لا يُلدغ مؤمن من جحر مرتين. هذا الحديث الشريف للرسول الأعظم محمد صلىالله عليه وآله كان وما زال على ألسن أغلب الناس ممن يتعرّضون إلى الفشل فيأداء مهامهم أو أعمالهم أو الذين يرتكبون خطأً في مشروع أو عمل معين فلايعودون إلى نفس الطريق والنهج وكذلك الطريقة التي اتبعها وأثبتت خطأها وعدمجدواها لأن المؤمن كيّس فطن بمعنى انه يأخذ العبرة والدرس من الخطأ ولا يعود إليه ثانية . وهذا الأمر لا ينطبق فقط على المؤمن بل الكافر لو صح التعبير ، وكذلك الطفل بل حتى بعض الحيوانات لا تعود إلى نفس الطريق الذي أدى إلى متاعب ومشاكل في المرة السابقة . من هنا فعلى المؤمن أن يكون حذراً في أموره، فلا يمكن أن يُخدع مرتين لنفس السبب ونفس الخطأ . وقصة هذا الحديث مروية عن الرسول الأعظم وهي ان أسيراً وقع في أيدي المسلمين في غزوة بدر واستعطف النبي صلى الله عليه وآله أن يخلي سبيله ففعل مشترطاً عليه أن لا يقاتل المسلمين ولا يحرض عليهم مرة أخرى فوافق الرجل وتمم إطلاق سراحه .وفي غزوة أحد خرج ذلك الرجل مع المشركين ليحرضهم ضد المسلمين فكان أن وقع في الأسر مرة أخرى وكان الأسير الوحيد الذي وقع في أيدي المسلمين وعاد يكرر طلبه للنبي صلي الله عليه وآله أن يمن عليه فقال النبي: "لا تذهب تهزعطفيك في مكة تقول خدعت محمدا مرتين لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين", ثم أمر بقتله. وما فعله الرسول وهو أفضل قائد سياسي وعسكري في تاريخ البشرية لا يمكن لأحد أن ينتقده أو يعترض عليه بل العكس؛ لان القائد يجب أن يستفيد من الأحداث السابقة ويأخذ العبرة من الحوادث التي تمر بها الدولة لينجح في عمله وطريقة تخطيطه للمستقبل، ويجب عليه أن يقرأ التاريخ ليستفيد منه ويصنع تاريخاً جديداً خالياً من الأخطاء . لو تمعنا في طريقة الحكم المتبعة في العراق بعد عام 2003 وسقوط الدكتاتورية البعثية لوجدنا ان هذا الحديث الشريف بعيد كل البعد عن تفكير ونهج الحكام والرؤساء الذين تعاقبوا على رئاسة الحكومات الثلاثة (أياد علاوي ثم ابراهيم الجعفري وما بعدهما نوري المالكي) وخصوصاً الاعتماد على رموز النظام المباد من بعثيين ورجال استخبارات وأمن خاص وفدائيين وغيرهم من الجماعات التي كانت ومازالت مؤمنة بفكر البعث وتشتاق لكلام صدام. تُعد فترة حكم المالكي نموذجاً لارتكاب الأخطاء وتكرارها وإعادة صياغتهابطرق مختلفة لكن بأسلوب واحد وهو الاعتماد على الفاشلين والمنافقين و(اللادغين ) وعدم الاستفادة من أخطاء السنوات الثمانية من حكمه الذي تميزبالأزمات والاختناقات السياسية والحروب الكلامية بين المكونات الأساسيةللحكومة والبرلمان، الأمر الذي دعا رئيس الحكومة إلى إعلان الفشل في أغلبقراراته المصيرية ومناهجه الإستراتيجية. والمثير للضحك والسخرية ان رئيسأعلى سلطة تنفيذية حكومية وأمنية يعلن في كل مرة يفشل فيها بتحقيق الوعود عن خداعه من قبل الآخرين وانه غير مسؤول عن الفشل وإنما هو وحده الذي يصنعالنجاح وغيره يصنع الخسارة والخيبة للشعب العراقي المسكين الذي ضجر وتعب من الاستماع إلى خطاباته الرنانة واتهامه الشركاء بعد مساعدته أو الجيرانبالتخطيط لإفشاله أو المقربين بخيانته. اتهم اقرب شركاءه ومن ساعده في الوصول إلى كرسي الحكم بأنهم لا يقدمون له المساعدة في انجاز المشاريع لكنه مستمر بالعمل معهم وعدم الاعتماد على المخلصين . واتهم الجيران بالتخطيط لإفشال مشروعه العظيم في نهضة العراق وثورته الصناعية والعمرانية العالمية !واتهم كل المقربين منه بالخيانة والمؤامرة والعمالة، ورغم ذلك فانه يعتمد عليهم ويقربهم ويسلمهم مقاليد الأمور الأمنية والحيوية في البلد ولا يعترف بالخطأ الذي يصر على ارتكابه ويؤدي إلى إزهاق آلآف الأرواح البريئة وتأخير العراق في كل مجالات الحياة. اتهم عدد من الضباط في صفقة جهاز كشف المتفجرات ( الاريل) وقال ان الجهات التي استوردته خدعتنا ورغم ذلك استمر الجهاز في السيطرات لحد كتابة هذه السطور وسيبقى إلى أن يشاء الله وتكون ولاية أولى لرئيس وزراء مهني وذكي . وقال إن نائبه حسين الشهرستاني خدعه في موضوع الكهرباء ، وقال إن القادة الكبار في الجيش العراقي خدعوه وسلموا المحافظات إلى الإرهابيين ، وقبل يومين قال "سأكون صريحا وأقول إننا كنا قد خدعنا عندما وقعنا العقد (معالولايات المتحدة)". فهل يصلح المخدوع لولاية ثالثة ؟ وماذا سيكون مصير البلاد والعباد
|