أثبت العراقيون أنهم أصحاب قضية و موقف في وقت واحد فرغم كل أبواق الشحن الطائفي لا زالت رادارات منع الفتنة تعمل بكل طاقتها، مقابل نحت سياسي في الصخر لجر البلاد و العباد الى أخطر مفترق للطرق في تاريخها، الا وهو الاقتتال طائفيا، ورغم وضع اليد على القلب تحسبا من " روعنة هنا و فشل هناك" فاننا على قناعة تامة من براءة شعب العراق من الطائفية.
اليوم وقد توضحت الأمور بشكل لا تغطي عليه الدعاية السياسية أو الوجوه المترهلة بصدمة الفشل، فانه من المسؤولية وجوب الوقوف في منتصف الطريق واعدة قراءة المشهد بدلا من الايغال في جهل الحسابات و مسلسل التضليل، بحيث يكون استقرار العراق و وحدة اراضيه هو الهدف بعيدا عن عبودية الاشخاص و الانجرار وراء سياقات اللاوعي بخطورة ما يجري.
نحن نرفض استباحة حرمة العراق و أهله أو ذبح وحدته و أخوة ابنائه بسياسة" المناكفة و التسقيط الشخصي" لأن الضحية معروفة وهي هذا السيل من دماء الأبرياء و هذه الخسائر على مختلف الصعد و في كل الميادين، لأن أي انتصار لا يحافظ على وحدة البلاد و العباد و المتبقي من اركان الدولة المدنية فهو الفشل و الجريمة بحق الانسانية، بطريقة لا تختلف عن محاولة التضليل في كل الميادين و تخويف العراقيين بفوضى سلاح قد تحقق النقيض من أهدافها المعلنة.
العراقيون لم يكونوا يوما متشددين أو عاشقين للدم أو القتل ، فقد أبدعوا في كل مجالات الحياة الا استباحة دم الأبرياء ورفض مشروع التقسيم و العمالة، لذلك من الخطأ جرهم بالقوة الى صف لم لا يناسب مزاجياتهم و طباعهم، مثلما لا يجوز تحويل العراق الى بيت لهذا الفريق او تلك المجموعة، لأنهم في الأمس كانوا يحاربون عبودية الأشخاص و اليوم يستنسخونها بعناية فائقة و يوفرون لها كل المبررات، في مفارقة تاريخية غريبة جدا، صفحة ألعن من أختها و مع ذلك يتحفونا بخطاب احترام حدود الله في خلقه، بينما المطبق على الأرض عكس ذلك بالتمام والكمال، مقومات تسلل تبيح كل شيء للدفاع عن استراتيجية فاشلة وحسابات لم ترق الى مستوى الطموح، فيما أبسط مباديء الحكم و السياسية تقضي بمراجعة سجل الأداء فاذا مالت الكفة لصالح الفشل يجب اعادة الحسابات والأولويات على مختلف الصعد.
ولأنها الواقع في العراقوصل الى نقطة اللاعودة فانه حان وقت التغيير ليس من باب الانتقام الشخصي أو الحزبي بل لوضع خطوة في الاتجاه الصحيح حيث ان ديكتاتورية الأشخاص و المال لا تبني وطنا، كما أن التهاون في فرض سلطة القانون يؤسس لمحاكم مجهولة الأهداف و الضحايا، و من هنا فان القضية الملحة جدا هي التفريق بين أخوة العراقيين و طائفية السياسيين، بين الخوف على وحدة العراق و بين ذبحه من أجل كرسي حكم برجل واحدة!! بين التوقف عن تحميل الأخرين أسباب فشل التجربة و الاصرار على افتعال أزمات تؤذي العراق و أهله في المستقبل، ما يستدعي عقلانية التعامل لأن "الرادارالأمريكي" يمتلك من الآذان الكبيرة و العيون اليقظة ما يجعله بقادر على فك كل شفرات خلط الأوراق، و من الخطأ الايحاء بأن " التردد البيضاوي" لا يستند الى معطيات مختلفة عن المعلن، لذلك يرسل اشارات باتجاهات مختلفة ، المقصود فيها تغيير مراكز القرار في المنطقة الخضراء، و من يقرأ الأمور بعكس هذه الطريقة كالذي يتوهم بعدم وجود علاقة بين سطوع نجم اللواء حفتر و القبض على المتهم الأول بتفجير سفارة أمريكا في ليبيا!!
في المقابل نجد الأمر معيبا عندما تذكرنا واشنطن أو غيرها من العواصم بوجوب المحافظة على وحدة العراق و تشكيل حكومة متجانسة، و الايحاء بان صانع القرار ليس عراقيا، ما يسحب البساط من تحت أقدام الكثير من السياسيين، ويرفع الحصانة عنهم، فقد حنثوا باليمين و اسسوا للفتن و صدقوا ما يطلق عليهم من اسماء و عناوين " فركبوا رؤسهم وصموا آذانهم " عن حقوق المواطنين ليضربوا بعرض الحائط مبدأ الشراكة و المواطنة، فلا تأسفوا عليهم ، لأن عقارب الساعة تتسارع كثيرا هذه الأيام وهناك من يتحدث عن "بطل جديد" في العراق لا يحب ايران كثيرا لكنه لا يرفض واقع الجغرافية معها و يكره جدا الثوب الطائفي و التمدد القومي في ادارة الدولة العراقية، التي نريدها ديمقراطية صحيحة و مدنية واضحة المعالم، وهو ليس بكثير على شعب خصه الله بكل الخيرات باستثناء القيادة الحكيمة، التي ينتظر العراقيون ولادتها من غير رحم الاحتلال و بيادقه!!