في اليوم العالمي للاجئين.. لنتذكرهم جميعاً

أكاد أجزم أن ما من رب أسرة عراقية لم يفكر أن يهجر وطنه ويلجأ الى أي بقعة أرض تمنحة وعائلته الأمن حتى ولو أضطر الى التضحية بكل شيء .. تتزايد تلك الأفكار لتغزو المساحات المتبقية في عقولنا التي اتخمها الخوف من المجهول ومع تفاقم الظروف الأمنية التي تطال وطننا اليوم ؛ أتت تلك الأحداث على أخر حلقات الأمل التي نتشبث بها بحثاً عن المستقبل لعوائلنا ، فما من أحد منا ليس لديه قريب هجر العراق خلال الحقبة السابقة أو خلال الأحد عشرة سنة الماضية .. فالأزمات السياسية وإحتدام العمليات الإرهابية في أغلب مناطق العراق أصبح معها اللجوء أو الهجرة ، الداخلية أو الخارجية ، أو التفكير بهما من أهم مايشغل عقولنا وأبناءنا وهذا هو حال النزاعات التي تتجاذب وطننا .. أنها من أهم أسباب الهجرة واللجوء .. فالعراق يعتبر واحداً من خمس دول ، هي على التوالي، أفغانستان، الصومال، العراق، السودان، سوريا ، تصدرت النسبة الأكبر في عدد لاجئيها في كل بقاع العالم تلك الدول الخمس تصدر 55% من اللاجئين في العالم ، بعدد وصل الى 10 ملايين لاجيء في عام 2010

أخيراً تفوقنا في شيء .. ولكنه يجعلنا نتحسر على كفاءآت وخبرات وطاقات كامنة كبيرة قد هجرت الوطن خوفاً من بطش الإرهاب والعمليات العسكرية التي دارت رحاها على أرض العراق منذ عقود من الزمن لذلك ترى ان تجمعات كبيرة من العراقيين تشهدها أغلب دول العالم من المهاجرين واللاجئين .. يستدعي الأمر معهم لإعادة نظر شمولية نحاول التقارب بها مع تلك المجموعات وتقدير مستوى إحتياجاتهم ونخص بالذكر أولئك الذي يعانون من مسألة العودة القسرية للوطن .

لم يخف المختصون بشؤون الهجرة استغرابهم من ان يأتي العراق في طليعة الدول الاكبر في هجرة سكانها، برغم التغيير الذي طرأ على الاوضاع منذ 2003 ، ويشيرون بالاخص الى ان ارقام الامم المتحدة لم ترد فيها اصلا نسب التهجير الداخلي بسبب العنف والحرب الطائفية؛ وبرغم ذلك فان نسبة المهاجرين من العراق لم تزل هي الاعلى في المنطقة.

والأحداث الأخيرة في العراق التي شهدها حزيران قد تعتبر الأكثر قسوة على مئآت الآلاف من العوائل والأفراد من العراقيين الذين هجرو منازلهم نزوحاً الى مناطق آمنة توفر لهم السلامة من بطش المعارك الدائرة الآن والهيستيرية البغيضة التي تطال مناطقهم من قبل المجاميع الإرهابية السوداء الغازية .

العراقيون كانوا يأملون أن تنتهي حقبة الظلم السابقة بعد عام 2003 وأن تستقر توجهاتهم نحو مستقبل أفضل ولكن ما أن مرت سنة واحدة وتوقفت حركة الحواسم والعصابات الجرمية حتى بدأت عصابات الإرهاب تقتص من هذا المستقبل وتحيل أيامنا الى حالة من الفزع اليومي المتواصل بعدما تكالبت قوى الشر على شعب مظلوم ، ولم تتح الأحداث السياسية المتلاحقة الفرصة لإعادة بناء الجيش العراقي الباسل بناءاً قوياً من حيث المعدات اللازمة لذلك ليتكامل دفاعه عن أرض الوطن تجاه تلك القطعان الغازية .

عملت وزارة الهجرة والمهجرين كثيراً لإستيعاب من هجرو قسراً من وطنهم محاولة منها في تدارك بعض حقوقهم التي ضاعت بسبب هذا العمل وبالأخص النازحون في الوقت الحاضر من الأحداث الأخيرة ، نشد على أيديهم في بذل المزيد من الجهد لإستيعاب كل العوائل النازحة والمهاجرة بما تحتاجه ليعينها على الظروف الصعبة التي يمرون بها وهذا عمل إنساني كبير تبدع فيه الأمم المتحضرة وعلينا الإقتداء بتجارب العالم في مجال بذل المساعدات مهما كان شكلها ونوعها لتلك الأسر والأفراد النازحين ، نأمل أن يعودوا لمنازلهم وحياتهم بأسرع وقت .

المهاجرون واللاجئون ينتظرون أن ينبلج صبح الوطن الجديد ويتحقق الإنتصار النهائي على الإرهاب والتفكير جدياً بالمستقبل وهم بإنتظار هذا الموعد المبارك نسأل الله ان يكون قريباً ، ولنتذكرهم جميعاً ..أولئك الهائمون على وجه البرية . حفظ الله العراق .