قبل بضعة ايام قليلة سمعتُ بان هيئة التراث والآثار العراقيّة تتابع بقلق شديد عمليات منظّمة هدفها سرقة خزائن الموصل من المخطوطات النفيسة والكتب النادرة وتهريبها الى تركيا بالتعاون مع مجموعة من العناصر المتمرسة على سرقة الكنوز الاثرية واستغلال حالة الظروف الاستثنائية في هذه المدينة العريقة للعبث بإرثنا الحضاري وتفريغ بلادنا من الآثار في عمليات شيطانية خبيثة ذات اهداف متعددة منها تجريد العراق ومدنهِ من ايّ سمات حضارية وبنفس الوقت الاثراء من خلال بيع وتداول هذه النفائس خارج العراق ومن بين الكتب المهرّبة نسخة مخطوطة من القرآن الكريم يعود تاريخها الى اواخر العصر العباسي وقد تمّ ترتيب هذه العملية بتغطية من بعض العناصر الارهابية المنتفعة التي سهلت تسريبها الى خارج الحدود ومع ان الهيئة المذكورة اكدت على انها تتابع هذا الامر وتسعى لإعادتها الى رفوفها في مراكز الحفظ في الموصل لكني موقن بان اجراءً كهذا يصعب جدا تحقيقه نظرا للظروف الاستثنائية التي تعيشها ام الربيعين اضافة الى اننا قبلا فشلنا في استعادة الكثير من كنوزنا الثقافية وتراثنا العتيد مثلما ضاع التراث اليهودي العراقيّ ابان الاحتلال الاميركي للعراق ومن هذه المفقودات التي ضيّعها العراق كتاب توراة نادر يعود تاريخه للقرن السابع عشر ومصنوع من رقائق الفضّة وموشّى بماء الذهب ولم تنفع كل المحاولات من عودته الى رفوف الحفظ عندنا رغم ان هيئتنا الموقرة قد اقامت عدة دعاوى ضد اسرائيل لأجل اعادته ولكن دون جدوى يحزّ في نفوسنا ان نرى نفائسنا وارثنا تتداوله ايدي السراق وسماسرة التاريخ وهي تعدّ بعشرات الآلاف من التحف التي لاتقدر بثمن تعود لعصور العراق الموغلة في القدم منذ عهد بابل وآشور وسومر حتى نهاية العصور العباسية وكأن الغافلين لم يدركوا ان هذه النفائس تفوق كثيرا احتياطي النفط في اعماق ارضنا وكان بالامكان استثمارها سياحيا لتكون رصيدا ثقافيا وسياحيا مدرّاً الكثير الكثير من الرخاء لابناء الرافدين من خلال توسيع السياحة واستغلال اموالها في التنمية والرقيّ في كل جانب من جوانب الحياة وتدوير عجلة النماء الاقتصادي في الصناعة والزراعة والاعمار وتردنا الاخبار بان هناك عمليات تخريب للآثار باعتبارها تتنافى مع ماجاء به الاسلام وفق مايدّعون فقد سمعنا قبل ايام قليلة عن عمليات هدم لمثوى كاتبنا الكبير المبرّد صاحب كتاب " الكامل في اللغة والادب " والاطاحة بتمثال شاعرنا العباسي المجدّد الكبير ابي تمّام الذي كُلف ايام العباسيين بمسؤولية البريد في موصلنا الزاهية وتخريب مثال الموسيقار البارع الملاّ عثمان الموصليّ وعمليات اخرى لو تحقق صدقها لبكينا ألما وحسرة على ضياع مجد الحدباء ، ومن يدري فقد تصبح موصلنا الاثيرة العتيدة الغالية على قلوبنا خربة وحطاما مثل شقيقتها التوأم حلب الشهباء بسبب الفوضى الخلاّقة التي جاءت بها السيدة الباغية اميركا ، وماادراك ما أميركا حين تجرّ معها أذيالها السامة وفي يديها الآثمتين معاول الهدم والخراب لتُوحل مرابعنا وتدمّر مباهجنا وتطيح بمنائرنا الى الدرك الاسفل سحقا ومقتا لك أيتها العاقّة اميركا ، لقد كانت الدنيا تتغزل ببغداد ودمشق وحلب والموصل الحدباء ، تتغنّى بالماس والزمرد واللؤلؤ والياقوت المعرِّش في رؤوسها والمزيّن قلاداتٍ في صدورها وأساور في اياديها وخوفي ان تكون تلك الجواهر فحما ورمادا ورفاتا اذا بقينا على هذا الحال السافل والوضع المائل أعانكَ الله ياوادي الرافدين ، كيف تطيق مثل هذه البلوى التي لايمكن تحمّلها
|