كنا نأمل , ان تكون الانتخابات العراقية ونتائجها برغم كل الملاحظات السلبية التي رافقتها مدخل الى مناخ سياسي عراقي جديد , و مرحلة لوعي حقوقي للفئات الشعبية العراقية , فالانتخابات العراقية , صعدت من المزاج للمواطنين العراقيين بأهمية الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان , و على اساس ان الانتخابات عملية ديمقراطية ستفرض قيم عليا عند الفرد المواطن العراقي لاحقاً , وستعجل من الارتقاء بالعمل السياسي وباشكال واساليب تختلف عما ساد في السنوات العشر الماضية من حركات سياسية نخبوية , تأسست عشوائياً او على هامش حركة وحاجة الإنسان العراقي , حاولت فرض ارادتها وتصوارتها وقناعات شخوصها , مستعينة بواقع وظروف غير طبيعية سادت الساحة العراقية ولازالت , ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الكم الكبير من الاتجاهات والحركات والاحزاب التي تتشبث بمصالح اوجدتها الحالة والواقع العراقي (الجديد ) , والتي تمثلت اخيرا بزحمة القوائم الانتخابية للبرلمان العراقي , الكل ولمن توفرت عنده الامكانية والدعم يحاول ايجاد حيز يتحرك منه بعد حين , لا يهمها رأي المواطن وارادته وهذا مطب للكثير من هذه القوى ( القوائم ) التي استكانت واستراحت حال فرز النتائج الانتخابية .
كنا نعتقد ان العملية الانتخابية من ضروريات تحقيق الديمقراطية في العراق و ستعجل نمو حركة مطلبية , وربما حركات , عملها وزادها صيانة الحرية والديمقراطية الفتية , حركات لا تتناسب وحسابات وبرامج اغلب القوى المشاركة بالعملية السياسية والعملية الديمقراطية , كنا نظن ان هذه القوى ستتراجع امام اندفاع نمو هذه الحركات الناهضة , وتعيد حساباتها وبرامجها واسلوب عملها وبما يعني استيعاب هذا النمو وتطويره ورعايته وبمجهودات يمكن ان تساهم بصياغة وبلورة برامج ديمقراطية وطنية , وفي نهوض حركات سياسية نضالية ومؤسسات قادرة على ان تكون نواتاة النظام الديمقراطي , ان هذه الحركات والمؤسسات هي التي تضمن تجاوز العراق احتمالات النزيف او الصدام بين مكوناته واحتمالات التزييف المناهض للديمقراطية والتي تقصرها على التوازنات بين الكتل المتنفذة في البرلمان العراقي او مجالس المحافظات او مجالس استشارية فوقية , وكذلك تجاوز الادعاءات بالديمقراطية من قبل أي حزب او ائتلاف او تكتل تدعي الوصاية على الشعب العراقي .
الصورة الحالية لنتائج العملية الانتخابية العراقية التي جرت في 30-04-2014 ، ليست مثالية او مكتملة لشروط الديمقراطية كما في المجتمعات الغربية او المتحضرة , ولكنها ورغم كل الاشكاليات البداية والحل للشروع بفتح نوافذ اغلقتها عهود الارهاب الفاشي الصدامي وتقاليد الاستبداد السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري على الفكر الإنساني بتراثه وغناه وآفاقه العظيمة ، من الضرورة بمكان التأكيد اهمية الدعوة لانعقاد الجلسة الاولى للبرلمان العراقي وانتخاب الرئاسات الثلاث ، بالرغم من تعقيداتها وظروفها . طبيعية الظروف الحالية من وجود لقوى ارهابية ( داعش - القاعدة ) في الاراضي العراقية وانتشارها واحتلال مدن وقصبات عديدة ، وعمليات تخريب وارهاب ضد الشعب العراقي بقيادة فلول النظام الفاشي المقبور, ومنظمات ارهابية , وقوى تكفيرية سلفية, تسفك دماء العراقيين على الهوية , وعمليات لمخابرات دول عديدة منها تركيا وايران وقطر وسوريا والسعودية واسرائيل ، وعصابات اجرامية منظمة ، انتهزت حالة الانفلات الامني ، وضعف ووهن الاجهزة الدفاعية والامنية والمخابرتية للسلطة العراقية ، وتواطئ وتآمر اغلب قياداتها وهروب عناصرها ، هذا الاختراق والتواطئ الواسع لكل هذه القوى في جسد المؤسسة العراقية , اضافة لما ساد من تصاعد لحالات الفساد والرشوة والمحسوبية بين المسؤولين العراقيين ، من درجة وزير الى ادنى الدرجات الوظيفية واخيراً الطامة الكبرى نظام المحاصصة والاصطفاف الطائفي والعرقي ، انها اسباب تجعل من الصعب والمستحيل تحقيق اي طرف فائز او تكتل او ائتلاف ، دحر الارهاب والفلول البعثية الفاشية وتحرير الوطن والشعب العراقي من مخاطر الاحتراب والحرب الاهلية . الوطن اكبر من الجميع والارهاب عنوان كبير في مضمونه وخطير في عنوانه والشعارات واليافطات ، لاتتناسب وامكانيات او حجم هذا الطرف او ذاك ومدى استطاعتها تحقيق ولو جزء بسيط من المهام الوطنية الكبرى ، العمليات العسكرية المناهضة للتغيير في العراق وللعملية الديمقراطية واسعة النطاق ، فالمطلوب جهداً وطنيا كبيراً استثنائيا لايستبعد ولا يلغي القوى الوطنية والشعبية صاحبة المصلحة لانجاز مهام تحرير العراق من القوى الظلامية والفاشية والطائفية والاستبداد السياسي . انها اسباب تجعلنا نلح على ضرورة الدعوة لانعقاد الجلسة الاولى للبرلمان العراقي واستكمال استحقاقات العملية الانتخابية ، وعلى السيد نوري المالكي وحزب الدعوة الاسلامية وائتلاف دولة القانون الارتقاء بالمسؤولية الوطنية والتأريخية ومن اجل الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الاهلي ووحدة العراق الجغرافية الترفع عن الترشح لولاية جديدة فيكفينا سنوات فشل جديدة . سنوات كلفت العراق والعراقيين الآف من الضحايا المدنيين والمهجرين وعمليات تخريب وارهاب يومي وفساد مالي ارهق الميزانيات العراقية للسنوات الماضية . وعلى التحالف الوطني العراقي والكتل والاحزاب السياسية ايجاد المخرج والوسيلة والسبيل للخروج من المأزق فالوطن والشعب في خطر .
نحن ليس في وارد الدعاية او الترويج لطرف سياسي او كتلة بعينها على حساب طرف سياسي اخر وليس في وارد لنكاية بدولة القانون والسيد نوري المالكي الا اللهم بالقدر الذي نمنح انفسنا الحق بأبداء الرأي وتوضيح وجهة نظرنا بمن يحاول ان يبتزنا ويسرق الباقي من امل بعراق جديد يراد تأسيسه او اعادة صياغته ووفق اجندات دولية او عراقية طائفية - مذهبية او عرقية ، نريد عراقاً يحفظ كرامة الانسان وحرياته وحقوقه ووفق برامج ديمقراطية حقيقية تستنهض حركة فكرية جادة حول بناء نظام حكم وطني ديمقراطي في العراق . في ظل هذه الظروف الصعبة والمؤلمة ووالفوضى الاعلامية ، بات البعض السياسي يروج ومن جديد للبعث الفاشي وفلوله وبوسائل اعلام مشبوهة كالجزيرة والعربية والعربية الحدث والتغيير ، للتفرقة بين الصداميين والبعثيين ! ، وهنا يراودنا السؤال هل هناك فرق بين البعثي والصدامي .... ؟ هي دعوة ساذجة ومشبوهة حتماً , تحاول تكريم حزب البعث الفاشي ومنتسبيه واعضاءه وبالتالي تبرئتهم من جرائمهم وحروبهم وعسفهم بحق الشعب العراقي وتبرئتهم مما لحق بالعراق من وضع كارثي وانساني , يجب الوقوف امام هكذا دعوات وكشفها وتعريتها وكشف حسابات المروجين لها ، بعض رموز الكتل الفائزة توعد بأعادة تشكيل الجيش العراقي وأعادة المؤسسات الامنية والمخابراتية , وهي دعوة اكيدة لصياغة الاستبداد من جديد وبحجة الوطنية... ! وغيرها من وعود وشعارات تزيد من حدة الاحتقان الطائفي والمذهبي وعلى حساب الوطنية العراقية ، الغائب الحاضر في مزاد بعض السياسيين , لكن رغم هذا كله نحن متفائلين ولا بد ان تنتصر الارادة العامة والوطنية العراقية اخيراً ويندحر الارهاب ومشاريعهم الطائفية . الوضع العراقي بحاجة الى رؤية وطنية موحدة , الى مشروع وطني عراقي موحد , مشروع يجمع القواسم المشتركة للكتل والاحزاب السياسية المختلفة بعيداً عن سياسة الاستقواء او الغاء الاخر , والفوز بأغلبية المقاعد لهذا التحالف او تلك الكتلة سوف لايعني ولا يجب ان يعني الاستفراد او الانفراد بتقرير مصير الوطن و شكل الدولة العراقية ومؤسساتها . زحمة الكتل والاحزاب السياسية الفائزة بالبرلمان العراقي ، لاتلغي الوعي المتأصل عند المواطن العراقي , ولا تلغي وعنده القرار الصائب وفي سبيل ترسيخ نهج الوطنية العراقية وتغليبها وتجاوز الظروف القاهرة ودحر الارهاب والقوى الظلامية والفلول البعثية الفاشية ، التغيير المطلوب ممكن والارتقاء بالوطنية العراقية سبيلنا لانجاز المهام الوطنية ، فقط ان تتحرر الكتل والاحزاب السياسية من فئويتها وضيق افقها وطائفيتها لتجاوز الانهيار والكارثة التي تحيق بالعراق والمواطنين العراقيين.
|