أقوال مثال قبل الإنتخابات وبعدها

المراهنة على اللاأخلاقيين أمر مغرٍ، رغم أنه بذاته عمل لا أخلاقي، وغالباً ما لا يأتي للقائمين به، بأية نتيجة إيجابية تبرر التضحية الأخلاقية التي تحملوها من أجله، فخسروا المكاسب وخسروا الموقف. 

في الماضي القريب، راهن البعض من هؤلاء على عميل 14 مخابرات دولية باعترافه، ومتهم بالقتل والتعذيب، اياد علاوي، دون أن يكون لتاريخ الرجل وحاضره ما يردعهم عن ذلك. فمادام هناك شخص يقدم نفسه كبديل "علماني" للأحزاب الإسلامية في العراق، فأهلا به مهما كان مشبوهاً، وكل ما يحارب الإسلام السياسي بالنسبة لنسبة كبيرة من العلمانيين، مشروع ومبرر، مهما كان لا اخلاقياً. سرعان ما اكتشف هؤلاء حقيقة ما انتخبوه حين صرح علاوي بعد انتخابه أنه لا يعارض الإسلام السياسي وتشكيل الأحزاب على أساس ديني! تلك طبعاً بالنسبة لهم كبرى الكبائر، فهم مع بوصلتهم القيمية المجنونة، يتساهلون مع العمالة لأميركا وإسرائيل وتاريخ أسود من التعذيب في قصر النهاية واغتيالات في الخارج لحساب حزب البعث، ولا يتساهلون مع قبول شرعية الإسلام السياسي! 

 

هاهي القصة تتكرر مع مثال الآلوسي بذات علاماتها على مستوى الأخلاق والمنطق والنتيجة المرة. 

وهاهي نفس المجموعات ونفس الناخبين يضعون بيضهم في سلة فاسدة أخرى مماثلة، سلة مثال الآلوسي، ولذات الأسباب الوهمية وكأنهم يبحثون في كل مرة عن لا أخلاقي ليتجاهلون جبال من الحقائق التي تضع نفهسا أمامهم ويضعون آمالهم عليه، وكأنهم قد اقتنعوا أن "اللاأخلاقيين هم الحل"، فلننظر ماذا فعلت تلك السلة ببيضهم هذا.

 

الشيء الوحيد الذي كان الآلوسي يركز عليه في حملاته الإنتخابية الأخيرة هو هدف إزالة الحكم السيء للمالكي وحكومات المحاصصة ورفع راية التغيير عالياً. ووصلت خطاباته النارية حد الشتائم لـ "خصومه". لنقرأ ونتذكر:

 

أقوال مثال قبل الإنتخابات:

 

"ولكم صيروا دولة فضحتونا.. مكتب نوري المالكي متهم بالفساد والجريمة والخروج عن الدستور والقانون"(1)

 

"هذه الحكومة الفاشلة .. لا أستثني منهم أحدا، .. لكن رأس الداء ورأس الفشل والمدعي الكبير نوري المالكي."...

"حكومة مستشارين وسماسرة ومرتزقة وسراق المال العام"... 

"وجود هذه الحكومة بهذه التشكيلة أمر خطير ومرعب".... 

"يجب أن يدرك السيد المالكي أن العراق مو مال الخلفوه"....

"المالكي لا يمكن أن يوصف على الأقل إلا بأنه شيطان أخرس".... 

"نحن عايشين في متاهة الشعوذة اللادولة اللاعقل اللاضمير"....

"على الحكومة أن تكف عن الخطاب الطائفي"...."هذه الحكومة مستنقع إيراني بغطاء أمريكي من الفاشلين من المتهمين من المزورين واكبر المتهمين هو السيد المالكي .. نوري المالكي لا يمثلني ولا يمثل المحرومين ولا المظلومين"...

"هذا يمثل أدنى مستويات الحكم المتخلف الموجود الآن في العراق"...

"انت فشلت أرجوك أن تقدم الإستقالة"...(وشبه خطاباته بخطابات صدام وعزت) ..

"بأوراق الحيلة والكذب والتزوير.." "(2)

 

"فروخ الحكومة معروفين. إحنا رجال العراق مو فروخ الحكومة"(3)

 

"إذا انت رئيس وزراء أطلع بالشارع"

"مكتب المالكي اخذوا مني رشوه"(4)

 

"أنت سيدي نوري المالكي تدعو الى التفرقة وقد فرقت الشعب ..أنت تدعو إلى حمل السلاح وتدعم الميليشيات .. تجاوزت على الدستور ومتهم بسرقة المال العام وقتل المواطنين وتوجه الإتهامات إلى كل  صوت حر" ... 

"لن تتمكن من إسكاتنا..(كما) لم يتمكن صدام ..وستحاسب في محكمة الشعب يوماً ما إنشاء الله قريباً وستقف في المحكمة التي وقف فيها صدام أنت وزبانيتك الذين استهتروا بالمال العام والدم العراقي"(5)

 

"رئيس الوزراء العراقي الفاشل والمتهم بالفساد المالي والمتهم بجرائم كبرى.."...

" لست أنا (وحدي) من قال ان نوري المالكي كذاب المظاهرات تهتف..."...

"يعز علي أن اصف رئيس الوزراء بأنه يكذب لكن هذا هو الواقع"... 

"أنا لا أخاف من نوري المالكي" .. 

"المخابرات السورية الظاهر لديها مستمسكات وفايلات كثر على رئيس الوزراء"... 

"لا أخاف الكاذب ولا أخاف الفاشل ولا أخاف من يختل في الخضراء".. 

"من صدام ماخفنا حتى نخاف من الأقزام الذين يتخيلون أنهم بإمكانهم أن يملكوا ويحكموا العراق"... 

"هو اللي اخترق الدستور وهو اللي استخدم الجيش لقتل المواطنين"... 

"عيب عليك أن تكذب"...

"انت فاسد وحكومتك فاسدة وسنذهب إلى الإنتخابات"..(6)

 

أقوال مثال بعد نهاية الإنتخابات:

"دعا عضو التحالف المدني الديمقراطي مثال الآلوسي، الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات إلى تشكيل حكومة شراكة وطنية فعلية للخروج من الأزمات السياسية التي تشهدها البلاد!

وأوضح أن "الأمم عند ما تدخل في محنة سياسية خطرة أو أزمات تشكل وحدة وطنية للخروج من تلك الأزمات." ودعا الآلوسي إلى "تشكيل حكومة شراكة وطنية فعلية كي تتحمل كل الكتل السياسية المشاركة في الحكومة والبرلمان نتائج نجاحها أو فشلها وأن لا يقع اللوم على كتلة واحدة". ..." إنتهى الخبر! (7)

إنه يدعو بالضبط إلى تشكيل ذات الحكومة، شكلاً وأشخاصاً، التي ركب أعلى خيله ليقود جماهير الناخبين ضدها، بل يدعو أكثر من ذلك بصراحة إلى تشكيلة مصممة عمداً لكي تضيع فيها المسؤولية وتتوزع "على كل الكتل السياسية" لكي "لا يقع اللوم على كتلة واحدة"! 

ومن المؤكد أن الآلوسي حينما يتحدث عن "الكتل السياسية الفائزة"، و مسؤولية تتوزع على "كل الكتل" فإنه بلا شك يشمل بكلامه كتلة المالكي أيضاً، والتي كسب الإنتخابات بالشعارات ضدها وتقديم نفسه كوعد لتحطيمها، فكيف نترجم هذه العبارات الأخيرة وكيف نربطها بالتصريحات السابقة؟

لاشك أن مثال الآلوسي كان يأمل أن "كلام ليله" قبل الإنتخابات، سوف "يمحوه" نهار ما بعد الإنتخاب، وتنسى الناس كل ما قاله أو تضيع تفاصيله فلا يبقى منه سوى موقف مبهم لا يمسك بخناقه منه، لكننا نخيب آماله هنا ونثبت كل حرف كاذب ومنافق تلفظ به وخدع به المجموعات الساذجة التي ركضت للأسف وراء سرابه اللاأخلاقي رغم تحذيراتنا، وهي مسؤولة عن موقفها هي الأخرى، وها نحن نضع أمامه وأمامها ذات الحقائق والأسئلة، وليجب منهم من يستطيع، أو ليلزم الصمت خجلاً:

فكيف يريد مثال تشكيل "حكومة شراكة وطنية فعلية" مع من قال أنهم "الأقزام الذين يتخيلون أنهم بإمكانهم أن يملكوا ويحكموا العراق"؟ 

كيف سيبني العراق مع "حكومة مستشارين وسماسرة ومرتزقة وسراق المال العام"، وجودها "أمر خطير ومرعب"، والتي جعلت الشعب يعيش "في متاهة الشعوذة اللادولة اللاعقل اللاضمير"....كما أفهمنا؟

كيف يشكل حكومة وطنية مع: "مستنقع إيراني بغطاء أمريكي من الفاشلين من المتهمين من المزورين"؟

 

وعلى المستوى الشخصي، كيف سيصافح غداً "المتهم بالفساد المالي والمتهم بجرائم كبرى"؟

وكيف سيتعاون هذا الذي يستهجن الكذب، مع الذي يحكم "بأوراق الحيلة والكذب والتزوير.."؟

وكيف سيثق ويخاطر بـ "سمعته" مع من قال له بنفسه: "انت فاسد وحكومتك فاسدة"؟ 

كيف سيؤسس للعراق الدستوري اللاطائفي مع "الشيطان الأخرس" الذي دعا "إلى حمل السلاح ودعم الميليشيات وتجاوز على الدستور؟"

و كيف سيتحمل مسؤولية الشراكة والحكم مع "متهم بسرقة المال العام وقتل المواطنين"؟ 

كيف سيجلس على طاولة واحدة مع من قال له قبل بضعة أسابيع لا أكثر:"عيب عليك أن تكذب"، ووصفه بالجبان الذي "يختل في الخضراء" واتهمه بأنه يدير مكتب للرشاوي، كان هو ضحيته؟

وكيف سيبني العراق مع "اكبر المتهمين" ، "رأس الداء ورأس الفشل والمدعي الكبير" الذي "يمثل أدنى مستويات الحكم المتخلف الموجود الآن في العراق"...وتوعده "ستحاسب في محكمة الشعب يوماً ما إنشاء الله قريباً وستقف في المحكمة التي وقف فيها صدام أنت وزبانيتك الذين استهتروا بالمال العام والدم العراقي"؟ 

أليس هو ذات "الدم العراقي" الذي يريد مثال أن يقنعنا أنه ذهب إلى إسرائيل وضحى بسمعته وولديه من أجل أن يعرف معلومات إرهابية في إسرائيل لكي يوقفه؟ أين هي تلك المعلومات الثمينة التي عاد بها؟ وكيف عاد بعد الإنتخابات ليتحالف مع من "استهتر بهذا الدم" لتشكيل "حكومة شراكة وطنية فعلية"؟ 

ليس لدي سوى جواب واحد يصلح لتفسير موقف مثال والإجابة عن كل هذه التساؤلات معاً. إنه يقول : "هاقد فزت بالمقعد. أنسوا كلامي السابق عنكم، فما قلته لم يكن سوى ضرورات أنتخابية لخداع الشعب سبق لكم أن صعدتم بمثلها، والآن أريد مشاركتكم الغنيمة التالية"، ومن لديه ترجمة أخرى لأقوال مثال فلينورنا بها، والسؤال موجه لكل من دعمه ودافع عنه، ومازال يعتبر وصوله للبرلمان "مكسباً"! أما من انتخب مثال ويشكو اليوم مرارة خيبة الأمل فليس لدي سوى أن أكرر على مسامعه المثل العراقي الرائع الذي قلته لناخبي أياد علاوي يوماً، بلا تشذيب أو تلطيف: "اللي يمشي ورا الزمال، يتلكه ضراطه".. وصدق "أبو المثل"..