نجاح الارهاب ثمرة للمحاصصة والفساد
صحيح تماما ان الواجب الوطني والأخلاقي يتطلب منا جميعا الوقوف بقوة في معركة شعبنا ضد قوى الارهاب بكل صنوفها وانواعها. وصحيح ايضا ان الانفعالات والعواطف لا تعيد لنا محافظة عزيزة كالموصل، تعرضت للغزو واسقطت على مرأى من القادة الامنيين والعسكريين الذين هربوا من ساحة المعركة، واعطوا بذلك صورة تجسد قيما اخرى غير المعروفة عن القوات المسلحة، وهي تجابه عدوا في ساحة حرب. فالبعض بدا اقرب الى الارتزاق وخيانة الامانة والتمتع " بخيرات الفساد " مما الى التحلي بقيم الوطنية والشجاعة. وصحيح ايضا ان ليس بندب الحظ يمكن مقاومة زحف المغول الجدد. لكن الصحيح ايضا هو ان هذا الانهيار الامني لا يشكل مفاجأة للمتابع للأوضاع، والعارف بطريقة تشكيل القوات المسلحة، والمتمعن جيدا في الازمة العامة لنظام الحكم، المؤسس على المحاصصة الطائفية. فهذا كله كان لا بد ان ينعكس فشلا ذريعا في الاداء السياسي والامني والخدمي. لم يتفاجأ من ينظر الى العراق بعيون غير التي تراه من خلف القلاع الحصينة في المنطقة الخضراء، اوعبر اناس اسندت لهم مواقع مهمة في الدولة ولم يبرروا طيلة السنوات الماضية الثقة التي منحت لهم، بل اثبتوا انهم ليسوا اهلا لادارة دولة تتقاذفها الازمات. هؤلاء الذين اتت بهم المحاصصة الطائفية، كما اتت بمثلهم من بعض القادة العسكرين الذين اهانوا الشرف العسكري يوم اخلوا بالتزامهم الوطني، وتخلوا عن حماية الوطن. انه ليس مجرد انهيار عسكري - امني، انه اعلان لفشل نظام المحاصصة الطائفية، ولكل من روج له ودافع عنه. ان الوقت يداهم ويضغط علينا جميعا، كي نوقف زحف الارهاب وندحره. وان على السياسيين ان يغادروا صراعاتهم على السلطة، بما تعنيه من صفقات مال ونفوذ، فالاولوية الآن لمقاومة الارهاب، وابعاد شرور الارهابيين عن عراقنا العزيز، عبر فتح المجال واسعا امام القوى المدنية والديمقراطية والوطنية، في الدفاع عن العراق الذي تقطع السياسات الطائفية اوصاله بما توفر من اجواء مواتية للارهاب، ولتوأمه الفساد المستشري . ان الحل يكمن في الاسراع بتشكيل حكومة انقاذ وطني، على اساس برنامج سياسي وطني، وبارادة وطنية حرة، تستطيع تحقيق المطامح الشعبية، وتجعل من معالجة الوضع الامني اولوية لها. فبدون الامن والاستقرار يأتي الحديث عن بقية واجبات الدولة عقيما لا طائل من ورائه.