يذهب بعض المختصين بعلم النفس والاجتماع الى ان الفساد نوعان: نوع متوارث ونوع مكتسب، والتوارث على نوعين: اسروي واجتماعي، وخلصوا الى ان الفساد بمفهومه الشمولي هو آفة وداء عضال يصيب المجتمعات، وينخر في كياناتها ويقوّض أركانها، ويجعلها في حالة من الضعف والخنوع، ما يؤدي إلى انحلالها ومن ثم انهيارها وسقوطها في براثن الهزيمة والاضمحلال، ويكون مصيرها كمصير تلك الكيانات التي انقرضت وانتهى وجودها من على وجه هذه الأرض، وأصبحت مجرد حضارات سادت ثم بادت.

والفساد بكل أنواعه وأشكاله حينما يجد له الأرضية الخصبة والمناخ المناسب، وعندما تتوافر له العوامل المساعدة والمشجعة، كالخنوع والإذلال والتبعية والتغاضي وغض الطرف أو التهاون والتهادن مع المروجين له، والتستر عليهم أو مجاراتهم والاقتداء بمآثرهم والسير على خطاهم، ينتشر في المجتمعات على أعلى المستويات كانتشار النار في الهشيم.

وينتشر الفساد ويعم في أوساط المجتمع نتيجة لتفشي الأنانية، وحب الذات وضعف الوازع الديني والتجرد عن الضمير، وانحراف السلوك الإنساني بين أفراد وفئات تسعى للوصول لمكاسب وأهداف معينة، وتحصل من ورائها على مكاسب مادية لتحقق أطماعها ورغباتها، وتتمكن من بسط نفوذها وتمرير مخططاتها.

والمجتمعات التي ينخر الفساد في مفاصلها، وتعاني من أضراره وويلاته، هي مجتمعات مفككة ضعيفة، لا تقوى على محاربتة أو صده أو إيقافه، أو التصدي لمروجيه والمتزعمين له، وتصبح عرضة للإنجراف في تياراته، وتسود تلك المجتمعات حال من الفوضى والإرباك، ما يهدد كيانها وتكون عرضة للتمزق والتفرق والإنهيار والسقوط.

والفساد هو أشكال وأنواع وألوان، فمن الفساد الإداري والمالي والمؤسساتي، إلى الفساد الأخلاقي والخلقي، إلى الفساد السياسي، الذي يعزوه البعض إلى أنه من أخطر أنواع الفساد، لأنه يطال الدولة برمتها وقياداتها وأجهزتها المختلفة، وهو يؤثر على جميع المجالات وعلى مجريات الحياة في أي دولة كانت.

ويقول الخبراء إن من أخطر ظواهر الفساد السياسي هو: (اعتماد دولها في عالمنا الراهن على عناصر مستعدة لإنزال عقوبة الموت بكل المجتمع، إرضاء لتوجهات الحاكم وأوامره غير القابلة للنقاش، ولعل من النتائج السلبية لهذه الظاهرة المزرية انها تجعل الناس خانعين بدرجة تقّبل الأمر الواقع، وهذه الإشكالية بين فرض الفساد وحمايته بسلاح نفوذ السلطة، قد جعلت الكثير من المخلين بتطبيق العدل رموزا للإصلاح).

في حين نرى بأن هناك من يعتبر الفساد الإداري والمالي من الآفات الخطيرة التي تصيب المجتمعات وتنخر في مفاصلها، وتؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار تلك المجتمعات وانقراضها، وفي ذلك يقول الخبراء في علم الاقتصاد وعلم الاجتماع: (الفساد الإداري والمالي يؤثرعلى استمرار الدول والحكومات، وكم من دول انتهت بل كانت نهايتها الزوال من خريطة العالم، وتسبب هذا الفساد في نهاية أنظمة اقتصادية وسياسية، وفي بعض الدول أدى الفساد الإداري إلى سقوط رؤساء حكومات ونهاية بعض الوزراء، واقتادهم فسادهم إلى السجون، وكان سلوكهم وتصرفهم هذا وصمة عار في جبينهم).

ويعزو البعض الآخر لتفشي الفساد الإداري والمالي، إلى أسباب أخرى من ضمنها كما يقول هؤلاء:(من أهم أسباب الفساد المالي والإداري هو بقاء المسؤولين التنفيذيين فترات طويلة على كراسيهم او توفر المناخات لهم لممارسة المسؤولية بشكل مباشر او من خلف ستار)

ومن بين العوامل التي تساعد على انتشار الفساد الإداري والمالي كما يعزوه البعض لأسباب أخرى وهي: (الممارسات المريضة المتفشية التي تعني انحياز الموظف إلى العصبيات الدينية أو المذهبية أو السياسية، أو العائلية أو العشائرية، وتفضيل المنتمين إلى ولاءات الموظف على حساب أصحاب الشهادات والكفاءات والخبرات في هذا المجال أو ذاك).

ووفقا لما مر هل نستطيع ان نتبين فساد جمال الكربولي وبطانته من أي نوع؟

وقائع التكوين الاسروي والاجتماعي تشير الى انه قد نزل الى الدنيا في حومة فساد.

يقول احد الاعلاميين من الكرابلةنحتفط باسمه الى حين ان ( ناصر الكربولي والد جمال ومحمد واحمد ، كان مولعا في شبابه بلعب القمار وسهر الليالي في الخمارات والبارات ، وفي ليلة من الليالي تعرف على احدى أشهر السمسيرات في محلة كوك نزر وتدعى(زكية العلوية ) التي اعجبتها وسامته ، فاختارته معاونا لها في دار الدعارة ، وخلال عمله في الدار تعرف ناصر الكربولي على إحدى الراقصات تسمى بدرية السواس وهي حلبية الأصل وجميلة وجذابة ، فتعلق قلب ناصر الكربولي بها وكانت بينهما علاقة حميمة ، حاول الزواج منها لكن عادات وتقاليد قبيلته حالت دون ذلك ، فبعد عمله بدار البغاء وسلوكه المشين طرده أبوه وأعمامه من بيته وأصبح ناصر الكربولي منبوذا من الجميع ، ثم أصيب بخيبة أمل كبيرة بعد أن تركته عشيقته الراقصة بدرية السواس وتزوجت بأحد ضباط الشرطة وانتقلت للعيش معه في سورية ،ولكن هجرة السواس لم تمنعه من الادمان على بيوت الدعارة ومنازل الغجر والفسوق والرذيلة، فتناوشته الرذيلة من كل حدب وصوب، ولان الادمان على هكذا حالات تفرض على المدمن ان يكون ثريا فقد عالج ناصر ذلك بالسرقة والاحتيال في المعاملات التجارية، حتى تعرض الى ان تاجرا من اهل هيت قد ربطه ذات يوم في زريبة الابقارحتى يسدد ما عليه من ديون. 

ويبدو ان ادمان جمال واخوته على ان تكون الراقصة والمغنية سارة السواس بنت عشيقة ابيهم بدرية السواس جزء من وفائهم لابيهم وانتهاجهم سيرته؟

هل ثمة احد سيربط هؤلاء في زريبة اخرى؟

بكل ثقة نقول ان ذلك قريب ووقوعه مسألة وقت ليس الا.

ولان الشيء بالشيء يذكر لايفوتنا ان نذكر باحتفال جمال الكربولي في اكتوبر من العام 2013 بعيد ميلاده في فندق استي اوتيل الشهير في العاصمة القبرصية نيقوسيا ، وقد احيت الحفل المطربة اليهودية الإسرائيلية سيريت حداد مقابل مئتي الف دولار عدا ونقدا بحضور شخصيات عراقية رفيعة المستوى ورجال أعمال عرب وعراقيين.

انتبهوا رجاء: اذا كانت مئتا الف دولار اجورا لليلة واحدة احيتها مطربة وغانية يهودية اسرائيلية فكم صرف هذا الكربولي على الحفلة ذاتها؟ وكم يصرف كل عام على الغواني والراقصات من اموال الشعب العراقي التي ينهبها؟؟

هل ثمة مناخات فساد اخرى للكربولي هذا؟

اجل.

ففي وقت الاستعدادات لانتخابات عام 2010 التقى جمال الكربولي في العاصمة الاردنية عمان باحد اعضاء القيادة القطرية لحزب البعث المنحل وسلمه مبلغ ستين الف دولار من اجل ان يصدر عزت الدوري تعليمات لاتباعه بانتخاب جماعة الكربولي، ولكن عزت طلب مبلغا اخر فتم تسليم مبلغ خمسة عشر الف دولار الى (ح.م) عضو قيادة فرع في منطقة المقدادية (شهربان)، وقبيل الانتخابات الاخيرة دفع الكربولي مبلغ مئة الف دولار الى عزت الدوري على دفعتين كل واحدة منها بخمسين الف دولار، تم تسليمهما الى عضو القيادة القطرية (ج.هـ) المقيم في اربيل.

وهنا ينزاح تعجب  البعض عن سر انتخاب جماعة الكربولي وهي اسرة متخمة بالفساد الاخلاقي والديني والمالي وتظهر جلية المؤامرة على ضمير الشعب وحاضره ومستقبله وما يدبر في ليل الفاسدين لتحويل العراق الى دولة فاشلة بغية تحطيمها تماما، واختفائها من خارطة العالم كما اختفت الامبراطوريات والممالك التي افسدها القائمون عليها ممن لم يرعوا ذمة ولا ضميرا ولا شرفا ولا عرضا.

وللحديث بقية ايضا.