احزاب الطوائف ابطال التقسيم

هنا تكمن المشكلة في تشرذم و تفكك البلاد و الدولة فالحزب الذي يمثل طائفة او دين او قومية في دولة متعددة الأثنيات و الأديان و الطوائف لا يمكن له ان يمثل جميع مكونات الشعب المتعدد الأطياف لانه و بكل بساطة يمثل لونآ واحدآ من هذه الألوان المختلفة , اذ ان الحزب الذي ينتمي لتلك الطائفة او التي يدعي تمثيلها لا يمكن له ان يمثل طائفة او طوائف أخرى لانه اختص بهذه الطائفة و التي تشكل جزء من مكونات الشعب الأخرى و كذلك الحال مع الحزب الديني فهو يكون لذلك الدين بعينه و ليس لغيره و لا يمكن له ان يكون متعدد الأديان و الوضع نفسه مع الحزب القومي و ان كان اوسع بعض الشئ من سابقيه الا انه حزب يقتصر على قومية بعينها دون سواها من القوميات الأخرى التي لها ايضآ من الأحزاب ما يمثلها .

في بلد متعدد الأعراق و الأديان و المذاهب لايمكن لحزب سياسي قومي او طائفي ان يستوعب الجميع على اختلاف مشاربهم فالحزب الذي يمثل قومية او دين او طائفة لا يمكن له ان يكون حزبآ حاكمآ في مجتمع متنوع لانه سيكون حزبآ دكتاتوريآ لفئة ما قومية كانت ام دينية ام مذهبية يلبي مصالح تلك الفئة من المجتمع دون غيرها و ان ادعوا انهم يدافعون عن مصالح المكونات جميعها .

ان الأحزاب الوطنية هي الأحزاب التي تحوي و تستوعب الكل و يكون الجميع فيها متساوون و هي التي تأخذ من المساواة مبدأ لها بين جميع ابناء الشعب و يكون الأنسب في تولي الوظائف الحكومية الرفيعة لمن له الجدارة و الحنكة بذلك المنصب بغض النظر عن هويته القومية او انتمائه الديني او المذهبي , و على الرغم من ان بدايات العمل الحزبي في العراق يرجع الى نشؤ الدولة العراقية الحديثة حيث كانت الأحزاب الوطنية تجمع الكل في اطار واحد و لم يكن بينها أي حزب ديني او طائفي ذو شأن انما كانت غالبية الأحزاب هي تلك التي تتبنى المواطنة و الأنحياز للوطن قبل الولاء للمعتقدات الأخرى فلا ضير من ان يكون المنتسب لتلك الأحزاب من هذا الدين او ذاك المذهب انما لا يكون ولائه الا للوطن و الهوية الوطنية هي  الأساس , لذلك كانت تلك الحكومات تمتاز بالتنوع الحقيقي و ليس المصطنع كما هو اليوم لذلك استطاعت ان تبني دولة حديثة موحدة لها تأثير كبير في الساحة الدولية اذ كان العراق من الدول المؤسسة لهيئة الأمم المتحدة .

اما الآن فأن التسيب و الفوضى اصابت كل شئ و التخلف و الجهل تفشى كالوباء في المجتمع حيث ان الغلبة اصبحت للاحزاب الطائفية المذهبية الضيقة الأفق حسب ما جاءت به صناديق الأنتخاب اما الأحزاب الوطنية التي تمثل طموحات و مصالح ابناء الشعب العراقي كانت في آخر التسلسل الأنتخابي و اذا ما ظفرت بمقعد او اكثر بقليل في البرلمان القادم فذلك يعد انتصارآ كبيرآ .

هذه الأحزاب الطائفية هي بالضرورة ترى أشرار طائفتها افضل من أخيار الطوائف الأخرى لا يمكن ان تكون عامل جمع و توحيد و لا يمكن لها ان تحكم بلدآ فيه من الأديان و القوميات و الطوائف العدد الكثير فهي قد حشرت نفسها في زاوية التخندق الطائفي الضيقة وتريد أخذ الشعب كله بأطيافه المتنوعة معها الى ذلك الخندق و هذا لا يمكن ان تقبله المكونات الأخرى لذلك ستكون هذه الأحزاب هي الكفيلة بتفكك الدولة الى دويلات و تقسيم المجتمع الى كانتونات طائفية و هذا ما نراه امام اعيننا يحدث اليوم .