وضع النقاط على الحروف.. كيف ولماذا انهزم الجيش وسقطت الموصل؟ |
في البداية، علينا القول إن حلفاء تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية - داعش» في سوريا هم غير حلفائه في العراق الذين تضامنوا معه باتفاق سابق أو اتفاق آني قبل وبعد احتلاله الموصل وهزيمة القوات الحكومية والمحلية منه وتركها لقمة سائغة لـ«داعش».
هذه القوى التي هي الآن مع «داعش» أغلبيتها لا تتفق عقائدياً معه، ولكنها تتفق معه على هدف واحد هو التخلص من النظام القائم في العراق.
دخل «داعش» إلى الموصل بعدد يقارب 500 مقاتل، ثم أصبح في اليوم الأول 3500 مقاتل، وفي اليوم التالي تجاوز 6 آلاف، تحرك جزء منهم إلى كركوك وصلاح الدين وديالى لينضم إليهم آخرون من تلك القوى المتحالفة وفق خطط مسبقة لتهديد بغداد ومحاصرتها. وهذه القوى التي تحارب الآن مع «داعش» في الموصل وكركوك وصلاح الدين والأنبار هي:
حزب البعث
تنظيم حزب البعث السابق، وهو الحزب المنحل الذي يعمل سراً، خصوصاً جناحه الفاعل في العراق الذي يقوده عزت الدوري الذي يتقارب مع القوى والحركات الجهادية الإسلامية، ويرعى بالدرجة الأولى «الكتائب النقشبندية المسلحة»، ودعا الدوري في خطاب أخير له أنصاره إلى انتظار وترقب اليوم الحاسم، أو ما أسماه المعركة الحاسمة مع النظام القائم.
ووفق شهود عيان في الموصل، فإنهم شاهدوا قيادات سابقة وأعضاء معروفين ينتمون إلى الحزب يرتدون الزي العسكري الزيتوني الذي كانت ترتديه الأجهزة الأمنية في زمن حكم صدام يتجولون في الموصل ويتلقون الأوامر من الدوري.
ضباط سابقون
ضباط من الجيش السابق ومن تشكيلات الحرس الجمهوري. بعضهم كان منعزلاً ومتخفياً، وبعضهم كان سجيناً منذ أيام الاحتلال الأميركي حكم عليهم بالسجن المؤبد وبالإعدام. تم إطلاق سراحهم ضمن أكثر من ألف وخمسمئة سجين تم إطلاقهم من سجون الموصل وتكريت ومعهم قيادات سابقة من القاعدة. انضم هؤلاء إلى عمليات داعش وباتوا يقدّمون له الخبرة العسكرية، ولكنهم أكثر ولاء لحزب البعث وبينهم قيادات عسكرية مهنية.
جنود فارون
أثناء دخول «داعش» الموصل كان هناك المئات من الجنود الفارين من الخدمة ومن أصحاب السوابق والمطلوبين للعدالة بتهم السرقة والقتل، وقد انضموا إلى «داعش»، وبعضهم انضم بعد إطلاق سراحه من السجون بشرط المقاتلة مع «داعش».
جيش المجاهدين
تنظيم «جيش المجاهدين» وهو تنظيم مسلح قديم منذ عام 2003، كان من أنشط الجماعات المسلحة التي تقاتل القوات الأميركية، وهو عضو في مجلس الشورى الذي يضم فصائل عدة يتزعمه تنظيم القاعدة أيام الزرقاوي، واستمر هذا التنظيم رغم ضعفه، في السنوات الأخيرة، واستعاد قوته بعد تدهور الأوضاع السياسية خلال حكم المالكي.
رجال النقشبندية
جيش «رجال الطريقة النقشبندية» وهو واحد من التنظيمات المتطرفة التي نشأت بعد احتلال العراق، ويضم عناصر متنوعة من المقاتلين وتتركز معسكرات التدريب والعمليات في مناطق كركوك وتلعفر وجبال حمرين، وله امتدادات في المناطق الكردية، وكان أحد التنظيمات في مجلس الشورى الذي تشكل بزعامة القاعدة منذ عام 2003، وتردد أن عزت الدوري ظل على صلة بهذا التنظيم ويدعمه كثيراً.
الجيش الإسلامي
الجيش الإسلامي في العراق، وهو، أيضاً، من أقدم الجماعات الإسلامية المسلحة، وظل في نشاطاته ينافس نشاط القاعدة أيام الزرقاوي، وقيل إنه يضم خبرات عسكرية متمثلة في ضباط من الحرس الجمهوري السابق مع رجال عشائر. وهو عضو في مجلس الشورى القوى الإسلامية الذي تشكّل بزعامة القاعدة أيام الزرقاوي.
كتائب ثورة العشرين
كتائب ثورة العشرين، أحد التنظيمات المسلحة التي كانت ناشطة أيام الاحتلال، وتضم هذه الكتائب مقاتلين أغلبهم من مدن الأنبار، وتردد أنهم يدينون بالولاء للشيخ حارث الضاري. وكتائب ثورة العشرين قد تكون أكثر عدداً من الجماعات الأخرى.
جيش أنصار السنّة
جيش «أنصار السنّة» وهو جماعة «جهادية» تشكلت في سبتمبر 2003 وتضم بين صفوفها أعضاء سابقين من جماعة أنصار الإسلام الكردية، ومقاتلين عراقيين وعرباً من السلفيين. وهذه الجماعة من أنشط الجماعات المتعاونة مع «داعش» وقيل إنها لعبت دوراً في الاتصالات السرية للسيطرة على الموصل، وأنها نصحت «داعش» بعدم اتخاذ إجراءات متطرفة مع السكان، لا سيما الأقليات الدينية، لكي لا تحبط عملية احتلال الموصل والتمدد إلى مناطق أخرى.
أوساط متذمرة
أوساط متذمرة من المواطنين، الذين ظلوا طوال السنوات العشر الماضية، يعانون من تذمر وضيق نفسي ومعاشي جراء المعاملة السيئة من قبل الحكومة لهم. فبعضهم من مراتب الجيش السابق، ومن الموظفين في النظام السابق، ومن المعزولين وفق قانون المساءلة والعدالة، ومن الذين اعتقلوا ولاقوا معاملات سيئة، ومن الذين عوملوا معاملة طائفية، والكثير غيرهم. وجميعهم كان يتلهفون لدخول «داعش» ليس حباً فيه إنما لكرههم للنظام القائم وحكم المالكي.
ولتنوع هذه الجهات والقوى الداعمة لداعش، فإن الاتجاه صار إلى تشكيل مجلس موحّد لإدارة المدينة يضم ضباطاً سابقين وممثلي الفصائل الإسلامية المقاتلة المذكورة والمتحالفة مع «داعش».
مَن الذي أعطى أمر الانسحاب؟
علينا أن نجرد أولاً القيادات العسكرية التي من شأنها إصدار الأوامر بالتحرك والانسحاب العسكري. وقبل أن نعدد أسماء هؤلاء القادة المسؤولين الذين يملكون هذه الصلاحية، علينا أن نذكر ما قاله الجنرال جيمس دوبيك لصحيفة واشنطن بوست تعليقاً على هزيمة الجيش العراقي في الموصل، وهو الجنرال الذي أشرف على برنامج تدريب الجيش العراقي من 2007 إلى 2009، حيث قال: إن القادة العسكريين العراقيين كانوا في كثير من الحالات ينتظرون مكالمة من مكتب المالكي قبل أن يتمكنوا من تحريك جنودهم، وأن المشكلة الأكبر هي المالكي نفسه الذي بتركيز عملية صنع القرار بيده جعل من الصعب على الجيش أن يتحرك بسرعة رداً على أي تطورات تحدث ميدانياً.
ولو فرضنا أن واحداً من المسؤولين هو الذي أوعز بالانسحاب، فمَن هو مِن بين هؤلاء القادة؟
- نوري المالكي القائد العام للقوات المسلحة والذي يجمع أربع مسؤوليات وزارية بيده: وزير الدفاع، وزير الداخلية، وزير الأمن الوطني والرئيس المباشر لجهاز المخابرات، والذي لا يمكن لأي قطعة عسكرية أن تتحرك من دون أمر منه أو من مكتبه العسكري؟
- المكتب العسكري للقائد العام الذي كان يرأسه الفريق أول فاروق الأعرجي، ومن ثم الفريق قاسم عطا الذي كان ناطقاً رسمياً باسم عمليات بغداد ثم أصبح مدير العمليات في جهاز الاستخبارات؟
- سعدون الدليمي: وزير الدفاع بالوكالة. ومن صلاحياته إصدار أوامر التحرك، ولكنه لا يمكنه اتخاذ قرار مثل هذا من دون أمر من وزير الدفاع الأصلي المالكي؟
- بابكر زيباري رئيس أركان الجيش. ومنصبه من حصة الأكراد في نظام المحاصصة. وأيضاً من صلاحياته إعطاء أوامر الحركة للقوات، ولكنه في الفترة الأخيرة قدّم استقالته ومعه تسعة ضباط كبار احتجاجاً على انفراد المالكي بالقرار، وقد جرت وساطات للعدول عن الاستقالة؟
- الفريق الركن علي غيدان القائد العام للقوات البرية والذي كان في الموصل عشية دخول قوات داعش فيها وهرب إلى بغداد بمروحية ليلاً؟
- قائد قوات العمليات المشتركة «قوات غرب دجلة» الفريق الركن عيود قنبر الذي كان قائداً لقوات عمليات بغداد: قوات فرض القانون؟
- اللواء مهدي صبيح الغراوي قائد قوات الشرطة الاتحادية في الموصل الذي هرب هو الآخر إلى بغداد بعد أوامر الانسحاب؟
- مدير جهاز الاستخبارات في وزارة الدفاع؟
- أثيل النجيفي محافظ الموصل وأعضاء مجلس المحافظة الذين هربوا إلى أربيل عشية دخول داعش المدينة؟
فمَن مِن هؤلاء أعطى أمر الانسحاب؟
ثلاث فرضيات لتفسير الهزيمة
رجح المتابعون للنكسة الوطنية باحتلال الموصل وصلاح الدين من قبل «داعش» وتوغله في مدن عراقية ثلاث فرضيات:
- الأولى: إن جهة ما تنتمي إلى المالكي أرادت «رفع درجة الخطر» لحلحلة الوضع السياسي من أجل ترجيح ولاية ثالثة للمالكي والحصول على قرار برلماني بفرض حالة الطوارئ، مما يعطي وقتاً وفرصة أطول للمالكي لتصفية مشكلة الأنبار وتداعياتها، والحصول على مستلزمات أخرى للفوز بالولاية، ورفع درجة الخطر من عدو مثل «داعش» يفرض على الآخرين التسليم للمالكي لكي يلعب لعبته.
- الثانية: حصول اختراق من «داعش» وحلفائه لموجة الاتصالات التي تستخدمها القيادة العسكرية في الموصل، وقد اُستخدمت هذه الموجة في إعطاء أوامر بالانسحاب وانتحال اسم القيادة المعنية.
يقول الجنرال الأميركي مايكل بامبيرو الذي أشرف على تدريب الجيش العراقي إن المسؤولين الأميركيين أقاموا مراكز قيادة وسيطرة تستخدم التكنولوجيا المتطورة، في حين كان القادة العسكريون العراقيون يعملون بالهواتف الخلوية، مما يجعلهم عرضة للاختراق في كل لحظة.
- الثالثة: حصول تواطؤ بين بعض القادة غير الرئيسيين، ولكنهم الفاعلون في القوات المتجحفلة في الموصل، وبين قيادة حزب البعث التي تعاونت مع داعش، مما سهّل له الدخول إلى الموصل ومفاجأة الجميع.
مم تتكون القوات البرية العراقية؟
تتكون القوات البرية العراقية من 14 فرقة، كل فرقة تتكون من 4 ألوية، وعدد منتسبي الفرقة الواحدة 14000 جندي وضابط، مما يجعل عديدها 196 ألف مقاتل. اضافة الى قوات النخبة وقوات مكافحة الارهاب والقوات الخاصة وقوات حماية المنشآت، مما يرفع العدد الى 360 ألفاً. وتملك القوة البرية 750 دبابة، أغلبها من طراز أبرامز الأميركية، فضلا عن دبابات روسية تي 55 وتي 72 ومئات المدافع والناقلات. الفلم والمخرجون
الأزمة بداية الحل الشامل
وأخيرا يمكن القول هنا أن عدة أطراف داخلية وخارجية عملت على رفع سقف النكسة لكي تصل في النهاية الى أعلى مستوى من حرب أهلية تضع أوزارها بوساطات أقليمية ودوبية بعد سفك الكثير من الدماء وهدر الكثير من التكاليف لتكون بداية لحل شامل للمشكلة باقامة ثلاثة اقاليم " كردي ـ شيعي ـ سني ) مع تشكيل حكومة أتحادية منضيطة بضوابط جديدة تضمن تقاسم الثروات ورسم حدود هذه الأقاليم ضمن عراق اتحادي والأكراد أول الجهات السباقة للعب دور رئيسي في هذه النهاية للفيلم العراقي الذي يعرض الآن والمخرجون أربعة أمريكا وأيران وتركيا واقليم كردستان وكاتب السيناريو بايدن . |