في العام 1992 إضطررت أن أعود الى العراق بعد طول غياب ونتيجة لضيق الأرض بي بما رحبت , إذ كنت في الأردن ولم يمر يوم دون أن يتهددني تسفير أو سجن حيث بدأت أكتب بعض المقالات وهي العادة التي لم أستطع الإنقطاع عنها أو الإبتعاد منها , لم أستطع أن أكتم ألماً أو شعوراً دون أن أنفثه كلمات كما ينفث المدخن من أعمـاق رئتيه السوداء دخانه حتى لا يموت "بنيكوتينه" السام ! عدت بعد أن بلغ الغضب مني مأخذه ورحت أصرخ بيني وبين نفسي , سأعود فالعراق ليس لصدّام حسين وأولاده .. هكذا .. تخوفات زوجتي لم تزحزحني عما نويت عـليه رغم عدائي للنظام و "معـاركـي" ضده إلا إنني كرهت الإضطهاد وكانت كرامـتـي فوق كل إعـتـبـار . دخلت الحدود العراقية ومن بين 50 راكبا ساقوني الى التحقيق وسين وجيم ولكني خرجت منه كالشعرة من العجين , أو خيل لي ذلك . لا أريد أن أسرد طويلا ما جرى ولكن بعد أن أستقر بي المقام في بغداد تحت إلحاح الأهل , أشتريت بيتا وعند الدفع فوجئت بأنني لا أستطيع تسجيله بإسمي لأنني مولود في البصرة وقانون قراقوش التكريتي يحرّم ذلك , ولكني دفعت المبلغ وحرت في الأمر فتقدم " الدلال" البغدادي بإقتراح بتحويل مواليدي من البصرة الى بغداد مقابل 50 ألف دينار عراقي أي" تزوير" مكان ولادتي وبذلك أستطيع أن أسجل البيت بإسمي ولكني رفضت رفضا قاطعاً أن أكون " بغداديا" بالتزوير والشئ المهم هو القوانين التي وضعها صدّام والتي تطبق على أولاد الملحةومنطوقها الإعدام , وأنا لا أريد أن أموت لسبب تافه مثل هذا , وبقيت بصريا وبيتي لم يتحول إلا بعد أن عدت الى الغربة ولم يطل بي المقام في العراق سوى سنتين عانيت فيهما بالكتمان والسكوت وعدم الإحتكاك بالغير وعدم الثقة بالآخرين والتهديد بالتسفير الى البصرة !!فخسرت بيتي بعد أن باعه زوج إختي " البغدادي" بعد سفري ولم أقبض ثمنه حتى يومنا هذا و ما زلت غريبا أحنُّ الى الديار !!؟
واليوم حينما أقرأ عن الكثيرين الذين يُشغلون مناصبا كبيرة في الدولة ويحملون شهادات مزورة , ورغم عـلم الحكومة " الوطنية " بهذه الفضيحة إلا إنها لا تحرك ساكنا لأنهم "مناضلين" , و إن "نضالهم " ضد الطاغية صدّام هو "شهادة" تغني عن كل شهادة مدرسية وعلمية سواء كانت بكلوريوس أو ماجستير أو دكتوراه أو حتى إعدادية وأ كثر الشهادات التي أضحكتني هي شهادة " الدكتوراه" التي يحملها نائب رئيس الجمهورية" خضير الخزاعي" وهي شهادة دكتوراه في حب الحسين !!وثارت الثائرة على أصحاب الشهادت المزورة والذين يقبضون بالآلاف و لايشعرون بالخجل أو تأنيب " الضمير" لأنهم يأخذون ما لا يحق لهم ذلك بينما الكثير من الخريجين من الشباب يضرعون الشوارع ويطرقون أبواب المسؤولين للحصول على وظيفة تقيهم المهانة والذل في دولة غنية , ولكن في كل مكان يسألونك عن توصية من " السيد" أو " الشيخ" أو حزب "فلان" أو حركة "علاّن" وبما إنك لا تملك علاقة بأي من المذكورين "الأجلاء" فأنت لا تستحق أن تعيش بكرامة . طبعا لم يقدم أي مزوّر سواء كان وزيرا أو نائباً أو مدير عام أو ضابط برتبة لواء لم يدرس العسكرية ولم يرمي حتى بمسدس بلاستيكي ! ولكن وزيرة التعليم الألمانية
"انيته شافان"قدمت استقالتها اليوم السبت، بعد تجريدها من درجة الدكتوراه التي تحملها بسبب مزاعم الانتحال، الأمر الذي سبب إحراجا لحليفتها الوثيقة المستشارة الألمانية "انجيلا ميركل"، وهي تستعد لخوض الانتخابات للفوز بفترة ولاية ثالثة( مثل أخونا المالكي ولكن لم يستقل أي مزوّر عندنا لأنهم "يخافون" الله ويؤدون"الأمانة"التي في أعناقهم). وتأتي هذه الخطوة بعد 4 أيام من إعلان جامعة "دوسلدورف" أن الوزيرة شافان نسخت بشكل متعمد أجزاء من رسالة الدكتوراه من آخرين. وجردتها الجامعة من الدرجة التي منحتها إياها قبل أكثر من 30 عاما. وقالت شافان للصحافيين "لن أقبل قرار الجامعة وسأتخذ الإجراءات القانونية ضده .
******* قولك الحق في أحيان كثيرة يشكل خطرا عليك لا يحمد عقباه كأن تقتل بطلقة جاهل أو مسعور سلفي كما حدث للمناضل التونسي شكري بلعيد الذي لم يغلق فمه عن قول الحق والدفاع عن الفقراء ولم ترهبه صرخات "الإسلاميين" القتلة وبقي يدافع عن الحق حتى سقط صريع الأرهاب وشهيد الحق والحرية. ******* الصحفية الأمريكية - العربية هيلين توماس الطاعنة في السن ( 89 سنة) لم يسعفها عمرها المديد و لا شهرتها في " البيت الأبيض" التي بقيت فيه كمراسلة صحفية لمدة 50 عاما وكانت تجلس في الأماكن الأمامية وكانت تمازح " 10 رؤساء " أمريكيين عاصرتهم وأحرجتهم بأسئلتها. لكن "زلة" لسان بقول الحق بطلبها عودة اليهود الى بلدانهم وترك فلسطين لأهـلهـا الأصليين لم يعجب " الديمقراطيون والجمهوريون" في بلد الحرية , وقالوا لها " كش ملك" ولم يشفع لها تاريخها و لا عمرها و لا حتى حق الرأي الذي تتمتع به حسب الدستور الأمريكي . أقول " الساكت عن الحق شيطان أخـرس" وأقول كما قال الإمام علي (ع) " لا ترهبوا طريق الحق لقلة سالكيه ".
|