صريفة ونّاس

ونّاس عريبي بعد حادث حرق صريفته من قبل مجهولين ، هدد " السلف" أي قريته بشن صولة ليلية وحرق جميع الصرائف ، مالم يقدم الاهالي المعلومات الدقيقة عن منفذي جريمة حرق صريفته ، ليكونوا عبرة لمن اعتبر ، وينالوا العقاب العادل على فعلتهم الشنيعة ، تكبد فيها وناس خسائر مادية هي كل ممتلكاته في الصريفة من السجاد والاغطية الصوفية ، ومبلغ خمسة دنانير دسه في زاوية تحت الحصير .
حاول رجال السلف امتصاص غضبه واستعدادهم لتعويض ما فقده من ممتلكات ، لكنه رفض الحل السلمي ، وابدى تمسكه الشديد بالخيار العسكري ، لحصوله على تأييد من ابناء عمومته ، فاعلنوا التطوع لخوض المنازلة المرتقبة ، حتى معرفة المجرمين ثم تقديمهم لعدالة السنن العشائرية .
عقلاء السلف واصلوا مشاوراتهم لثني وناس عن ارتكاب حماقة ، ولاسيما انه معروف لديهم باندفاعه نحو المشاجرات " وشراء الطلايب " ولطالما هدد شباب القرية لأسباب تافهة بخنجره "العفجاوي" ، فصدرت الأوامر بإنشاء صريفة جديدة شيدت في غضون ساعات قليلة ، وزودت بقدرين من النحاس وطشت ، وابريق وقاط فراش تبرع بها بعضهم لتفادي اندلاع ازمة في السلف قد تجره الى مواجهات تستخدم فيها الخناجر والتواثي والمكاوير ،ومن حسن حظ ابناء السلف في زمن واقعة حريق صريفة وناس ان لا احد منهم يمتلك السلاح الناري .
فشل محاولات احتواء الازمة ، واصرار وناس على معرفة حارقي صريفته ، ومطالبة ابناء عمومته بالاسراع بشن الصولة ، للحصول على مغانم الحرب ، عطلت فرص نجاح المساعي السلمية ، وفي ساعة الصفر في احدى الليالي ارتفعت صرخات الاستغاثة ، فصد المدافعون هجوم" قوة وناس" وفي صباح اليوم التالي عقد الطرفان الهدنة ، وبتدخل العقلاء ، حسم الملف بتعويض صاحب الصريفة المحروقة بمبلغ عشرة دنانير ،ثم انتقل وناس الى سلف اخر ، وظلت قصته ترويها الاجيال ، حتى وصلت الى احفاده فكانوا اول المنددين بتصرفات جدهم .
من زمن وناس وحتى الوقت الحاضر ، تدرس الولايات المتحدة الاميركية خياراتها لمساعدة الشعوب في الحفاظ على امنها من اعداء الداخل والخارج ، احداث نينوى لم تحفز المسؤولين في البيت الابيض على مساعدة العراقيين للتخلص من الجماعات الارهابية ، وقيل ان خيارات واشنطن تعد على نار هادئة ، وتكتفي بتوجيه الدعوة للقادة السياسيين لبلورة اتفاق موحد يضمن استقرار الاوضاع الامنية والسياسية في العراق، ويقابل هذا البرود الاميركي تنامي نشاط المجاميع المسلحة ، وفرض سيطرتهم على العديد من القرى القريبة من العاصمة بغداد ، ومن خيارات واشنطن وكما ذكرت وسائل اعلام غربية ، توجيه ضربة عسكرية لمعاقل الارهابيين ثم فتح حوار غير مباشر مع طهران ، لتشكيل حكومة انقاذ ، وحرمان المالكي من الحصول على الولاية الثالثة ، الامر الذي يعني الدخول في المجهول ، ولاسيما ان ساسة العراق معظمهم يتطلعون للحصول على السلطة ، والحصول على المزيد من المكاسب بطريقة وناس عريبي.