متى نتدارك تدهور البنية التحتية في العراق.. |
ان بنية العراق التحتية بدات مع بداية الدولة العراقية الحديثة اوئل العشرينات بعد سقوط الدولة العثمانية ودخول الاحتلال الانكليزي ومن ثم قيام الدولة وتنصيب فيصل بن الحسين ملكا على العراق وكانت بنية بدائية متدرجة حسب الحاجة واستمرت على هذا المنوال طوال الحكم الملكي في العراق.لكنها في السنوات الأخيرة من الحكم الملكي بدأت في النهوض فتم تشكيل مجلس الاعمار في منتصف الخمسينات وكان عدد نفوس انذاك بين 5-7 مليون نسمة، وبدأ بارساء بنية تحتية لدولة عصرية لكن البداية كانت بطيئة ولم يكمل منها الا عدة جسور ومباني حكومية معدودة وسقط الحكم الملكي في صعود العسكر الى سدة الحكم عام 1958 وورثت ثورة 1958 تركة ثقيلة في مجال البنية التحية وميزانية فقيرة لكن عبد الكريم قاسم قدم خطة طموحة جدا وتصلح لدولة عصرية متقدمة وباشر بها فورا لكن انقلاب شباط 1963 لم يمهله مما قضى على فكرة بناء بنية تحتية قوية ومتطورة ثم استمرت الانقلابات والاضطرابات واصبحت فكرة البنية التحتية مسألة هامشية يلتفت لها فقط من يريد ان يطيل عمر حكمه وسلطته ويتعامل مع البنى التحتية بطريقة الترقيع والحاجة والاضطرار وليدغدغ مشاعر الشعب ، حتى وصلنا الى عام 1980 ونحن نملك شبه بنية تحتية نعم هي غير مكتملة لكن لها ملامح بنية.لكن اشتعال اوار الحرب مع ايران قضى على كل امل واصبح الهم الذي يراود الحكومة هو ادامة زخم الحرب وتوفير مستلزماتها على حساب كل ماعداها ورجعنا للترقيع تحت مفهوم يجب حشد الطاقات من اجل المعركة وعمم شعار (كل شيء للمعركة ) ولما اانتهت المعركة بعد ثماني سنوات وكانت الميزانية وجهد الدولة مخصصا للحرب وتطوير القدرات العسكرية وترك الشعب مهملا، كان البلد مثقل بالديون وبناه التحتية مدمرة وفي ظرف اقل من عامين بدلا من الاتجاه لاعادة البنى التحية تم الدخول في حرب اخرى كونية مع الولايات والتحالف الدولي لتحرير الكويت فمن حرب الى حرب ومن مغامرة الى مغامرة، هذه الحرب واستزفت كل ما لدينا فيها واجهزت امريكا في نهاية الحرب بتدمير كل ما تبقى من البنية التحيتية للعراق بل قامت بضرب الجسور وتدميرها والطرق والمباني ومحطات الكهرباء وتوليد الطاقة والمصانع والمعامل تنفيذا لمقولة اطلقوها وتقول (انهم سيعيدون العراق للعصور الوسطى) وهذا ما حصل ثم جاء حصار طويل لم يتمكن العراق فيه حتى من ترقيع او تصليح ما تبقى ولم ينتهي هذا الحصار حتى قامت امريكا باحتلال العراق واسقاط النظام ودخل خلفها الارهاب والتناحر على السلطة والفساد السياسي الذي انتج فسادا ماليا واداريا تسبب بالانشغال عن البنى التحتية ورحلت امريكا وبقي الحال حتى يومنا هذا على ما هو عليه.واذا كان الظروف في السابق لاتتيح او تسمح بانشاء بنية تحتية لبلد نفطي متمكن ماليا وبشريا بسبب ظروف معروفة للجميع لماذا لاتقام الان بنية تحتية تناسب البلد وتغطي احتياجاته؟ وقبل ايام كشف المركز العالمي للدراسات التنموية في تقرير له (أكّد في دراسة على قدرة الاقتصاد العراقي على إعمار البنى التحتية في العراق من خلال المحصل من إيرادات النفط، أو توفير بيئة لجذب الاستثمارات الأجنبية، لكن الفساد والروتين جعلا العراق بلدا خاليا من أية خدمات في مجال البنى التحتية).وعلى الرغم من أن حجم الموازنة العراقية للعام 2013 يصل إلى أكثر من 100 مليار دولار، إلا أن الحكومة العراقية- وبحسب المركز- تبدو عاجزة عن تأمين مبلغ 36.5 مليار دولار، الأمر الذي يعني نقصا بقرابة 2.5 مليون وحدة سكنية وافتقار البلاد إلى قرابة 6 آلاف مدرسة، بالإضافة إلى شبكة الطرق البدائية في بعض المدن وتدهور قطاعات حيوية كالصحة والزراعة والصناعة والسياحة.وأوضح المركز العالمي للدراسات التنموية أن قانون البنى التحتية الذي تقدمت به الحكومة العراقية ما هو إلا محاولة لتشريع قانون يتيح لها اقتراض مبالغ مالية طائلة لن يكون مصيرها إلا الفساد المالي والإداري والذي قد تسبب في إهدار أكثر من 250 مليار دولار هي فائض الموازنات العراقية في ظل غياب الحسابات الختامية منذ العام 2003. وأبدى المركز استغرابه من عدم قدرة العراق (النفطي)على تمويل مشاريع البنى التحتية، في حين أن نسب الإنجاز وصلت في بعض المحافظات العراقية إلى حدود 6% مع وجود مبالغ مدورة لم يتم صرفها تصل إلى قرابة 45 مليار دولار. وتساءل المركز عن مصير القروض التي منحها صندوق النقد الدولي للحكومة العراقية والتي كان آخرها مبلغ 3.7 مليار دولار، ولماذا لم يتم استخدام هذه المبالغ في المشاريع الخدمية في الوقت الذي زادت فيه موازنة الدفاع بنسبة 24% عن العام 2011.وفي حين وصل احتياطي العملة الصعبة في البنك المركزي العراقي إلى 67 مليار دولار، فإن ذات البنك قد صرف من قرض البنك الدولي قرابة 1.7 مليار دولار بحجة دعم الدينار العراقي لتغطية تقلبات أسعار النفط .أن مراهنة الحكومة العراقية على النفط كمصدر وحيد للإيرادات لتغطية تكاليف مشاريع الدفع بالآجل يعتبر مخاطرة كبرى كونه يعتمد على أسعار النفط التي قد تشهد هبوطا في المستقبل ينعكس على قدرة العراق على السد ومنع هدر المال العام ومكافحة الفساد وتوجية الانفاق واعطاء الاولوية للمشاريع التي تمس حاجة الناس في كل محافظة. |