كم ذكر المؤرخون والكتب المدرسية قصة الخليفة المعتصم الذي استغاثت به امرأة حين نادت وامعتصماه ، لتخبرنا ان المعتصم هب لنجدتها بجيش قاده بنفسه ، و حرر عمورية وحرر المرأة من ايدي الروم . عمورية هي التي قال فيها الشاعر ابو تمام: السيف اصدق انباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب بيض الصفائح لا سود الصحائف في متونهن جلاء الشك والريب يايوم وقعة عمورية انصرفت عنك المنى حفلا معسولة الحلب غالبا ما كنا نعجب ، ونحن اطفال لا خيال يساعدنا على تصور مسيرة الجيش كل تلك الرحلة و تلك المسافة البعيدة من سامراء الى عمورية ، في الوقت الذي لا نستطيع فيه السير من المدرسة الى البيت بسهولة ..... وما زلنا نذكر المعلمين الذين كانوا يكررون علينا تلك القصيدة العصماء ويشرحونها بفخر واعتزاز ، مع شحنة من النشوة لبطولات هؤلاء المحاربين وانتصاراتهم . يتكررالمشهد بشكل اخر اليوم لنسمع استغاثات نساء الموصل ونرى تـشـتـت اهلها في القفار للنجاة بانفسهم من قسوة قوى الارهاب التي استباحت المدينة في غفلة من الزمن بينما يقبع بعض حكامها بعيدا ينظرون الى مصير ابناء مدينتهم بخذلان دون ان يقدموا شيئا لحمايتهم من مخالب الارهاب الذي هاجمهم بليل بهيم. وها هو تمثال ابي تمام يتعرض للتهشيم ، واثار البلاد العريقة ، اثار بلاد اشور يتناهبها اللصوص ليحطموها او ينقلوها خارج البلاد لتباع في المزادات وتصبح ملكا لمن يدفع حفنة من الدراهم . ان مدينة الموصل لن تغفر لمن باعها بثمن بخس وستبقى منارة الحدباء شاهدا على من ترك المدينة العريقة نهبا لعصابات اللصوص والمجرمين الذين يحاولون تدميرها . الامل معقود على ابناء العراق الغيارى وعلى الاخص سكان الموصل النجباء انفسهم لتنظيم مقاومة من داخل المدينة للخلاص من المجرمين الذين يرومون اغراق البلاد بمستنقع جرائمهم كما قاموا بذلك قبل نصف قرن حين استولوا على الحكم اثر اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في شباط 1963.
|