تحققت نبوءة عبد الكريم قاسم التي لخصها بكلماته الأخيرة للانقلابيين قبل إعدامه "إنكم تستطيعون قتلي، غير إن اسمي سيظل خالداً في تاريخ الشعب العراقي"، كان قاسم ومايزال من وضع اللبنات الاولى لدولة المؤسساتفي العراق وخلال فترة حكمه التي لم تتجاوز الاربع سنوات ونصف وجاء من جاء بعده وانهار كل شيء، تولى قاسم رئاسة الوزراء في العراق في صبيحة يوم الاثنين 14 تموز 1958 ولغاية انقلاب 8 شباط الاسود والذي نفذته عصابات البعثيين والقوميين،
تميزت هذه المرحلة بميزة أساسية، وهي كثرة الانقلابات العسكرية المعلن عنها والمستترة، التي وصل عددها الى 39 انقلابا عسكريا استهدفت مؤسسة الحكم، حدثت الأولى بعد أقل من شهرين على قيام سلطة تموز، قام بها الرجل الثاني في السلطة، عبد السلام عارف، عندما حاول اغتيال عبد الكريم قاسم.
كان حكم قاسم وطنيا مستقلا في توجهاته، رغم انه ضابط عسكري الا انه لم يكن مستبدا بل ذا نزعة اجتماعية إصلاحية تقدمية والتقدم مفردة استطاع ان يترجمها على ارض الواقع واعتمد على سياسة خارجية بعيدة عن التكتلات والأحلاف الدولية ضمن مفهموم الحياد الإيجابي، ورغم كل التحديات لكن لم يكن لعبدالكريم قاسم حماية شخصية الا جندي واحد يسير خلفه ،وهي ثغرة استغلها التيار القومي بشقيه، القوميون العرب وحزب البعث، في محاولات إجهاض سلطة تموز لازاحة الزعيم والتي انتهت بانقلاب شباط البعثي الدموي 1963.
تبنى قاسم مشروع زراعي إصلاحي يقوم على تأميم الأراضي الزراعية وتوزيعها على الفلاحين وتم على يديه انهاء الاقطاع ونفوذه، شرع ببناء المساكن للطبقات الفلاحية الفقيرة التي هاجرت إلى بغداد ومن بينها مدينة الثورة التي تعرف حاليا بمدينة الصدر،اطلق الحريات العامة وشكل كل النقابات المهنية العاملة حاليا ،حدثت في عهده طفره في المستوى الصحي والتعليمي وشيد مجموعة مستشفيات الجمهورية في جميع المحافظات والعاصمة وهو من بنى مدينة الطب ،كما يحسب له تشييد عددً كبيرا من المدارس وفي جميع أنحاء البلاد،كماعقد الاتفاقية الأولية لبناء ملعب الشعب الدولي في عهده نتيجة اتفاق بين الحكومة العراقية وشركة كولبنكيان البرتغالية،
إنشاء العديد من المصانع والمنشآت والمناطق الصناعية في عموم أنحاء العراق كان ابرزها منشآت الإسكندرية.
اشتهر الزعيم قاسم بالشهامة والنبل والعفه واحبه العراقيون لانه قريب من الفقراء ولم يلتفت احد في يوم من الايام الى طائفته يوصف بانه عسكري تنموي وليس استبدادي ثبت الحريات العامة واحترام العقيدة والمرجعيات الدينية واسس لمجتمع متحضر عمل على اكثر من 1800 مشروع خلال عهدة القصير نسبيا ولو اجتمعت كل الحكومات بعد عبد الكريم قاسم لما
شيدت نصف ما انجزه قاسم لوحده، وكثير من مشاريعه الستراتيجية نفذت حتى بعد استشهاده على يد العصابات البعثية والحرس القومي الذين سرقوا حلم الدولة الكريمة من العراقيين هولاء الذين انقلبوا على عبد الكريم قاسم حولوا العراق الى بلد لم يستقر بعدما رفعوا فيه راية الانقلابات وراية الحروب ،
لاول مرة في تاريخ العراق حضى العراق اثناء رئاسة قاسم بفترة تاريخية كدولة وحكم وطني كان فيه القرار السياسي مستقل 100% في ضل التناقضات الموجودة في تلك المرحلة مقارنة بكل الانظمة الموجودة التي كانت تخضع للتبعية الاقليمية او الدولية لكن عبد الكريم قاسم استطاع ان يعرف عبر ادائة بالاستقلال بالحكم وبالقرار وهي واحدة من سمات فسرت فكر هذا الزعيم والقائد العراقي الذي حكم العراق بكل شرف وامانة ولم يترك ارثا الا بدلتين عسكريتين فقط،
ولعل من الوفاء والامتنان لعفة ونزاهة وعدالة هذا الزعيم والقائد العراقي اعاده العلم العراقي الذي كان في عهده ولعل مجلس النواب يلتفت الى هذة المبادرة من خلال اعادة اعتماد العلم العراقي الذي كان في زمانه.
رحم الله الزعيم عبد الكريم قاسم .
|