هل يحق للمالكي تشكيل حكومة أغلبية؟

رفع إئتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي شعار تشكيل حكومة أغلبية سياسية ومنذ أنطلاق حملته الأنتخابية قبيل موعد إجراء الأنتخابات النيابية في الثلاثين من شهر أبريل الماضي. وبالرغم من أنه لن يفز بأغلبية مقاعد البرلمان بل فاز بأكثر من ربعها بقليل إلا انه مازال يرفع هذا الشعار. فهل يحق لإئتلاف دولة القانون ورغم عدم فوزه بالأغلبية البرلمانية أن يشكل حكومة أغلبية سياسية؟

لاشك بان هذا النوع من الحكومات مسموح به من الناحية الدستورية , فالدستور لم يفرض تشكيل نوع محدد من الحكومات بل ترك الأمر للكتلة التي تشكل الحكومة. وقد أعطى تفسير المحكمة الأتحادية الحق في تشكيل الحكومة للتحالف الأكبر الذي يولد تحت قبة البرلمان وحرم الكتلة الفائزة من حق تشكيل الحكومة. وبعد ظهور نتائج الإنتخابات الأخيرة والتي فازت بها دولة القانون عادت كتلة التحالف الوطني والتي تضم معظم القوى الشيعية الى الألتآم مجددا لتصبح الكتلة النيابية الأكبر التي ترشح رئيسا للوزراء وتشكل الحكومة.

وبالرغم من ان هذا التشكيل يفتقد الصفة الرسمية مع عدم المصادقة على نتائج الأنتخابات , إلا ان القوى الأخرى سلمت وبشكل مسبق بحق التحالف الوطني في تشكيل الحكومة . ومع إعلان إئتلاف دولة القانون عودته لمظلة التحالف الوطني سقط حقه في تشكيل حكومة أغلبية سياسية أو في ترشيح رئيس للوزراء! لأن ذلك أصبح حق للتحالف الوطني الذي يحدد شكل الحكومة ويحدد هوية رئيسها. إلا أن إئتلاف دولة القانون لازال يصر على هذا الطرح ومن المستغرب أيضا أن يوافقه رئيس التحالف الدكتور أحمد الجعفري عل ذلك. بالرغم من ان ذلك ليس من حقهما بل أمر تقرره جميع قوى التحالف وهو شأن داخلي له.

إلا أن يكون قصدهما ان رأيهما ذلك والأمر متروك للتحالف أو ان رأيهم ان التحالف يشكل حكومة أغلبية سياسية. إلا أن الواقع يثبت العكس. فائتلاف دولة القانون يتحرك على الأرض بمعزل عن قوى التحالف وهو يسعى لتشكيل حكومة أغلبية سياسية عبر التحالف مع قوى أخرى خارج التحالف الوطني! وهذا التحرك يطرح تساؤلات جدية حول حقيقة عودته الى خيمة التحالف الوطني. فلو نجح ائتلاف المالكي في تشكيل تحالف كبير فهذا يعني ان التحالف الوطني ليس من حقه تشكيل الحكومة بل من حق التحالف الجديد الذي يتزعمه المالكي وهو مايعني إنهياره وتفويت الفرصة على باقي أعضائه لتشكيل الحكومة.فهل يحق للمالكي أن يسعى لتشكيل تحالف اكبر وفي ذات الوقت يدعي انه عضو في التحالف الوطني؟

لاشك بأن هذا الفعل ليس من حقه طبقا لكل الأعراف السياسية وللقيم الأخلاقية والأسلامية. كما وأن لهذا الفعل تداعيات خطيرة. فهو سيجعل قوى التحالف الأخرى وخاصة الإئتلاف الوطني في حل من الألتزام بالتحالف والتحرك على باقي الكتل الأخرى لتحقيق أغلبية برلمانية وتشكيل الحكومة. وهذا يعني في النهاية تفكك التحالف الوطني وبالتالي ضياع حق الأغلبية الشيعية في تشكيل الحكومة. وحتى لو نجح أي منهما في تحقيق الأغلبية البرلمانية فإن تلك الحكومة ستعاني من خلل في تمثيل المكونات نظرا لعدم إجماع المكونات الأخرى على أي منهما.

واما إن كان يقصد إلأئتلاف الوطني أو إئتلاف دولة القانون تشكيل حكومة أغلبية شيعية من التحالف الوطني الذي يرحب بدخول المكونات الأخرى فيها فهو من حقهم ولا غبار عليه من الناحية الدستورية . إلا أن هذا الطرح لا يتبناه إئتلاف دولة القانون فهو يسعى لتشكيل حكومة أغلبية سياسية من قبله وكذلك يفعل إئتلاف دولة المواطن كرد فعل على مساعي المالكي. ولذا فليس من حق إئتلاف دولة القانون أن يعلن سعيه تشكيل حكومة أغلبية سياسية بالأشتراك مع قوى من خارج التحالف إلا أن يعلن إنسحابه من التحالف الوطني وحينها فلهو الحق كل الحق في ذلك. كما وانه ليس من حقه ترشيح المالكي لولاية ثالثة لأن ذلك من حق التحالف الوطني حصرا وحتى لو إنسحب منه فليس من حقه ذلك لأنه لا يمثل التحالف الأكبر لحد اللحظة. غير انه من حقه أن يعلن أن مرشحه لمنصب رئاسة الوزراء نوري المالكي لكن الأمر متروك للتحالف الوطني ليقرر ذلك.

إن لعبة وضع رجل داخل التحالف الوطني وأخرى خارجه والتي يلعبها المالكي اليوم سوف لن تزيد الأمور الا تعقيدا وستعطل تشكيل الحكومة لمدة طويلة وستؤدي الى زيادة التوترات واشتداد الخلافات والتنافس بين اقطاب التحالف الوطني وبالتالي ستؤدي الى تمزيق هذا التحالف. ولذا فإن إئتلاف المالكي مطالب بالتحلي بالشجاعة اليوم والكف عن اللف والدوران وذلك بان يعلن إنسحابه من التحالف الوطني ويسعى لتشكيل حكومة أغلبية برئاسة المالكي وبغير ذلك فعليهم الصمت وعدم السعي لتشكيل مثل تلك الحكومة من وراء الكواليس, إذ إن شكل الحكومة وهوية رئيسها حق يمتلكه التحالف الوطني حصرا وإئتلاف دولة القانون مطالب بالرضوخ لآلياته.