ماذا لو كان (رعد) ابناً لـ(علي الشلاه)..؟

م يتجاوز عمر(رعد كاظم) الثالثة عشر. ولكنه يقوم بمهة يعجز عنها الكثير من الرجال. ففي صباح كل يوم والى مابعد الظهيرة يقف (رعد) بعربته الخشبية منتظراً الزبائن، لينقل مشترواتهم من السوق (سوق باب المعظم) الى بيوتهم في المناطق المجاورة .
رعد..هذا لايشكوا من تعب مع انه يدفع عربته بكل ما أوتي من قوة، وحين يتعب وعلامة التعب عند رعد غزارة التعرق. فأنه يتوقف ليسترد أنفاسه ثم يعاود دفع العربة بحملها الثقيل.
مرة، سألت (رعد) عن مدرسته ؟ فأجاب: تركتها مضطراً، فأنا اعيل اختين صغيرتين وأمي.. واضاف: من لهن غيري وإذا ما تركت العمل هذا وعدت الى المدرسة ، فمن يوفر لهن الخبز ؟ ومن يدفع ايجار البيت؟
وسألت رعد: ماذا يعمل والدك؟ فأجاب، والدمعة قد تسربت على خده ، قائلاً: والدي استشهد في الكرادة بتفجير ارهابي قبل ثلاثة شهور.. وكان هو معيلنا، وكنت على حياته أدرس ، فأنا في الصف السادس الابتدائي. ولكن –يقول رعد- بعد موته، لم يعد لنا مورد رزق، فتركت المدرسة لاعيل أخواتي وأمي فأنا رجلهن الوحيد وأن كنت صغيراً .
وسألت رعد ثالثةً: ألم تعطكم الحكومة راتباً بعد أستشهاد والدكم ؟ فأجاب : ماجاءنا أحد منهم، وأذكر أنه في اليوم الأول لاستشهاد والدي جاء الى بيتنا واحد من المجلس البلدي وأعطى إمي (750الف دينار).. والمبلغ هذا انفقته الوالدة على دفن ابي واقامة عزاء في البيت بعد دفنه !
قلت لرعد.. وهل يكفي ماتحصل عليه من عملك هذا لسد احتياجات العائلة؟ فأجاب بحزن شديد: لا والله انه لايكفي.. وعليَّ أن أذكر لك بأن الرعاية الاجتماعية وبعد موت والدي قد خصصت لنا راتباً بحدود(400 الف دينار) كل شهرين .
وسألت رعد أخيراً: هل تفكر بالعودة الى المدرسة؟ فأجاب : ومن يعيل أخواتي وامي ؟ واضاف : مازلت أمر على باب المدرسة كل يوم والتقي اصدقائي، وهم الآن قد استلموا شهاداتهم. وقد بكيت طويلاً عندما رأيتهم فرحون بنجاحهم وأنا كما ترى حالي؟
رعد.. هذا واحد من مئات الآلاف من الاطفال الذين حرموا من الشعور بالطفولة في العراق(الديمقراطي) الجديد!.. رعد،هذا لم يجد من يقف الى جانبه ، فلا الحكومة التي دوختنا بادعاءاتها ومزاعمها عن حرصها على تكريم عوائل الشهداء والسهر عليهم .
رعد.. هذا استكثرت عليه حكومة أثرى بلد في العالم أن توفر له الخبز والأمان والمدرسة بعد أن فقد والده حياته!
رعد هذا، لو اهتمت به وبامثاله الحكومة والحاكمين لما شعر بالغبن والحزن. لكن الحكومة لاتفكر إلا  بمستقبل ورفاهية ابناء المسؤولين، ولو كان والد(رعد) غير (كاظم) الفقير والبائس والذي كان يعمر بأجور يومية حارساً في مدينة الطب، وقطع عن عائلته الراتب حين استشهد .. رعد هذا لو كان إبناً لـ(علي الشلاه)فأن الحكومة ستهرع بقضها وقضيضها لتبني له قصراً في (الخضراء)، وتنفق عليه الملايين كل شهر حتى يظل يهدر (4 ملايين دينار) على العابه عبر الهاتف النقال كل شهر.
رعد.. هذا لو كان ابناً لسياسي أو مسؤول في الحزب الحاكم لوجدنا إلى جانبه يقف كبير الحاكمين.. لكن من سوء حظ (رعد) أنه ابن فقير.. والفقير في عراق مابعد التغيير لاناصر ولا معين .!