صراعات جمّة لمرحلة ما بعد الإنتخابات العامة.. هل من رؤية للخروج من مخاطر محدقة بمصير العراق؟ |
موجز: جرت الإنتخابات العامة في 30 نيسان الماضي، وكانت النتائج، وإن لم تفرز تغييّرا مهما على التركيبة العامة للقوى السياسية التي كانت مهيمنة على العملية السياسية، إلا بشكل هامشي؛ فاللاعبون الأساسيون هم أنفسهم تقريبا الذين عادوا، ولكن بتفتيت بسيط لبعضهم، وبزيادة بسيطة في مقاعد الكتلة المالكية التي كانت تقود الحكومة بشخص السيد المالكي، رئيس الوزراء خلال الدورتين الإنتخابيتين الماضيتين، منذ حاولي ثمان سنوات. ومعلوم أن كتلة المالكي، دولة القانون، قد أحرزت أعلى الأصوات بما يساوي 95 مقعد في مجلس النواب، تليها كتلة الأحرار ب34 مقعد، ثم المواطن ب 29 مقعد، ثم كتلة متحدون ب 23 مقعد، ثم كتلة الوطنية ب 20 مقعد، بينما نالت كتل أخرى دون ذلك، اي بضعة مقاعد، وبنسب مختلفة، منها كتلة العربية ب 9 مقاعد والفضيلة ب 6 مقاعد، والتحالف المدني الديمقراطي ب 4 مقاعد. تفصح هذه النتائج عن أن التركيبة الطائفية لم تتغير بدرجة مهمة، إنما إنفتح مجال طفيف، غير مؤثر عمليا، على طبيعة العملية السياسية، وهو حصول تحالف الداعين الى إقامة حكم مدني ديمقراطي، بعيدا عن الطائفية والمحاصصة، وبالإستناد الى مبدأ المواطنة العراقية والمساواة الكاملة أمام القانون، حيث يكون العراقيون، بغض النظر عن إنتماءآتهم الفرعية، الدينية والطائفية والعرقية والمناطقية، هم مصدر السلطة واصحاب السيادة الكاملة على ثروات بلادهم وكيفية التصرف بها. نقول، ان هذا المنهج المتقدم، لا يشكل الآن سوى بصيص أمل، حيث سيبقى تأثيره بحدود حجم وزنه الإنتخابي الضئيل، آخذين بالإعتبار، مقومات الهيمنة والإمكانيات المالية والتمترس الإعلامي لإصحاب الكتل الكبيرة العائدة للسلطة، من جهة، والإنسياق العاطفي والطائفي لإغلبية الناخبين في العراق ضمن علبهم المذهبية والعرقية والعشائرية، القائمة اليوم، من جهة أخرى. وعليه، فإن مسألة تقويم مسار العملية السياسية، لنقلها من منهجها المكوناتي؛ طائفي، عرقي، مناطقي؛ الى المنهج المدني الديمقراطي العلماني سيستغرق زمنا قد يطول الى عقد أوعقدين آخرين من الزمن، ولكن ذلك سيعتمد على مقدار قدرة القوى اليمقراطية المدنية على النفوذ الى وعي الناس، لتحريرهم من قيودهم المكوناتية الضيقة والتفتيتية والضارة بمستقلهم ومستقبل أبنائهم، إذ لا تنمية حقيقية مستقلة ومستدامة ممكنة لشعب مجزأ ونظام حكم يقوم على التشرذم والمحاصصة، ومستبعِد لكل الكفاءات التكنوقراطية المستقلة والتي يستوجب وجودها لتحقيق كفاءة الأداء الحكومي والخدمي التنموي. كما أن نوع القيادة الفاعلة التي سيقدمها التحالف المدني الديمقراطي من خلال نوابه الأربعة ستكون في المحك الحقيقي من حيث قدرتها القيادية ومقدار مقبولية شخوصها لدى الجماهير، فضلا عن مقدار رصانتهم العلمية والثقافية، وسيكون الزمن الآتي مسبارا تجريبيا لقدراتهم، وعلى القوى الديمقراطية المدنية والديمقراطية أن تضع زخم قدراتها على الجماهير الواسعة لا الإرتهان الى ممثلين قلائل في مجلس النواب، لهم اغراضهم السياسية والشخصية، وهناك من يضع علامات إستفهام عليها؟ |