حزب البعث... والدواعش

     أفرزت النكسة الأخيرة التي مر بها العراق وأقصد هنا تحديداً ماسأة الموصل، الكثير من الدلالات والمعاني وحقيقة مايجري للكثير من الأمور الجارية في البلد وخاصةً في الموصل الحدباء... وعلى الرغم من عدم توضح الأمور بشكلها النهائي ومعرفة حقيقة ما جرى من إنهيار أمني سريع، وتمكن القوى البربرية من الذين يطلق عليهم بــ "الدواعش" من السيطرة على بعض مناطق مدينة الموصل وتوابعها ونزوح عوائلها، ويجب الإشارة هنا الى طبيعة العلاقة بين هؤلاء الظلاميين وخلايا حزب العبث وأقصد هنا (حزب البعث)، فعلى الرغم من إختلاف الأيدولوجيات والأفكار بينهما، إلا أنهما إلتقيا في نقطة واحدة وهي قتل الشعب العراقي والتفرد بالسلطة، إذ إن تجربة إتكال الحزب المقبور على العرب والأجانب هي ليست وليدة اليوم وإنما كانت بداياتها قبل أيام من الحرب الأمريكية الأولى على العراق وأتذكر ويتذكر معي العراقيين الشرفاء جيداً حينما أستدعى أزلام نظام البطل القومي! وبقيادة حزبه المشوؤم، المرتزقة العرب ومن جنسيات مختلفة ليقاتلوا الى صفه مقابل المال! وأستعرضوا أنفسهم من على شاشات التلفاز في مدخل "فندق فلسطين- ميريديان" في بغداد، متوعدين بقطع روؤس الأمريكان وبهزيمة لاتغتفر... ومن ثم بعدها تم أستلام جوازات سفرهم وأطلاقهم في أرض العراق ليعيثوا بها فساداً وليكونوا خلايا نائمة له عند الحاجة

    ومثلما عودنا هذا الحزب على إنجازاته الموعودة هاهو اليوم يطبق مبدأ (أنا والغريب على أبن عمي!) ويضع يده بأيدي الشياطين السفاحين لذبح الشعب العراقي على أنغام الحرية والكرامة وبدون أي رحمة وبدم بارد! حيث بلمحة بصر ظهر أزلام النظام المقبور والذين يجب أن يطلق عليهم وبحق "صداميون للأبد" لا بل "صداميون للموت". هؤلاء الذين كانوا يصفون من خلال أبواقهم أعضاء الحكومة المنتخبة بأنهم "صفويون" وجاؤا على ظهر الدبابات الأمريكية متناسين بأنهم اليوم يتحالفون مع حثالة البشر ضد أخوانهم في الوطن والدين والأنسانية، لا لشئ سوى الوصول الى سدة الحكم مرة ثانية وبأي ثمن. لقد تناسى هؤلاء وبقيادة حزبهم المغوار! إنه بسببهم ضاعت ثروات الوطن المادية والبشرية وما حالنا اليوم إلا خير دليل على ذلك، والغريب إن هؤلاء من أزلام وبقايا البعث لا يستوعبون الأمر، إذ لازالوا يحلمون بعصرهم الذهبي، والأغرب من ذلك إنهم لا يتعظون ولا يؤمنون بأن "للدهر يومان يوم لك ويوم عليك"، ويريدون العودة بالعراقيين إلى المربع الأول؟.

     إن ماقام به أزلام هذا الحزب المشوؤم من دعم وتأييد للمتخلفين الدواعش في محاولة إنقلاب الموصل! بقيادة داعشهم (عزة الدوري) قد دقوا المسمار الأخير في نعشهم، فقد أستهجن تلك الفعلة جميع الشرفاء من العراقيين حتى أولئك الذين كانوا يتعاطفون معهم، تلك الفعلة التي يجب أن يطلق عليها بالمؤامرة ضد الشعب العراقي قبل أن تكون مؤامرة ضد الحكومة العراقية. فهاهم اليوم الوحوش الكاسرة من مقاتلي داعش يقدمون لأهلنا في الموصل باقة جديدة من إنجازاتهم في أمارتهم الوليدة! من رحم البعث المقبور، من تشريد وتهجير وقتل وتفجير، زارعين بذلك بذور الفتنة والطائفية بينهم، كما يعيد التاريخ نفسه اليوم ويطبق الحزب من خلال هؤلاء المتخلفين ماكان يقوم به من مقابر جماعية بحق العزل بأختلاف الزمن والمكان

    ومن ناحية ثانية يعرف القاصي والداني وللأسف الشديد إن الحرب الإعلامية التي شنها داعش قد حققت نجاحاً في إختراق أجهزتنا الأمنية وبالأتفاق مع بقايا وأزلام الحزب البائد، إذ سرعان ما صدحت أبواقهم الأعلامية من خلال الوسائل التقنية والمواقع الألكترونية ومواقع التواصل الأجتماعي، لا بل حتى على الصعيد السياسي والتي كانت متأهبة لهذا اليوم المشؤوم لتنادي بسقوط مدينة الموصل بيد ثوارهم!! وأنهيار للدولة العراقية في ظرف ساعات، وهذا الإختراق إن دل على شي فهو دليل على أن هناك أتفاقات مسبقة ولقاءات وإجتماعات تحاك في السر لتلك الخلايا. والمضحك في الأمر إنه كانت من أولى سياسات الحزب الأوحد (حزب البعث) سابقاً أبان حكمه الرشيد هو منع العراقيين من إستخدام كافة وسائل التقنية من أجهزة نقال وأنترنيت وقنوات فضائية؟

   إن مايجب قوله هنا أن ماحدث في الموصل هو بلا شك نتيجة للممارسات التي يتبعها البعض سواء في الحكومة أو في الكتل السياسية، وعلى الجميع أن يعلم أن خير البلد هو في أهله وناسه وليس في الغريب القادم من بحر الظلالة والهمجية فهؤلاء البرابرة قد أعدوا العدة الى غزو بربري جديد للعراق ليعيدوا أمجاد هولاكو والتتر، ومهما بلغت حجم التناحرات والتخالفات بين أفراد البيت الواحد لايمكن بأي حال من الأحوال الإستعانة بالغريب على أهل الدار... فالعراقيون أخوة على مر التاريخ، ولتكن هذه النكسة درساً لنا جميعاً على الرغم من قساوتها ولنتكاتف جميعاً ضد كل من يريد أن يقسم بلدنا وأهلنا، وأن لاننسى ذلك اليوم الذي دافعنا فيه عن عراقنا في خندق واحد لكي نحميه ونحمي أهله

   وفي نفس الوقت على الحكومة المركزية اليوم أن تتخذ قرارها التاريخي لحماية العراق وأهله أخذة بنظر الأعتبار التحديات التي يواجهها العراق منفرداً، وأن تقوم بطرد كل الفاسدين من جميع مفاصل الحكومة والدولة والحد من المهاترات والتنافرات التي لا فائدة منها سوى تعميق الجروح بين أبناء البلد الواحد. وكذلك القيام فوراً بمحاسبة المتخاذلين من القادة والجيش الذين يثبت تورطهم في هذه الماسأة ليكونوا عبرة لغيرهم، ولردم الفجوة بين المواطن العراقي والدولة وتوطيد أواصر الثقة بينهما من جهة وبين أبناء البلد من جهة ثانية، وأن يعم الأمان والأستقرار على جميع العراقين، اللهم، اللهم، أجعلها برداً وسلاماً على الموصل الحدباء وعلى العراق، قال تعالى " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ".