على ماذا ينبغي أن نشكر الرئيس (أوباما) ؟؟!! |
الملايين من الناس تساءلت عن المزايا والمناقب التي منحت المواطن (باراك أوباما) تفويض الدخول إلى البت الأبيض ليكون رئيسا"للولايات المتحدة الأمريكية ، والتي جعلت منه يتمتع بهذا الرصيد من الشعبية ليس فقط داخل أمريكا وحدها ، بل وفي عموم أرجاء المعمورة أيضا"، بالمقارنة مع نظرائه من الرؤساء السابقين ؛ سواء أكانوا من الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي . بحيث ذهبت آراء الناس ، حيال ذلك ، مذاهب شتى ، ففريق يرى أن الخصائص التي تميزه عن سواه تعود لأصوله الإفريقية ، حيث مشاهد البؤس الاقتصادي والقهر السياسي والتمييز الاجتماعي ، هي ما شكلت وعيه وبلورت شخصيته . وفريق ثان يعتقد أن تلك الخصال الحميدة والصفات النبيلة مصدرها جذوره الإسلامية ، حيث الدعوة للتمسك بالفضائل والتخلي عن الرذائل . هذا في حين يؤكد فريق ثالث – وكاتب المقال يشاطرهم هذا الرأي كونه يعكس الحقيقية دون رتوش – إن الرجل وان حمل مواريث أجداده الأفارقة المسلمين ؛ لجهة العرق والدين ، فهو بالمحصلة النهائية نتاج ثقافة أمريكية / براغماتية ، حريصة كل الحرص على ألا ترى مصالحها إلاّ فيما هو نافع اقتصاديا"، وناجح سياسيا"، ومتفوق اجتماعيا". ومن هذا المنطلق فان الرئيس (أوباما) لم يحيد - بالمرة - عن جميع من سبقوه ، كما لن يختلف عمن سيأتي بعده ، وذلك لسبب بسيط وهو إن النظام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية ، فضلا"عن جميع الأنظمة السياسية الأخرى التي تعمل وفق النموذج الديمقراطي الحقيقي في الحكم ، حيث النظام عمومي مؤسسي وليس شخصي تدليسي ، وحيث التداول في السلطة يجري وفق آليات دستورية / قانونية ، وليس بناء على ثورات تطهيرية وانقلابات عسكرية ، وحيث التراكم في الخبرات والانجازات وليس الاحتكام إلى العدمية أو التلفيقية . بمعنى إن هناك ثوابت سياسية ومعايير عرفية – خطوط حمر كما يطلق عليها جهّال السياسة في عوالمنا المتخلفة – لا يمكن لأي كان وتحت أي ظرف كان التجاوز عليها أو والمساومة بشأنها ، سواء تعلق الأمر بأبسط الأمور العادية الخاصة بحياة الفرد أو بأخطر القضايا المصيرية المعنية بمصالح الأمة . والحقيقة إن شاغلنا في هذا المقال ليس دراسة وتحليل شخصية الرئيس (أوباما) ، باعتباره يشكل سابقة كأول رئيس زنجي يحكم أمريكا ، ومن ثم الكشف عن محاسنه أو إماطة اللثام عن مساوئه . بقدر ما ينصب همنا على واجب (شكره والتسبيح بحمده) حيال الخدمة الجليلة التي أسادتها حكومة الولايات المتحدة للشعب العراقي ، من خلال تفضلها منحه هدية (الديمقراطية) على طبق من ذهب دون مقابل ، كما يشير الرئيس (أوباما) في خطابه المتلفز حول الأزمة العراقية الراهنة ! . وبرغم كل (التضحيات) التي زعم سيادته أن أمريكا تجشمتها - لسواد عيون العراقيين- جراء تلك الأعجوبة السياسية المسماة (ديمقراطية) ! فإن الشعب العراقي الناكر للجميل دوما"، أظهر جحوده وقلة ذوقه حيال الكرم الحاتمي لأمريكا ! . سيدي الرئيس (أوباما) مع كل احترامي يبدو إن ذاكرتك لم تعد تسعفك وأصبحت كثير النسيان ، بحيث بات تذكيركم بحقيقة إن أمريكا (الإنسانية جدا"والمدافعة عن حقوق الإنسان) لم تتلطف وتمنح الشعب العراقي هذه المكرمة السخية فقط ، بل أنها قدمت له هدايا كثيرة ومتنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر ؛ أولا"هدية (اليورانيوم المنضب) التي قدمتموها لإبادة رجاله وإعاقة نسائه وتشويه أجياله ! . وثانيا"هدية (الحصار الاقتصادي) الذي أزهق أرواح الآلاف من أبنائه بسبب نقص الدواء والغذاء ، حتى إن وزيرة خارجيتكم السابقة المحترمة (مادلين أولبرات) نصحت رئيسها طيب الذكر (بوش الأبن) ، بان يترك العراقيين ينضجوج على نار هادئة ! ، في الوقت الذي كان يموت يوميا"الآلاف من الأطفال الرضع ! . وثالثا"هدية صواريخ كروز والقنابل العنقودية ، التي أجهزت على بنيته التحتية وقوضت مشاريعه الإنمائية ، بحيث أعادته قوتكم العسكرية إلى عصور ما قبل الحضارة ، كما توقع وزير خارجيتكم السابق (جيمس بيكر) ! . ورابعا"، وخامسا"، والقائمة تطول . سيدي الرئيس كان فضلكم أكبر لو تركتمونا نحلم بمثال الديمقراطية ، بدلا"من أن نتألم بواقعها المفجع ، كان فضلكم أكبر لو تركتمونا ننعم بأوهامنا عن جنة الديمقراطية ، بدلا"من أن تحرقونا بجحيمها الحارق ، كان فضلكم أكبر لو تركتمونا نهيم حبا"بالقيم الديمقراطية ، بدلا"من أن تكشفوا لنا عوراتها وتفضحوا أمامنا سرّها المخزي . ما أقول لك يا سيادة الرئيس ؟! هل يكفي أن ألعن ديمقراطيتكم الزائفة التي جلبت لنا المذابح ، وفرضت علينا الفوضى ، وأمطرتنا بوابل من الأكاذيب ؟! . ياسيدي الرئيس كان يجدر بك ، وأنت تتحدث أمام وسائل الإعلام ، أن تمتلك الشجاعة وتسمي الأشياء بأسمائها فتقول : إن أمريكا أهدت العراقيين (الدم – قراطية) ، وكرمتهم (بالفوضى – قراطية) ، وعلمتهم (السرقة – قراطية) ! . فعن أية ديمقراطية تتحدث ياسيادة الرئيس بالله عليك ؟؟ . هل تسمي تخريب الدولة وتحطيم كيان المجتمع
|