العوامل المشتركة في تشخيص أسباب مايحدث في العراق نستطيع تلخيصها بعوامل ضعف تركيبة المجمتع العراقي النفسية والثقافية والسلوكية، وعوامل خطيرة نتجت عن أفعال تسمى بالقرارات السيئة في العملية السياسية التي أصبح من المنطق القول انها أجهضت من قبل الشركاء الفاشلين في العراق الجديد. هنا لدينا توصيفتان مهمتان نحتاج الى دراستهما دراسة مستفيضة كي نشخص ماهو العلاج . فعوامل ضعف التركيبة المجتمع العراقي النفسية والثقافية والسلوكية جاءت في خضم النتائج المأساوية لماحدث للعراق طيلة خمسة عقود من الزمن يعد عقد مابعد العام 2003 جزءا منها. هذه بعض النقاط:
اولا / الحروب وماينجم عنه من زهق للأرواح والتنكيل بالمعارضين وماينجم عنه من ردود أفعال في الشخصية العراقية أفرز زيادة ملحوظة في ظاهرة العنف. هذه الظاهرة تدرس في أبسط المناهج او المراحل الدراسية هنا في الجامعات الامريكية وأذكر قبل سنتين طلبت منا الأستاذة في مادة اللغة الانكليزية ان نكتب موضوعا على شكل سؤال لماذا العنف في المجتمع الأمريكي؟ . نحن بحاجة الى دراسة ظاهرة العنف في المجتمع العراقي المتأصلة تاريخيا وللأسف لم يتم تسليط الضوء حولها في عمل من جاءوا الى قيادة العملية السياسية لوضع برامج حلول تعد جزءا مهما من المشروع الوطني المغيب.
ثانيا / النقطة الأولى بخصوص الحالة النفسية وظاهرة العنف في الشخصية العراقية كان للوعي الثقافي السلبي دور مهم ايضا لزيادتها والتحريض عليها والذي ساهم في تدني الوعي الثقافي العراقي هي ثقافة المنابر الدينية والمناسبات التي عطلت وشلت الحياة في الدولة المعطلة أساسا ، بالاضافة الى الثقافة التلفزيونية السيئة وهذا الكم الهائل من البث الفضائي لقنوات التحريض على الكراهية والتمييز الطائفي. ماذا تتوقعون من قنوات تثير الحقد الطائفي طيلة عقد من الزمن بين السنة والشيعة يتحدثون عن شخصيات دينية هي جزء من عقيدة وثقافة طائفة، فالشيعة كانوا ومازالوا يسلطون الضوء على شخصيات مقدسة عند السنة ولاجديد في الخطاب المنبري سوى الخلافة المغتصبة وفدك والضلع المكسور والخليفة الاول والثاني ، خطاب استفزازي استغل من دوائر دولية واقليمية لتجنيد مشاريع في المنطقة ، وفي المقابل قنوات سنية تحرف كثيرا من الحوادث والأحاديث لينسجم وتضليل الرأي العام حتى أصبحت الشخصية العراقية شخصية طائفية بامتياز وقد شملت هاتين اللغتين في اذكاء الحقد الطائفي المتبادل في العالم الأسلامي. يبرز السؤال في هذا المقام ، هل تم تشخيص هذه الحالة من قبل الكتاب ؟ الجواب نعم لقد كتبنا كثيرا وأرسلنا كتاباتنا الى مواقع كثيرة ومنها عناوين رئاسة الوزراء في العراق ومواقع اعلامية لكيانات سياسية تقود العملية السياسية في العراق لكننا كنا أشبه بالحديث الى عقول مغيبة وضمائر ميتة.
ثالثا / سلوك المواطن العراقي أصبح محل انتقاد طيلة السنوات العشر الاخيرة بعد أن تهيأة الأسباب في الأنحراف في أهم مفصل للمحافظة على هويته الوطنية وجزء منها الأستهانة بالمال العام وهدره من خلال الفسادين المالي والأداري . كانت هناك انعكاسات خطيرة واحدة منها الانهيار المفاجيء في الروح المعنوية والقتالية هنا نحتاج الى جرأة أكثر في التوصيفات كي نعيد بناء الامور من جديد رغم الانهيار ، قبل اكثر من شهرين صرح النائب بهاء الأعرجي ان الجيش العراقي جيش غير عقائدي او مهني حتى قامت الدنيا ضده وتحول تصريحه مادة للأستهلاك الأعلامي من قبل معارضيه لاسيما دولة القانون. في هذا المقام تشير المعلومات الى دفع رشاوى من أجل التطوع في الجيش والاجهزة الامنية وهي نقطة سلبية حتى تشمل من يتطوعون لغايات وأجندة غير وطنية ولمشروع مدبر ومخطط له فتكون خلايا نائمة في حاضنة الجيش والدوائر الامنية والشرطة لان التوظيف لايكون وفق ضوابط مهنية ووطنية. هذه النقطة تحتاج الى دراسة وتحقيق بعد استباب الأمور وتحرير الوطن. بالاضافة الى قادة الجيش المتهمين باستقطاع نسبة من رواتب الجنود الى حسابهم الخاص. فقد تحولت المؤسسة العسكرية الفاسدة في العراق الى مؤسسة مشوهة وممسوخة لاتنسجم والاهداف الوطنية التي من أجلها تبنى عقيدة الجيش ومؤسساته القتالية في الدفاع عن الأمن الوطني وهي أساسا مشوهة منذ نظام صدام حسين والى يومنا هذا.
ماذا عن مؤسسات الدولة الغير عسكرية؟ الجواب نفس الجريمة ومأساة الفعل السيء عدم المبالاة والخيانة.
الشق الثاني من التشخيص المشترك فيما كتبت خلال الأيام المنصرمة من مقالات لكتاب ومحللين عسكريين وسياسيين تشير الى النتائج الكارثية لسياسة الحكومة العراقية والانقسامات المستمرة بين قادة الكتل السياسية، ماذا تتوقعون من نتائج لهذا الصراع منذ العام 2003 عام التغيير والى الآن؟ من الطبيعي ان تكون له انعكاسات ونتائج على مايحدث فقد ساهم ذلك في مزيد من تفتيت الوحدة الوطنية وغياب المشروع الوطني. لا أريد الخوض في تفاصيل الغباء السياسي لقادة العراق بلا استثناء فامرهم لم يعد يعني شيئا بالنسبة لي في هذه المقال سوى الأشارة اليه اشارة مختصرة. لكنني أقولها جهارا وتكررا هؤلاء يقودون العراق الى مصير أسود .
من هنا أنطلقت في كتابة مقالي السابق ( خارطة الطريق كمانرى ) فالمقال استند على خلفية ماأشرت اليه أعلاه ولابد من معالجات لماحدث. هنا أسال وبعد متابتعي للأحداث المستجدة هل هناك بصيص من الأمل في تجاوز المحنة ؟ قلبي يعتصره الألم أن الشعب العراقي بلا قيادة وطنية. يبدو اننا نتجه الى مزيد من المواجهة مع من دمروا العراق الحبيب. أعداء الوطن ليست الجماعات الأرهابية انما المواطن بجهله وطائفيته والقنوات الفضائية بتفاهة خطابها الديني المتخلف وسياسيينا بحماقاتهم واوهامهم السلطوية. لقد قلت سابقا واعيدها أيضا الشعب العراقي يحتاج الى هزة تعيده الى رشده الوطني ونحتاج مع هذه الهزة الى مفكرين يعيدون كتابة ماحدث بلغة مهنية كل ضمن تخصصه واهتماماته بروح وطنية لاعصبية طائفية او مزاجية . حفظ الله العراق.
|