أيها السادة الحكام الأجلاء يا من وضعت الشعوب الإسلامية ثقتها فيكم وتحقيق آمالها وأحلامها فى أيديكم ، وجعلتكم أمام الله عز وجل أمناء على الحُكم لتنهضوا بدولكم وشعوبكم حتى تتحقق النهضة الكبرى والوحدة العظمى للأمة الإسلامية .
أيها الحكام الأجلاء إن الله عز وجل يقول {{ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا }} ، هذا أمر إلهي يخاطبكم به الله عز وجل لتتوحدوا وتعتصموا وتجتمعوا على ما يؤلف بينكم ويؤلف بين الدول الإسلامية ويوحدها فتأخذوا به وتركزوا عليه حتى تأخذوا بالأمة الإسلامية إلى أسباب العزة والنهضة ليعود لها مجدها وتستعيد دورها الحضاري العظيم .
أيها الحكام الأجلاء ابتعدوا عن كل ما يفرق بينكم وما يفرق بين الدول الإسلامية واجتنبوه لأن الأمر الإلهي بالاعتصام وعدم الفرقة هو أمر إلهي واجبٌ وفرضٌ.
تذكروا قول الله عز وجل : {{ وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا }} فحطموا كل الحواجز التى أقامها أعداءُ الإسلام ليفرقوا بين المسلمين ويجعلوهم بعضهم لبعض عدو .
هؤلاء الأعداء المتربصون بالإسلام والمسلمين بكل مكر وكل حيلة وكل خديعة الذين يخططون ليلاً ونهاراً لزرع الفرقة والتخاصم والتناحر فى البلاد الإسلامية {{ بل مكر الليل والنهار }} حتى يشوهوا صورة الإسلام كدينٍ إلهيٍ خاتمٍ ومهيمنٍ على كل الشرائع السماوية بتعاليمه الربانية وأحكامه الإلهية وآدابه السامية القدسية ؛ هذه التعاليم والأحكام والآداب المبنية على قيم العلم والمعرفة والسماحة والرأفة والسلام والرحمة لكل العالمين .
أيها الحكام الأجلاء اجعلوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدوتكم وأسوتكم واجعلوا قوله الشريف أمام أعينكم : (( مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى ))،
فكونوا أنتم الأعضاء التى تُداوِى حتى يصحَ جسمُ الأمة الإسلامية ويَـقوى فتصعد الأمةُ الإسلاميةُ سلَّم المجد وتعرج إلى سماء الحضارة الإنسانية بتعاليم الإسلام الإلهية المعجزة ، وآداب النبي الأعظم محمدٍ وأخلاقه وعدالته الشاملة الكاملة الناجزة ، وهي قويٌ بنيانٌُها ، متوحدٌ أبنائُها ، عزيزةٌ شعوبُها ، متوحدةٌ دولُها ، منيعةٌ جيوشُها ، خاسرٌ أعدائُها وأعداءُ الإنسانية .
أيها الحكام الأجلاء تذكروا قول الإمام علي بن أبى طالب عليه السلام فى عهده إلى مالك الأشتر عندما وجهه ليتولى حكم مصر :
(( أَنْصِفْ اللهَ وأنصفْ الناسَ من نفسِك، ومن خَاصَّةِ أهلِك، ومنْ لك فيه هَوَى من رعيتِك، فإنك إلا تفعلْ تَظْلِمُ، ومن ظَلَمَ عبادَ الله كان اللهْ خصمَه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجـته، وكان لله حرباً حتى يَنْزَعَ أو يتوب ، وليس شيء أَدْعَى إلى تغيـير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامةٍ على ظلم ؛ فإن الله يسمع دعوة المضطهدين ، وهو للظالمين بالمرصاد، وليكن أحبَّ الأمور إليك أوسطُها في الحق، وأعمُّها في العدل، وأجمعُها لرضا الرعية)) .
أيها الحكام الأجلاء لا تنسوا أن الشعوب قد ثارت على حكامها الظالمين وذاقت طعم الثورة وحلاوتها ، وعرفت قيمة التضحية بالنفس من أجل أن ينالوا حريتهم وكرامتهم فكونوا على مستوى ثورات شعوبكم التى لن تتراجع عن حماية ثوراتها بالغالى والنفيس حتى لو كان الغالى هو الأرواح والنفيس هو الأنفس فلم يعد هناك إلا خيار واحد هو خيار الحرية للشعوب الإسلامية حتى تتقدم وتتطور وتنعم بثرواتها وتأخذ دورها فى ركب الحضارة الإنسانية ، فأتيحوا الفرصة لشعوبكم حتى يرضى الله عنكم ورسوله وترضى شعوبكم وإلا فالغضب الغضب والثورة الثورة .
وختاماً يقول الشاعر الإسلامي الكبير / محمود الطاهر الصافى الهاشمي :
يَا حُمَاةَ الإِسْلامِ كُونُوا جِـبَالا *** واسْتَعِينُوا بِاللَّهِ حَـالاً فَحَـالا
واسْتَمِدُّوا مِنَ الرَّسُولِ صَوَاباً *** وجِـهَاداً وقُـوَّةً ونِـضَـالا
وَحِّدُوا الأَلْفَ مِنْ مَلايَيْنِ شَعْبِى *** لِيَـعُودُوا حَـضَارَةً وكَـمَـالا
فَأَعِـيدُوا قَوْمِى إِلَى خَيْرِ نَهْجٍ *** يَمْـنَعُ الشَّـرَّ والرَّدَى والوَبَالا
إِنْ فَعَـلْتُمْ بَدَا السَّلامُ وجَاءَتْ *** عَودَةُ المَجْـدِ شَامِخـاً يَتَعَالَى