتكار السلطة إلى ابد الآبدين، وتمكين عدد من المتخلفين اجتماعيا وفكريا في إدارة العديد من مرافق البلاد الحيوية. بعد قرار المالكي التاريخي بإقالة الشبيبي علينا جميعا ان لا نصدق ان هذه الدولة بوضعها الحالي تمنح مناصبها للكفاءات والمخلصين، وعلينا ان لا نصدق أنها مشغولة أصلا بالبحث عن الخبرات.. ويكفيني قرار المالكي هذا دليلا على ما أقوله أو أزعمه، الشبيبي الذي يصفه المختصون في مجال المال والاقتصاد بأنه واحد من الكفاءات الأكثر تميزا.. هو ذاته الذي شتمه مراهقي السياسة وصبيانها.. وهو ذاته الذي قرر القضاء ان يصدر بحقه مذكرة إلقاء قبل دون ان يسمع وجهة نظرة.. فيما القضاء عاجز ومتخاذل أمام حيتان الفساد الحقيقيين.. لان هذه الحكومة التي تكذب صباح كل يوم ترفض ان تمنحه فرصة للدفاع عن نفسه، ولأن الشبيبي الذي لم يضبط يوما متلبسا بالسرقة او مشاركاً في المهرجان الرسمي للسرقة الذي ترعاه الحكومة بامتياز. سنان الشبيبي الذي يقول خبراء الاقتصاد العراقي انه ترك ومعه زملاؤه رصيدا متميزا من الاصلاحات في مجال الاقتصاد .. مطارد اليوم ومقال من الوظيفة، لأن برلمانيين لايفرقون بين " الرياضيات " و "الرياضة" لم يعجبهم ان يعيش معهم تحت سماء واحدة رجل حصل على ثناء وتقدير دولي.. كما أنه لم يكن من السائرين في مواكب المبايعة، ولا من الراقصين في موالد النفاق. ولان سياسيينا الأشاوس مشغولون ومازالوا وسيظلون مشغولين بما هو أهم، من امتيازات ومناصب ومناطق نفوذ وصراع على الكيكة العراقية التي اخبرنا نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي بانها دسمة ولذيذة . ولا ادري كم سياسيا سيشعر بالخجل وهو يقرأ خبر اقالة الشبيبي.. في الوقت الذي ينعم فيه المتخلفون والانتهازيون والمتملقون بكل المزايا والعطايا، والاهم الحصانة من القانون. |