مسؤولية أمريكا في ذبح العراقيين!!

يعترف المسؤولون الأمريكيون بأخطائهم متأخرين، لكنهم يغضون الطرف عن نتائجها المريرة على الأرض، و ما يحدث في العراق لا يحتاج الى ندم بل الى محاكمات دولية لأن الوطن و الشعب يذبحان يوميا بسلاح أمريكي ولا من مجيب ، فكل فريق يرمي فشله على الأخر و الضحية هم أبرياء ما أطلقوا عليه " العراق الجديد".. عراق الفتن و المحاصصات و التوافقات على الطريقة الأمريكية

بالأمس قال الدكتور بيتر منصور الضابط التنفيذي للجنرال ديفيد بترايوس خلال ادامة الزخم في العراق 2007 – 2008 ، ان خبراء محاربة الإرهاب في الولايات المتحدة لا يعرفون ما جرى في العراق، فكيف للشعب الأميركي ان يعرف، موضحا ان أول غلطة ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق كانت افتراضها بأن الحرب ستكون حرب تحرير وان البنية التحتية ستبقى على حالها دون ان تتأثر، معترفا بوجود " فشل في التخطيط لاحتلال طويل الأمد".

ويذهب الضابط الأمريكي المطلع الى حد الاقرار بالندم على سوء التقدير الأمريكي في قرارات مصيرية من بينها اجتثاث البعث بدلا من تنحية قياداته فقط، و الثانية حل الجيش الذي كان يحظى باحترام الشعب، أما الثالثة فهي تعزيز السياسة الطائفية من قيادات عاشت خارج العراق بينما كان الصحيح تأسيس هيئة حاكمة من العقول العراقية الموجودة في داخل البلاد، وهو ما يحدد من وجهة نظر العسكري الأمريكي حالات الشطط و التضليل وعقدة " النفوذ النفطي" التي اشار اليها فيلم " دبليو بوش" يوم احتدم النقاش بين اركان ادارته فقال الى نائبه ديك تشيني " لم أعرف عنك هذه الخبرات النفطية.. باول هل انت معنا الى الحرب".

و اليوم تطرق وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الباب نفسه ، عندما تكشف في كتاب " خيارات صعبة"، الذي ينشر الأسبوع المقبل ، عن خطأ ارتكبته عندما صوتت لصالح العمليات العسكرية في العراق عام 2003، وكأنها تتحدث عن خسارة لعبة على النت أو فقدان نظارة شمسية ، فيما الحقيقة غير ذلك .. استهتار أمريكي بأرواح شعب بأكلمه وخيرات و مستقبل وطن، بعد ان تركوا خلفهم "جماعة" لا تشبع من القتل و الفساد و مصادرة حقوق الأخرين، ما ينطبق عليه المثل العراقي " فرخ البط عوام"، فتجربة الفلوجة تتكرر بنفس همجية القتل و الدمار الأمريكية، بينما ارهاب المواطنين في سامراء و تكريت و الموصل تمثل استنساخا لكل عناوين الفشل، التي تردده آلسنة المسؤولين الأمريكيين بلا حياء، وتحاول " عقلية كوبلز العراقية " وصفه بانتصارات كبيرة، كيف لا و المستهدف هو استقرار العراق و وحدة ابناء شعبه و نهب خيراته.

نحن نعرف ان للمحتل أهدافه التي لم تكن يوما لنشر العدل أو البناء الصحيح، حيث تحفظ ذاكرة العراقيين الكثير جدا من الشواهد الحية من توزيع العثمانيين الخبز على العراقيين من بوابات القطار ، مرورا بتجهيل الشعب و تمزيقه بحسابات بريطانية خبيثة تتواصل في نتائجها الى اليوم، و التي أكملها " جهل أمريكي " بالمنطقة رمى بكل حمم الخراب على العراق, سلب مشروعه الوطني.

لكن ما لا نجد له تفسيرا حالة الضياع للمسؤولية العراقية، الشعب يقتل بدم بارد و سيادة الدولة منهوبة و لا يستحي المسؤول العراقي من الظهور بهيئة صانع القرار، و من هنا فان المشكلة ليست

بلا أشخاص بل فيما ينفذونه من مشاريع، لا علاقة لها برضا او رفض العراقيين، لأن الجماعة تم تنصيبهم بارادة المحتل فاستنسخوا معه مهمة الامساك بالسلطة، و سيبقى "الحال من بعضه" ، كما يقول المصريون طالما تتواصل استراتيجية تغييب الارادة الوطنية، وطالما اصبح العزف على اللحن الطائفي مهمة اصحاب القرار، بينما المنطق يقول عكس ذلك، ما يعني أن نكبة العراقيين مركبة و لا تحلها الأماني بل مواجهة السياسيين بكل أخطائهم سيما و أن حساباتهم غير مدونة في ذاكرة العراقيين!!