الحاجة للخلوة بالنفس... توفيق الدبوس

بين العُزلة والاجتماع يَظهر الفَرح والاستمتَاع ..! -هذه مقالة ليست لي وهي منقولة للعلم -ولكنها أعجبتني فوددت أن أنقلها لكم وعندما أعلم من كتبها سأخبركم ـتحياتي

مِن المُؤكَّد أنَّنا نَعيش في زَمن الضَّجيج والضَّوضاء، وانتهاك الخصوصيّات، وكَشف التَّداعيات، التي تَمرُّ عَلى الذَّاكرة في كُلِّ حَاضرٍ وآت..!
كُلُّ هَذا الضَّجيج الكَوني يَتطلَّب أن يَخلو المَرء بنَفسه، هَاربًا مِن الرَّكض خَلف القَطيع، والسّير ورَاء النَّاس، وهذا لن يَتحقَّق إلَّا مِن خلال جلوس المَرء مَع نَفسه على انفرَاد، على الأقل سَاعة كُلّ يَوم..!
إنَّ الوحدة خَيرٌ مِن جَليس السّوء، هَكذا يُقرِّر العُقلاء.. كما أنَّ بَعض العُلمَاء يَعتبر السّجن نَوعًا مِن أنواع «الخلوة»، التي لا تُطاردها هيئة الأمر بالمَعروف، إن لَم تَكن هي «المُسبِّب لها»..!
وفي القُرآن الكَريم، يَقول الرَّب -جَلَّ وعَز-: «أَن تَقُومُوا لله مَثْنَى وَفُرَادَى».. وذَاك أوثق لبَثِّ التَّفكير، وزَرع روح التَّأمُّل في العَقل البَشري، ولو تَدبَّر المَرء سِيَر أي نَبي مِن الأنبياء، لوَجد أنَّه كَان يَخلو بنَفسه في غَار أو صَحراء، أو مَنطقة غير مَأهولة، ومَا ذَاك إلَّا لتَمكين المَرء لكي يَأخذ مساحة مَع نَفسه..!
يَقول المُفكِّر «جَاكسون براون: في كِتابه «مميّز بالأصفر»، وهو عِبارة عَن «مُقرَّر مُختصر» في العيش بحِكمة، والاختيار بذَكاء، يَقول: (اقضْ بَعض الوَقت بمُفردك)، وهذا أمر ليس بالسَّهل، خَاصَّة عند أولئك الذين يَشعرون بالاستيحاش مِن أنفسهم.. وفي ذلك يَقول السيّد «إيدا ليشان»: (عندما لا نطيق تَحمُّل الوحدة، فإنَّ هَذا يَعني أنَّنا لا نُقدِّر عَلى الأرجح، الصَّاحب الوَحيد الذي يُرافقنا مِن المَهد إلى اللَّحد.. «أنفسنا»)..!
إنَّ الخَوفَ مِن الاستفراد بالنَّفس، يُشير إلى مُؤشِّرات خَطيرة، ليس أقلّها خَشية المَرء مِن مواجهة نَفسه، بل ومُحاسبتها..!
إنَّ المَرء يَشعر بوحشة واستيحَاش مِن النَّاس الذين أساء إليهم، وكَذلك يَشعر بالخَوف مِن الاستفراد بنَفسه مَتى ظَلمها، أو شَعَرَ بخوفٍ مِنها..!
تُرى كَم مِن البَشر الذين نَراهم لَيلًا ونَهارًا يَرتبطون بعلاقة ود ومحبَّة مع أنفسهم، بحيثُ يَتجاسرون على الاستفراد مَعها والاستئناس بها..؟!
حَسنًا.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: إنَّ الاختلاء بالنَّفس يَختلف كَثيرًا عن الانطوَاء أو الانسحَاب مِن الحياة.. لأنَّ الخلوة نَاتجة عَن الرَّغبة في اعتزال النَّاس، حتَّى يَتمكَّن المَرء مِن إعادة صياغة نَفسه، ومِن ثَمَّ الالتقاء بهم مرَّة أخرى، بَعد أن ذاق لذّة الخلوة، ولن تُعرف الأمور إلَّا بأضدادها، ولن يَكشف مَزايا الخلوة إلَّا ضَجيج الاختلاط، والصَّخب مَع وبالنَّاس.. أمَّا الانطواء فهو مَرض تَعيس، يَنتج بسبب عَدم قُدرة الفَرد عَلى التَّأقلم مَع الآخرين، والعَجز عن التَّواصل مَعهم، لذلك فَكَّر عَزيزي القَارئ وعَزيزتي القَارئة مِن أي «الخلوتين» أنت.. وتَأكَّد أنَّ الوحدة خَيرٌ مِن جليس السّوء، كَما أنَّ فَريق الوحدة خَيرٌ مِن نَادي حِرَاء..!.