حينما يبزغ القمر بالألوان... شعر مصطفى محمد غريب

أحياناً..

يصدح قلبي

مثل البلبل

لا اكتم أني أبقى

 ابحث عن لحنٍ يفرح كل قلوب الناس

***

أحياناً..

أتسلق في صمتٍ

عنوان البيت المركون على برواز اللوحة

ألمس طيفاً

يهرب من قمرٍ ناحل

قمرٌ يتحرى عن أقدام عرجاء

قمرٌ نوري

يرجف في صوت مذيعة تلفزيون شقراء

تلفظ حرف الراء خواء

تتغنج كالقطة في وجه القط

***

أحياناً..

أنوح مثل كمان مصروع

وأئن كنايٍ مصدوع

أو قيثار يصدح صوت الريح القادم

من عمق تلال العمرِ

ترشقني أضواء القمر النصفي

فأشيع بلا رأفة

كي أبقى في دائرة المفقودين

أسجن نفسي

وأشحُ كما عين الماء

يسقط فيها حجرٌ أسود

فأرى صوراً فيها امرأة تركض  خلفي

خلف الظلِ

تبحث في الظل عن الإطلال

***

أحياناً..

أتقاسم نور القمر الفضي

من خلف الشباك

فأراه على السور يصارع كي يبقى

يبقى ومضاً

يتأنى بالقولِ

قدمٌ واحدة لا توفي

يدفعه ظل السور إلى الأسفل

 يتدحرج

مكسور الخاطر

***

أحياناً..

أتذكر أمي

من خلف زجاج النافذة

شاحبة الخدين

تلعب في الثلج

الغمازات على خديها

تتراقص كالمصباح السحري

في ليلٍ مظلم

يتفطر قلبي للقمر المخفي خلف جدار البيت الآخر

لو كان هنا

يغسل اذرعها

لفرحت وانْ كان قليل الومض

***

أحياناً..

أتمشى قرب الغابة

أتلمس أشجار  الشوح الباسق ظله

فوق بيوت النمل

أتفيأ تحت غصون الصفصاف

اقعد كالصوفي المتوحد بالقرب من الأزهار البرية

أتطلع في حب جارفٍ في مملكة النمل

النمل المتواجد صفاً صفاً.

جيشٌ جرار

يحمل قوت الأيام القادمة

يا نمل الغابة المسكونة بالأرواح

أترى أشجار الصبار الباسق فوق تلال الأوراق

أترى شجر الدردار على الأنهار

أسرع فغداً يأتي الثلج

وغداً سيغيب القمر الأعرج خلف غيوم مزدحمة

***

أحياناً..

اركض مثل حصان عَمر حقباً

أتعثر في ركضي

اسمع صوت لهاتي

مثل بخار الماء الصاعد من فتحات

الأرض البركانية

وأنا اخرج منكفئاً

من مضمار الركض

***

أحياناً..

أجلس منتبهاً

لزوارق نهرية

فتياتٌ يرقصن بلا ستيانات

ويلوحن بأيديهن

ذبذبة الأصوات ارددها في زهوٍ

أترنح من شوقٍ..

 ثملٌ لا من خمرة

وطيور النورس تتسابق نحو الشاطئ

ما السر؟

وطيور النورس تهبط في غفلةِ وقتٍ تتسرب منه الأيدي..

يتدربن على مسك الفتيان

استغربْ لم لا تأت

فتياتٌ موسوماتٌ يتجاذبن الأنظار

يجلسن إلى جنبي

بالنظرات يكسدن الشيب القابع فوق الشفتين

الشيب القادم من زمنٍ عائم

***

أحياناً..

احزن من تكرار الأحلام

حلم عن أمي وأبي

لكن حلمي الأكثر حزناً

ابني ظافر

فانا مع نفسي

ما زلت اردد كل مقاطع أغنية كان  يغنيها

لن اكشف عنها

خوفاً من أنْ أجرح  مَنْ أجرح

***

أحياناً..

أجلس وحدي

ارسم في ذهني

صوراً

تأخذني، في رحلاتٍ يومية

تعبر بي أطراف الثلج وأطرف الغابات

وأطراف الصحراء

وحنين الأنهر يدفعني للوجدِ

تتداخل في ذهني،

 كل حكايات الماضي عن بغداد

عن دجلة

عن  جلساتٍ كانت تحفل بالناس

لم نجلس يوماً في العتمة

حتى جاء الخناس إلى الشاطئ

كان القمر الشاحبْ يتراجع خلف الجيش الشعبي

خلف مقرات الحزب الوسواس القائد بالسيفِ

كانت صورة القائد في الغفلةْ

 في كل مكان!!

خلف عيون العسس الحزبيين

فتوارينا..  نبحث عن قمر آخر

حتى لو كان من الأقمار العرجاء

***

أحياناَ..

يبزغ في الجمع الواقف عند الطابور

قمرٌ بالألوان

يتدلى من خلف السور

فنراه كقرص الشمس

ونغنيه بصوت  الشجن المحبوس

يا قمراً أرسل ومضاً

لنتابع جلستنا

خلف السور المخفي

يا قمراً نحن على العهد الأول

ما زلنا في النور

رغم ضجيج الظلمة

يا قمراً صار شحيحاً في الغربة

ستكون على مقربة من ارض الميعاد

ستكون بألوان عدة

بداية 2013