يبدو ان كل شيء في العراق يجب تغييره ليتماشى مع آلة التدمير الأمريكية حتى لو ادارتها آيادي عراقية في النيابة، فبعد " الاستهزاء" من طرح المشروع الوطني و العودة الى جذورنا، فان حتى تسمية بلاد الرافدين لم تعد مستساغة نطقا أو سلوكا، لذلك يتواصل نزوح العوائل من شمال الوطن حتى شرقه وغربه وجنوبه ليدخل العراق في موسوعة " غينيتس " للمهجرين بسبب انهيار اسلوب ادارة الدولة المدنية في العراق.
وتلاقت أفواج النازحين من الانبار مع الفارين من جحيم المعارك" مجهولة الهوية" في سامراء و الموصل و خانقين، وكانها تكمل حلقة في مسلسل ذبح العراقيين و تهجيرهم بطرق شتى من بينها هدم البيوت و حرق المنازل يعمليات عسكرية " فورية" ضد اشباح تظهر الى السطح و تختفي ليكون المواطن ضحيتها " الدسمة" بطريقة لا تختلف عن جثث المغدورين في شوارع بغداد، الفارين من جحيم التهجير الطائفي في جرف الصخر و السعدية و خانقين!!
نساء العراق ثكلى و نازحات و أطفاله بلا مأوى أو تعليم و شيوخه بين عدم القدرة على المطاولة و احترام تعب السنين، لتجف عندها شرايين الأمل في النفوس بطريقة لا تختلف عن " سبات " الفرات و " آنين " دجلة المحاصرة و الخائفه من اقحامها في حرب مياه لن تبقي ولن تذرهذه المرة، ليتحول فيها العراق الى " بلاد النازحين عوضا عن الرافدين"و السبب غياب القيادة الحكيمة و انهيار حب الوطن في صدور المسؤولين.
ليس هناك من أمل يرتجى طالما أن المواطن تحول الى عدو بنظر الحكومة و مؤسساتها ، فيما أصبحت الأخيرة مصدر خوف ليس من تطبيق القوانين بل من خرقها خارج سلطة الدولة، حيث تمارس طقوس القتل و التهجير و الاذلال بطرق لم يعرف لها العراق مثيلا، لأن ظلم الأمس كان موزعا بشكل عادل على كل العراقيين، لأن الأساس هو الخروج عن هيمنة الرأي الأوحد، أما اليوم فهناك مقاصل كثيرة فيها من التداخل الطائفي و الأنتقام الشخصي و ةمكائد الأحزاب ما يفوق أعتى ديكتاتوريات القرن الماضي.
لقد عاثت أمريكا فسادا في العراق لتنتج طبقة جديدة من سياسينن و صناع قرار لا يجيدون غير القتل و التخويف و الالتفات الى الماضي، لأنهم لا يمتلكون مشروعا عراقيا طائفيا كان أم سياسيا، فقد ضيعوا " الخيط و العصفور" بمناكفات و عقد شخصية أضعفت العراق الى ابعد الحدود ، وهل هناك من جريمة أكبر من أحساس المواطن أنه غريب في وطنه!! فالنزوح يعني القهر و الحرمان و انهيار المستقبل و تدمير البيوت على رؤوس ساكنيها يمثل غباءا سياسيا من الدرجة الأولى لأن الشعب يصبر لكنه لا ينسى، لذلك ظل العراق متميزا حتى في أسوء مراحله، لكنه لم يكن غريبا في منطقته
مثلما هو عليه الأن، و البركة برأس سياسيين تفقهوا على العدوانية و كره الأخر و اعتبار مخافة الله من الماضي!! و الا كيف تتحول المدارس في الأحياء والمناطق الى سكن مؤجل بديل للعوائل النازحة، فيما تقصف بيوت الله بالهاونات و تستباح حرمة بيوت المواطنين من قبل جماعات و ميليشيات مسلحة ليس في قلوبها رحمة، لتتحول الى بديل حكم في عراق يأن من كل الجروح!!