الجيوش بقادتها ، وكلما اتسم القائد بالحكمة والشجاعة والنزاهة والهمة كان تحقيق النصر أقرب ، ، ولذلك فإن الإسلام اشترط في من يقود الأمة أن تتوفر فيه مواصفات خاصة ، حتى لاتقع الأمة في كارثة وكي تتجنب النكوص أو الهزيمة كالتي نعاني منها الآن ، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وآله ، من القائد يارسول الله فقال : ( القائد من أخطأه السيف ) وهذا يعني أن من يريد أن يقود معارك الأمة يجب أن تتوفر لديه تجربة قتالية من خلال مشاركة طويلة في معارك مختلفه وخرج منها جميعا سالما ، لكنه اصبح يمتلك شجاعة فائقة وحكمة في إدارة المعارك وفي اختيار اشخاص وعناصر الحرب . والذي أحزنني كثيرا وأشعرني بخيبة الأمل أن السيد المالكي في لقائه الأخير بالقوات المدافعة عن سامراء : وعد جميع المنتسبين الامنيين والمقاتلين المدافعين عن المدينة بالجزاء والمكافأة فور الانتهاء من دحر جميع بقايا عناصر زمرة داعش الارهابية بتوزيع الاراضي تكريما عن تضحيات ودعم القوات الامنية في مقاتلة الزمر الارهابية .
هذا الوعد يدعونا إلى التساؤل : هل السيد المالكي يريد أن يشتري مقاتله الجنود لأعداء الوطن بمكافأة وقطعة أرض ؟ وهل ثمة قناعة لدى قائد الجيش من أن هذه المكافأة سوف تشحذ الهمم للدفاع عن كرامتنا ، وهذا يعني أن تلك الهمم لاتتوافر لدى المقاتل بغير الوعود بقطعة الأرض . أليس ذلك يشكل إهانة للمقاتل عندما تدخله في معادلة قطعة الأرض مقابل القتال عن الوطن والكرامة ؟
لكني لا أستغرب من السيد المالكي ذلك ، فالقناعة التي ترسخت لديه وهو يمارس أعلى درجة وظيفيه في العراق هي أن الشعب العراقي يمكن استمالته فقط من خلال المغريات المادية وليس من خلال تعميق الحس الوطني ، ولذلك فهو قد برع في شراء ذمم الناس لنيل الأصوات ، ونشط قبيل الانتخابات في توزيع قطع الأرض على المواطنين ، ولهذا الهدف شكل مكاتب الإسناد والتي همها توزيع الأموال والمكاسب على سكان المناطق الموكلين بالاشراف عليها . وهكذا تبقى لدى دولة رئيس الوزراء ثقافة العطاء المادي هي السائدة في أعرافه وفي تعامله مع العراقيين بعيدا عن أي محاولة لتعميق الحس الوطني ومشاعر الدفاع عن الوطن بلا ثمن مادي.
وهنا أحب أن اسأل السيد المالكي من وجهة شرعية ، عمن يستشهد ممن أغراه عرض قطعة الأرض واستبسل في قتال ( داعش ) وأمثالهم من أوباش الإرهاب والقتل : هل هو ( شهيد للوطن أم قطعة الأرض ) . فالرواية التي سوف اسوقها تجيب عن السؤال : بعد انتهاء معركة أحد جاء بعض المسلمين يعزون النبي صلى الله عليه وآله بشهدائهم وذكروا له أحد الأسماء فقاطعهم النبي قائلاٌ : أن هذا الرجل شهيد الحمار . فقيل له يارسول الله لقد قاتل المشركين ، فقال : نعم لكنه قاتلهم وعينيه على حمار اعجبه وكان يسعى أن يغنمه منهم .
نحن نعتقد أن ابطالنا في الجيش العراقي لديهم من الحس الوطني ومن مشاعر الاعتزاز بالكرامة ما يغنيهم عن أي عرض دنيوي مادي يكون الدافع الأساسي في الدفاع عن الوطن وفي نيل الشهادة ، وأن المرجعية عندما طلبت من العراقيين التوجه لحماية الديار جعلت الشهادة والجنة ثمنا لذلك وليس قطعة أرض أو مكافأة ، لأن المرجعية عندما تقرأ طبيعة الصراع تقرأه بعيون إلهية وليس بعيون شاخصة نحو مكاسب مادية حزبية أو شخصية ضيقة زائلة .
|