داعش والوهابية.. تاريخ مشترك في غزو العراق

إن تاريخ الحركة الوهابية سيئة الصيت منذ نشأتها على يد محمد عبد الوهاب , الذي ولد في قرية ( العينية ) في نجد سنة 1703 وكان والده يشغل منصب قاضي القرية , وعندما أصبح شابا أرسله والده إلى مدينة البصرة للدراسة وطلب العلم , وبعد فترة من دخوله كتاتيب البصرة كان يحدث الطلبة والناس بأفكار ضيقة نتيجة ضعف بصيرته في مجريات الواقع الديني وإيجاد بدع من أفكاره التي لاتمت للإسلام بصلة , محاولا إدخالها على المجتمع الإسلامي في البصرة , وعلى اثر ذلك تم طرده من الكتاتيب ومن مدينة البصرة عائدا إلى نجد عبر الصحراء وفي طريق عودته مكث في قرية تدعى ( حريملة ) سنة (1730 ) فبدأ يبشر أفكاره التي تدعو إلى السلب والنهب والغزو والبدع التي ما انزل الله بها من سلطان ومحاربة كل من يقبل ويزور الرسول الكريم أو زيارة أهل البيت , إلا ا ن أهل القرية رفضوه وطردوه من قريتهم وكاد أن يقتل فيها فهرب إلى منطقة الدرعية وهي سكن آل سعود وكان يحكمها آنذاك الأمير محمد بن سعود , الذي رحب به اشد ترحيب معلنا تأييده لكافة الأفكار التي طرحها وتحالف معه على أن يكونا يدا واحدة في نشر هذه الدعوة ومحاربة كل من يتوسل بقبر الرسول (ص) وال البيت والأولياء الصالحين . واستغل في دعوته ثقافة البدو التي تؤمن بالغزو والسلب والنهب معلنا لهم إنها حلال عليهم ما يغتنموه ويسلبوه .

ومنذ عام 1790 بدأت الحركة الوهابية التحرش بالعراق وإرسال مجاميع منهم تبشر بهذه الحركة وتسللوا الى القرى والمدن آنذاك وتقبل الفكرة بعض العلماء من الطرف الأخر لكن رفضها الكثير ولن يتقبلوا هذا المذهب .

وفي احد الأيام دخلت قافلة تجارية لآل سعود محملة بالبضائع لبيعها في أسواق بغداد وللتبادل التجاري أيضا وفي طريق عودتهم للسعودية كان خط سير القافلة يمر بمدينة النجف الاشرف , وإثناء مرور القافلة داخل المدينة شاهدوا إن احد الرجال وهو شيخ قبيلة الخزاعل يقبل عتبة باب المرقد الشريف لأمير المؤمنين ( ع ) فلم يتمالكوا صبرهم واعتبروا إن ذلك شركا فهجموا على الشيخ وقتلوه وعلى أثرها نشبت معركة بين رجال من عشيرة خزاعل وأفراد القافلة اللذين يحملون الفكر الوهابي فقتل الكثير من رجال القافلة وفر الباقي على ظهور الخيل تاركين الإبل وماتحمله من تجارة وراءهم.

وعلى اثر هذه المعركة اخذ آل سعود والوهابيين يفكرون بغزو كربلاء والنجف وتهديم أضرحة أهل البيت ففي 22من شهر نيسان عام 1802 والمصادف 18 ذي الحجة سنة 1216 هجرية وهو يوم الغدير فكان اغلب رجال كربلاء قد اتجهوا صوب مدينة النجف الاشرف لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام , فاستغل ذلك اليوم آل سعود والوهابيين والبدو احتلال كربلاء واستباحوا حرماتها فقتلوا الشيوخ والكهول وحتى الطفل الرضيع وأمه , فكان نتيجة هذا الغزو استشهاد ثماني آلاف وقتل خمسة آلاف , إضافة إلى آلاف الجرحى كذلك سلب وسرقة نفائس الهدايا من أضرحة الإمامين الحسين والعباس عليهم السلام بعد أن قتلوا كافة المدافعين عن الضريحين , كذلك سلبوا ونهبوا جميع المحلات والبيوت في كربلاء المقدسة ,ومن ثم عادوا إلى نجد منتصرين فرحين بالغنائم التي سلبوها وكانت آنذاك الحكومة العثمانية صم بكم ولن يحركوا ساكنا في زمن الحاكم سليمان الكبير ولن يتدخلوا في نجدة أهالي كربلاء المقدسة . وحتى لن يحتجوا على آل سعود .

وبعد فترة قصيرة اعدوا العدة مرة اخرى للإغارة على مدينة النجف المقدسة إلا إن أهالي النجف وعشائرها كانوا يقظين جدا ودحروا غزواتهم التي استمرت على شكل مرحلتين فلن يفلحوا من اقتحام مدينة النجف التي قاتل أهلها قتال الأبطال ومن خلفهم النساء توزع الماء وتزغرد وتشجع الرجال على القتال . مما اضطر الوهابيين على الانسحاب تاركين قتلاهم وجرحاهم وولوا مدبرين منكسرين .

إن عامل الفقر لدى المجتمع البدوي وأهل نجد والدرعية في الجزيرة جعلهم ينتمون لهذه الحركة التي كفلت لهم استباحة كل الغنائم والمال من اجل تحسين مستواهم ألمعاشي على حساب القيم ومبادئ الإسلام الحقيقية والخالصة وهذا ما أكده الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية الجزء الأول حيث قال:

( إن حالة الضنك والفقر التي كان أهل الدرعية عاصمة الوهابيين يعانونها قبل ظهور دعوتهم ثم انقلاب الحالة إلى العكس من ذلك فتوفر الذهب والفضة والأسلحة والإبل والغنم والألبسة الفاخرة واللحم والحنطة وسائر المأكل ما لايمكن وصفه ويمكن القول إن هذا الرفاه الذي تمتعت به عاصمة الوهابيين كانت قد تمتعت بمثله جميع عواصم الدول الفاتحة على توالي العصور , إنما يجب أن لاننسى انه رفاه تم على حساب الكوارث والمصائب التي حلت بالبلاد المفتوحة) من هنا نرى إن الحركة الوهابية تحاول التجديد من خلال احتواء بعض الحركات التي تدعي الإسلام وتقدم لها كافة الدعم المادي والمعنوي من اجل فرض مفاهيمهم وأفكارهم اللا عقائدية على المجتمع ومن اجل التوسع في نشر هذا الفكر ألظلامي .

وداعش اليوم هي الطفل المدلل لدى الوهابيين فوفروا لهم كل ما يحتاجونه من مال ومن معدات حربية حديثة ومتطورة ووزعتهم في شمال سوريا والعراق كون تلك المنطقتين تمثل أرضية خصبة لوجود الو لاءات والمؤيدين لهذا الفكر فاتخذوا من مدينة الرقة في سوريا معقلا لهم وفي العراق اتخذت المثلث الغربي كونه متاخم لحدود سوريا من جهة ربيعة ودير الزور ومن جهة الرمادي وقامشلي , لذلك نرى إن داعش بدأت عدوانها على العراق من تلك المناطق معلنين في آخر خطاباتهم إن هدفهم هو السيطرة على كربلاء والنجف من اجل أن يعيدوا أمجاد أسيادهم في غزواتهم لتلك المدينتين المقدستين والقضاء على المذهب الشيعي .

لكن هيهات هيهات أن يتحقق حلمهم وتاريخهم المشترك القذر أن ينالوا شبرا من ارض العراق أولا و كربلاء والنجف والفرات الأوسط والجنوب قاطبة . وبهمة كل الشرفاء والغيارى والوطنيين سندحرهم خائبين كما دحروهم أهلنا في النجف سابقا .