الربيع العربي ..... والإسلام السياسي

ان الصراع الذي شهدته الساحة العربية منذ منتصف القرن العشرين بين التيارات الإسلامية والقومية والشيوعية ,وما ترتب عليها من مذابح يندى إليها جبين البشرية,وتعطيل مسيرة الحياة على جميع الأصعدة ,والخسائر البشرية الكبيرة التي دفعها المواطن العربي لا لشيء إلا لأنه يعيش في منطقة تنعدم بها الحرية ,أفضى إلى سطوة التيار القومي على السلطة في اغلب البلدان العربية ,وتحول الأحزاب الإسلامية إلى أسطورة نتيجة ماتحملوه من قسوة مفرطة من قبل التيار القومي الذي امسك بالسلطة وسخرها لإقصاء وتغيب كل التيارات الأخرى.

وبعد ان رافقت تلك الفترة سيطرة الجيش على الحياة السياسية من خلال الانقلابات العسكرية التي أوصلتهم إلى السلطة ,وإخضاع الدولة بكل قواها لسيطرتهم وغياب النظام الديمقراطي, في ظل تلك الظروف كان أمل الناس في الإسلام السياسي الذي عبر عن نفسه بشكل واضح من خلال توجه الإخوان المسلمون للمشاركة في الحياة السياسية في مصر .

ان الاضطهاد السياسي القاسي الذي تعرض له الإخوان في مصر من قبل ثورة تموز عام 1952 أفرز بروز التطرف داخل التيارات الإسلامية ,منها جماعة التكفير والهجرة التي كفرت المجتمع ودعت إلى هجرته لكي تكون مسلما وإلا فأنت كافرا مادمت تعيش في هذا المجتمع, وغيرها من التنظيمات الإسلامية الأخرى.

ثم جاء تنظيم القاعدة الذي كانت المخابرات الأمريكية والسعودية وراء تأسيسه يعد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان عام 1979 , لتعقد المشهد السياسي من خلال الإرهاب الذي مارسته دون تمييز بين المسلمين وغيرهم ,فشوهت بذلك القيم السمحاء للاسلام الحتيف بعد فشلها الذريع في إيجاد الحلول الصحيحة للمشكلة العربية التي تتمثل بغياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وانعدام الحرية التي توفر المناخ المناسب لنظام اجتماعي عادل .

ان المطالب التي كانت الأحزاب الإسلامية ترفعها كشعار لتحقيق العدل الإلهي , وتتهم الأحزاب القومية بالظلم والفساد والخروج عن مبادئ الإسلام واتهامها بالعمالة وخيانة القضية العربية المركزية وهي القضية الفلسطينية ,قد كشف زيفها الربيع العربي الذي أوصل تلك الأحزاب إلى السلطة .

فهاهي ألان تمارس الإرهاب والقتل وتغض النظر عن اتفاقية كامب ديفيد الذي اغتيل السادات بسببها بعد توقيعها مع إسرائيل , اذ تعيش الساحة المصرية نفس الإحداث التي كانت في أواخر عصر مبارك دون ان يحدث تقدم بمقدار ذرة خردل , بل الأمر ينذر بالشؤم بعد ان شعر المصريون بسرقة ثورتهم من قبل الإخوان, كونهم حصروا السلطة بأيديهم وتدخلهم بمرافق الدولة وتعيين إتباعهم بها وخاصة الصحافة التي تعتبر ركيزة مهمة في الحياة السياسية المصرية .

إن مانريد ان نقوله ان من حسنات الربيع العربي هو كشف زيف الإخوان وإتباعهم في البلدان العربية ,بعد إن أوصلهم إلى السلطة ففعلوا في فترة قصيرة مالم تفعله الأحزاب التي سبقتهم في الحكم والتي استمرت لفترة طويلة فيه.

والعراق اصدق مثال على الدور الذي يقوم به الحزب الإسلامي الذي هو امتداد لإخوان مصر, فهو شريك في الحكم ويمارس المعارضة وهذاه من الغرائب التي تشهدها الساحة السياسية, ويحمل بنفس الوقت مشروع خارجي تركي _قطري إخواني يهدف إلى تقسيم العراق.هذا ماكشفه زيف الربيع المستورد وسوف تنكشف اشياء واشياء في قادم الايام طالما اطلق العنان للجماهير والتعبير عن ارادتها عبر كل الوسائل لكن المؤسف حتى بعض من الجماهير صارت مزيفة وفق هذا المنظار بسبب ضيق افقها وسذاجة طرحها وتحكم اجندات خارجية بمصيرها ومصير بلدها مثلما شهدته اليوم تظاهرات المنطقة الغربية في العراق , حيث بانت عورة هؤلاء وقبلهم حزبهم اللا أسلامي الذي دخل العملية السياسية بثوب الدين والدين منه براء لأن الدين لايؤمن بالارهاب والقتل والخيانة.