اسباب الخوف

 

الخوف هو السمة الغالبة في الشارع الان. فالكل يحاول ان يفهم التناقض الحاصل في الخطابين الرسمي والعام بشأن عصابات داعش، والكل يبحث عن تطمينات فيما يخص بغداد ووضعها الامني.

ان ملخص الخوف الحاصل لا يتصل قطعا بقوة عصابات داعش وبطشها، وإنما بضعف الدولة ازاء الحدث الكبير الذي وقع في مدينة الموصل وأطرافها. فالمواطن غير محصن أمام الاختراقات الكثيرة التي يقوم بها الإعلام، فضلا عن الخطابات المتناقضة التي تسود الساحة السياسية. الكثيرون الان يروجون لطروحات وتسميات جديدة لداعش في حين ان الجهد الرسمي يزيد من الهوة بين المواطن وحكومته من خلال تبني الوقائع بمساند ضعيفة ومتناقضة وعدم القدرة على التوازن.

لقد ساهمت مفاصل الضعف الكثيرة في عمل الدولة بتراجع المعنويات. كما ان المواطن لا يملك عن الدولة سوى صورة تنخرها الهشاشة وتغزوها التقرحات بسبب الفساد الاداري والافتقار الى الخدمات وكثرة المشكلات الاجتماعية، وبذلك لا يثق بأي إجراء حكومي، الأمر الذي يجعل الخوف هو السائد على المستويات كافة.

ان شجاعة المواطن من تماسك الدولة. وعليه فان من اهم استراتيجيات القوة اظهار الثقة العالية، واستعراض مكامن التفوق، والدفع باتجاه تقوية القواعد التي تقوم عليها اركان الدولة.

لقد تابعنا بكثير من القلق كيف ان الخطابات السياسية منقسمة بين شجب وتأييد، فإذا كانت عصابات داعش تلقى تأييدا من الذين يديرون دفة البلد، فليس من المستغرب ان تنكسر شجاعة المواطن ويفقد معنوياته بسرعة خاطفة.

ان التساهل الذي حصل باسم الديمقراطية جعل الخيانة تغلف بورق الهدايا والكلام النابي يصبح نغمة طربية. وهذا السلوك لا يختلف كثيرا عن سلوك البرلماني، الذي يزور شهادته التعليمية او المسؤول الذي ينهب المال العام.

ان تركيبة الخلل في العراق اوجدت لنا عالما زئبقيا. فلكل فعل ـ مها كانت شناعته ـ له ما يستره ويزينه ويحليه. وبذلك ضاع الخيط والعصفور وانقلبت كل المفاهيم، بما فيها تلك التي تعد قواعد ثابتة يعمل بها العالم كله.

لقد ساهم الضعف الحكومي في تدمير المناعة الوطنية كما ادى الى تفتيت صخور الثقة وبعثرة القدرات بشكل يشبه الانهيار التام.

المواطن هو هدف السياسة وهدف الفعل والقانون ومن هنا فان اي ضعف في تركيبة المواطن لا بد ان يكون سببه ضعف الهيكل السياسي العامل. وهذا هو الخطر الاكبر على البلد.