حكومة رافعة شوكية

مطالبات بعض الساسة العراقيين بتشكيل حكومة إنقاذ وطني وصلت إلى الإدارة الأميركية ، وأصبحت ضمن خيارات واشنطن لتدارك انهيار الأوضاع الأمنية ، وقبل أحداث الموصل وفي نشوة اطراف حققت نتائج متقدمة في الانتخابات التشريعية كان الحديث يدور عن حكومة الأغلبية السياسية ، وسرعان ماتم تأجيل الخوض في هذا الأمر، لانشغال أصحاب هذا التوجه بتحشيد المتطوعين وتحرير المدن المختطفة من الإرهابيين ثم العودة إلى مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة ، بأسماء وشخصيات قديمة .
تشكيل حكومة الإنقاذ يتطلب توفير "كرين أو شفل أو رافعة شوكية" لإزالة جميع الخلافات بين الزعماء السياسيين ، ثم بلورة اتفاق موحد لتحقيق الإنقاذ ، والمشكلة التي تواجه أصحاب" الحل والربط" اختيار "الرافعة الشوكية" المناسبة للأوضاع العراقية ،فهل تستورد من ايران أو من الولايات المتحدة ، أو من دولة عربية أبدت استعدادها لدعم العراقيين شريطة ان لا يكون رئيس حكومتهم نوري المالكي ، والإجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى سقف زمني طويل ، لان القادة العراقيين ، اعتادوا على عقد سلسلة اجتماعات ، وإصدار المزيد من البيانات ، تمهيدا لإصدار القرار المناسب، وعندما تبدي واشنطن انزعاجها من استمرار الخلاف ، وتربط دعمها العسكري للعراق بوحدة موقف السياسيين ، حينذاك تصعد الغيرة لدى البعض ، ويزف بشرى التوصل إلى اتفاق بتشكيل حكومة إنقاذ بواسطة الرافعة الشوكية .
القضية العراقية بكل تفاصيلها الأمنية والسياسية، يبدو أنها مرهونة بإرادة خارجية ، والوقائع والشواهد خير دليل على ذلك ، فمع بروز المخاطر والتهديدات ،ومظاهر جرالبلاد إلى منزلق خطر ، صدرت مطالبات رسمية بتفعيل الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن ، وتجاهل من كان يدعي بناء مؤسسة عسكرية قادرة على حماية البلاد وحفظ الأمن ، تصريحاته السابقة باستقلالية القرار العراقي ، وهذا النموذج سيكون من اشد المعارضين لتشكيل حكومة الإنقاذ، وسيسعى بكل الوسائل المتاحة للحفاظ على موقعه ،وقد يلجأ إلى تحريك الشارع ، في الظرف الراهن ، وينظم التظاهرات والاحتجاجات ، ضد سرقة إرادة الناخبين ، وله الحق بوصفه صاحب الرقم الصعب في العملية السياسية ،فضلا عن امتلاكه الورقة الرابحة في اللعبة الديمقراطية بنسختها العراقية المشوهة التي أفرزت المحاصصة وكرست الانقسام الطائفي ، وشجعت الجماعات المسلحة على اختلاف أنواعها ومسمياتها على توسيع دائرة نشاطها ،في المناطق الساخنة والآمنة ، وسط إخفاق حكومي في إدارة العديد من الملفات .
في لحظة وصول الرافعة الشوكية لتشكيل حكومة الإنقاذ ستدخل البلاد في صفحة فوضى جديدة لان السياسيين والمسؤولين من مرتدي الزي العسكري وقواعدهم الشعبية وضعوا أصابعهم على الزناد استعدادا لخوض معركة القضاء على الإرهاب ، وليس من المستبعد أن توجه البنادق لمن جلب "الرافعة الشوكية" من الخارج ، لتشكيل حكومة الإنقاذ ، بسرقة إرادة الناخبين ، وحرمان من يستحق رئاسة الحكومة الجديدة من حقه،واختيار شخصية أخرى لقيادة فريق الإنقاذ .