كان لدي صديق هندي ، لا أتذكر أن كان سيخيا أم هندوسيا أم من ديانة أخرى من ديانات الهند الكثيرة ،، في إحدى جلسات السمر و بعد أن ارتفع عنده منسوبُ الويسكي و امتزج بالكمية الهائلة للبهارات التي أكلها على العشاء قال لي :- يا مهمد هل تعلم أن ربي مدفونٌ في بغداد؟! فأجبته مستغربا :- ربُك ؟! مدفون؟! وهل ربُك ميت ؟!فأجابني و قد بدأت عيناه تسكب الدموع :- نعم مات ربي في بغداد منهيا بذلك رحلةَ بحثِهِ عن الحقيقة !! وأخذ الرجل بالبكاء على ربه وهو يشرحُ لي كيف أن ربَه بدأ رحلته من إحدى قرى الهند النائية باحثا عن حقيقة الوجود و ليس معه إلا سلحفاة يضبط بها خطاه حتى لا يُسرع فيفوتُهُ شيء من الحقيقة في مكان ما ، وحين وصل الربُ إلى بغداد لم يُعمر طويلا فقد مات و عاشت السلحفاة تسعين عاما بعده ! قال هذا وشهق شهقة تذوب لها القلوب حزنا ..ثم أردف قائلا يا صديقي مهمد أريدك أن تجد لي قبر ربي في بغداد ، لابد أن أزوره يوما ، أرجوك يا مهمد أرجوك يا أخي في الإنسانية ساعدني في ذلك ،، رغم حزن الرجل لكنني انا قاسي القلب خرجت خارج الغرفة مدعيا أني سأتصل بصديقي مدير مقابر العاصمة بغداد فضحكت و ضحكت و ضحكت لنصف ساعة ثم عدت فوجدته يدندن أغنية حزينة و يبكي ( اينعي بالهندي).. نهي بندگاني يه ريدوم كابور سناگي بهشگوم سوى سوى جالي دوكوم ربي سلاني شن شو لودم بدأت اواسي الرجل ، لكن خبرتي في مواساةِ هندي سكران يبكي ربه الميت كانت ضعيفة جدا ، فكلما قلت شيئا ازداد بكاؤه و توسلُه بي أن اجد قبرَ ربِه حتى وصل به الحزن و التوسل أن وضع رأسَه على كتفي و كأنه حبيبة حزينة ( يا مهمد لو جئت لقريتي بمكان القبر و سبب الوفاة لزوجناك عشرا من عذارى القرية و لأصبح اولُ ولدٍ تُنجب ربَنا الجديد ! ).. قال ايضا من ضمن ما قال إن الأساطير في قريتنا تقول إن الرب مات في بغداد لاحد سببين ، أما فرحا بأكتشافه الحقيقية أو حزنا لكارثية الحقيقية !! حينها عرفت انا سببَ موتِ الرب لكني لم أخبره فليس من شأني إصلاح أمر قريةٍ في الهند تلك الليلة ! الغريب أني تذكرت صديقي هذا في رحلتي الأخيرة إلى بغداد وقررت أن أفي بوعدي له ، أن أحاول محاولةً للعثور على قبر ربِهِ في إحدى مقابر بغداد ، خصصت لذلك يوما في جدولي المزدحم لكن المشكلة كانت أن والدتي كانت تمنع عليّ التجول في بغداد بمفردي خوفا منها على سلامتي ، أما أن يرافقني احد من أبناء العائلة او أخبرها إلى اين انا ذاهب على وجه التحديد !!! ففشل مسعاي في البحث عن قبر رب صديقي فليس من المعقول أن أُخبر والدتي أني ذاهبٌ للبحثِ عن قبرِ ربِ صديقي الهندي السكران أبو البهارات !! تصورو مدينتَكم العريقة الحبيبة ذاتٓ النهر الخالد فيها مثوى الرب الاخير ، فاحموها من الجهلة و الغزات !!
|