السقوط سلم النجاح

 

حديثى معـكم اليوم.. من واقع نعـيشه وما نتلمسه جميعًا من ظروف مهما اختلفت لكل منا عـلى حسب طبيعـته.. حياته.. الظروف المحيطة به.. في النهاية هي عـبارة، عـن خليط من تجارب ومواقـف عـشناها ومنها تعـلمنا الصح من الخطأ، والشاطر فـينا من يستفيد من هـذه التجارب والمواقـف..

الحمد لله دومًا وأبدًا، ولابد من أن نشكر الأخطاء التي واجهتنا.. وللظروف.. وللحياة.. للأشخاص، لكل من يعـطينا ويهبنا تجربة ما بالحياة، فالتعليم ليس مقـتصرًا عـلى مدرسة ومعـلم، إنما هـو أبعـد من هـذا وذاك..

هـناك حكمة تقول: نحن أحيانًا نكـتشف ما سوف نفعـله عـندما يتضح لنا ما لا نستطيع فعـله، وفي الغالب من لا يرتكب أخطاء لا يستطيع تحقيق الاكـتشاف.. نفرح كثيرًا عـندما يهدينا شخص عـزيز هـدية أو كلمة شكر عـلى موقـف أو مقابل خدمة.. ولكن لابد أن تكون فـرحتنا أكبر لكل من يهدينا مواقـف نتعلم منها حُسن التصرف.. موقـفًا يجعـلنا نفكر بحكمة أكثر بالمستقبل.. خبرة تجعلنا نستفيد مما تعلمناه من خطأ ارتكبناه، فالحياة عـبارة عـن مجموعة من الخبرات والتجارب والمواقـف نقف بها كمحطات لنستفيد منها وتصقل شخصيتنا.. وفي معـظم الأحيان نعـود لما تربينا عـليه بالصغـر ونضيف له، لأننا تعـلمنا منه درسًا غـير مكتوب ولا مقـروء، ولكـنه عـبارة عـن تجربة مررنا بها وتعلمنا كيف نستفيد منها الأفـضل..

قال سيدنا عـمر بن الخطاب رضى الله عـنه: «رحم الله امرأً أهـدى إليّ عـيوبي».

نعم.. في وقـتنا الحالي، ومع ضغـوطات الحياة، نفوسنا لا تستحمل النصح والإرشاد كما بالسابق، ولكننا أحيانًا نجلس مع أنفسنا فـتمر بخاطرنا بعـض المواقـف التي نجد أننا تعلمنا منها، خاصة إذا مررنا بنفس الموقـف ونتصرف بدراية أكبر وذلك لأننا تعلمنا من الماضي..

إذن.. لابد أن نشكر كل من حاول أن ينصحنا ويبرز لنا عـيوبنا، فأحيانًا نغـفل عـن بعـض الجوانب المظلمة بشخصياتنا التي قـد تكون هي العائق دون أن نشعـر في سبيل نجاحنا وتحقيق أهـدافـنا.. قـد يكون العـيب بالأسلوب أو بطريقة الطلب أو بحركات الجسم اللاإرادية، فالغـرض من قـبول النصح والإرشاد مهم جـدًا..

هـل اكتشفنا يومًا ولو بطريق الخطأ أنه من واقع مررنا به أو من ظروف صعـبه، أو من لحظة ألم.. أو من منا لم يعـلم ويكتشف عـن طريق ما مر به من يأس وهم وأمور أخـرى لم تكن بالحسبان؟.. ولولا مرورنا بها لما تعلمنا؟.. من منا تعـلم من هامش كتاب أكثر من تعلمه من مادة الكتاب نفسها؟..

لذلك أعـود وأقـول: لنتعـلم من أخطائنا، فما هي إلا مركب نبحـر به في بحـر الحياة المتلاطم الأمواج..

الحياة سلسة مترابطة من الأحداث، ولابد من التحكم بالنفس وترويضها لتقبل الخطأ، فـلولا الخطأ ما تعـلمنا الصواب، وأبسطها عـندما لا تدرس لن تنجح، أكـيد كلنا سمعـنا وتربينا عـلى هاذي الكلمة من نعـومة أظفارنا..

وأعـود وأقـول: من منا قام بشكر أخطائه يومًا..؟ لأننا عـلمنا أنه لولا ارتكابنا لها لما عـرفـنا الأفـضل من الأشياء.. من منا جعـل الألم بوابة من خلالها يشرق الأمل وينظر للغـد بصورة أفـضل ويتفاءل بالألم الذي لولا مروره به لما أنار طريقه وفـتح عـينه لما أبعـد من حدود هـذا الألم واستفاد منه.. من منا جمع ملاحظات وانتقاد الآخرين السلبية عـن نفسه واعـتبرها كـنزًا ثمينًا إهـداء من الناس وصنع منها بناء عـظيمًا لشخصيته، واستفاد منها، في حين عجز أولئك عن مجاراة نجاحه وحُسن تفكيره ومواصلة طريقه؟ من منا يستطيع باللغة العامية أن يوسع صدره عـلى الحياة وعـلى ملاحظات الناس، ويقول إن هـذا الخطأ الذي تعـتقدون أنه عـيب بي هـو الذي سيوصلني إلى حيث أريد؟.. أشكرك يا أخطائي.. لأنني عـرفـت أخطائي.

لابد أن ننظر دائمًا للأعـلى، لابد أن تكون أرواحنا مشبعة بالتفاؤل الذي يقودنا نحو القمة.. نعم.. لابد أن تكون عـزيمتنا قـوية لبلوغ أهـدافـنا، ولابد أن يكون لدينا دائمًا بعـد نظر.. فـقدوتنا وحبيبنا سيد الخلق، تجاهـل كل من حاول إيقافه عن تبليغ رسالـته، فـلنعـتبر من تاريخه الحافل من عـوائق وصعـوبات، فـلم يلتفت عـليه الصلاة والسلام إلا لأهـدافه وغاياته، فـبلغها ووصلت لأمّته ولله الحمد.

قـد يكون ارتكابك للأخطاء.. هـو بالضبط قـدرك.. لتعـلو.. لأنك لولاها لما عـرفـت ما تريد.. لا تستطيع أن تبني شخصيتك بسهولة وهـدوء.. فقط من خلال الخبرة في المحاولة تلو الأخـرى.. وبارتكاب الأخطاء والمعاناة.. تستطيع روحك أن تكون قـوية.. أن تكون نظرتك المستقبلية واضحة.. وتمتلك طموحًا أكثر قـوة.. لتحصد بعـدها مجدًا.. وإذا عـدنا نبحث بشخصيات الناجحين لوجدنا أنهم مروا بتجارب فاشلة أصقـلتهم وتعـلموا كـيفـية تجاوزها..

إذن.. الخطأ والسقوط أول طريق النجاح.. لنصل إذن.. فـليس عـيبًا ولا حرامًا أن نخطئ لنتعلم، وتهون كل الصعاب في سبيل ذلك..

نكتشف أحيانًا ما سوف نفعـله عـندما يتضح لنا ما لا نستطيع فعله.. وهـذه مقولة صحيحة.. فالضرير لا يعـرف أين يضع عـصاه إلاّ إذا تلمس طريقه.. وعـندما يعـرف أن طريقه مسدود.. يغـير الطريق.. وأحيانًا يصطدم بما يعـيقه عـن مواصلة الطريق، ولولا أن الضربة آلمته لما غـير طريقه ومشى في الطريق الصحيح، وفي الغالب.. من لا يرتكب أخطاء.. لا يستطيع تحقيق الاكتشاف، لذا.. لا تجزع إن اكتشفت أنك لا تستطيع فعـل عـمل ما من الأمور.. ربما تكون هـذه بداية مجد قادم لك.. وربما هـو جهاز إنذار لتغـير نهجك وطريقة تعاملك ونظرتك للأمور لتنجح في الحياة..

إذن.. دائمًا وأبدًا تعـلم من كل ما تمر به، لـتكون مميزًا.. والعـلم والمعـرفة لا حـدود ولا موانئ لهما.. فاقـطـف من كل بستان زهـرة حتى وإن وجـدت بها شوكًا تقـبل ألمها وامض، لا تقف بل أثبت أنك أقـوى من كل العـواصف.

هـمـسة: إذن.. عـليك مما ترتكبه من أخطاء.. أن تـتعـلم وأن تواصل طريقـك..