يوم امس حذر الحكومة احد الاصدقاء على الفيسبوك وقال بأن اتباع رجل الدين الشيعي الصرخي يحملون السلاح ويتجمعون سرّاً في كربلاء والنجف هذه الايام، وطالب الحكومة ان تنتبه لما يحضرّه هذا الرجل واتباعه، وبالفعل سمعنا عن محاولته يوم امس لاحتلال المراقد المقدسة والتي باءت بالفشل بعد المواجهات العسكرية مع الجيش. هذا التصرف لا يأتي بسبب اطماع الصرخي او رغباته في التسلط، ابدا، بل هي محاولة لمحاكاة الروايات التي تتحدث عن آخر الزمان والاستغراق في خريطة الظهور المهدوية. اقترح على الحكومة العراقية ان تخصّص لجنة خاصة من خبراء التاريخ الاسلامي يراقبون هذا الموضوع المهم، اي موضوع المهدي وعلاماته لأن المسألة سوف لن تقتصر على الصرخي بل هناك شخصيات كثيرة منتظرة فرصة ما لتدعي صلتها بالامام المهدي. هناك احمد ابن الحسن (الذي يقول بأنه هو يماني آخر الزمان) والذي اختفى فجأة قبل عامين من مدينة العمارة، اضافة الى شخصيات اخرى تدعي التمهيد للظهور. مالم تدرس الحكومة هذه الجماعات لا تستطيع القضاء عليها ابداً. هذا معمول به في كل دول العالم، اذ ان الولايات المتحدة الامريكية خصصت مبالغ ضخمة لمراكز ابحاث واستراتيجيات تختص بدارسة الاديان والعقائد والمذاهب خصوصا بعد احداث ١١ سبتمبر لمعرفة كيف تفكر هذه الجماعات. حتى هذه اللحظة تشن الصحف الامريكية حملة عنيفة ضد باراك اوباما لصرفه المليارات على مثل هكذا مراكز ابحاث.
عموما قرأنا في الروايات من سيطرة شاب حسني على مقاليد الامور في النجف الاشرف وكربلاء في شهر رمضان قبيل ظهور المهدي وهذا الشاب هو الملقب "بالنفس الزكية" سوف يذهب للحج ويقرأ بيان خروج الامام فتقتله حكومة السعودية وبعد قتلهم لنفس حرام في شهر حرام ومكان حرام، يقسم علي بن ابي طالب بأن الله لا يمهل قتلته سوى ١٥ ليلة ليظهر بعدها المهدي وينتقم منهم ويحكم السعودية ويأتي الى النجف ويحكم منها العالم اجمع بعد سلسلة من احداث وعلامات ومعارك طبعا. السيد محمود الحسني الصرخي يدعي من مدة طويلة انه ابن الامام في السر ويدرّب اتباعه على انه هو النفس الزكية الذي سيقتل في الحج بين الركن والمقام بعد ان يسيطر قبلها على النجف ويطرد المراجع الذين حسب اعتقاده سيقولون للمهدي عند ظهوره "ارجع يا ابن فاطمة لا حاجة لنا بك اليوم"، لهذا يريد ان يغيّر من الخطة الآلهية ويسهّل الامر على امامه المهدي فيطرد هؤلاء المراجع من النجف. مثل هذا الامر حصل مثلما تتذكرون مع ضياء الكرعاوي صاحب "انصار المهدي" الذي قتل واتباعه في السماوة عام ٢٠٠٦ والذي كان يمنّي النفس بالسيطرة على النجف ايضا قبيل الظهور. وقبل ١٢ قرنا ظهر محمد بن الحسن العلوي ذو النفس الزكية وادعى "ضمناً" انه المُبَشَّر به في الروايات وقتله ابو جعفر المنصور.
هناك اليوم اكثر من حركة مهدوية واكثر من شخص يدعي صلته بالامام الغائب وهؤلاء بارود ينتظر الشرارة ولعل الشرارة هي الاحداث غير الاعتيادية التي تمر بها المنطقة اليوم واعتقد ان الايام القادمة حبلى بمثل هكذا مشاكل طالما يرى هؤلاء من ان الوقت حان للتحرك لان السفياني الشامي قد دخل العراق وسيصل الى الكوفة ويمكث فيها او في العراق بصورة عامة ٩ اشهر وان الخراساني الايراني قد تحرك هو الآخر من ايران ليحاول الدخول للعراق ومحاربة السفياني، وفي نفس هذا اليوم تخبرنا الروايات من ان اليماني يجب ان يظهر وهنا قد يقوم احمد بن الحسن في اية لحظة من الجنوب العراقي ويقلب الطاولة على الوضع برمته.
على الضفة الاخرى التي اراها ليست منفصلة عما يحدث في الجنوب، كان اتباع بيعة ابو بكر البغدادي اذكياء ايضا لانهم ركزوا على اضفاء القاب مهمة على الرجل مثل "القرشي، الهاشمي، الحسيني، الحسني، المحمدي، العلوي، البغدادي" حتى يضمنوا ولاء الناس البسطاء برمتهم لانهم يعرفون من ان روايات آخر الزمان قالت ان المهدي هو حسني واخرى قالت انه حسيني واخرى هاشمي وهكذا ... وبهذه الطريقة يكون البغدادي قد جمع كل الالقاب في اسمه كي يجمع كل المسلمين المختلفين على اسم المهدي ولقبه، مثلما جمع هتلر كل البسطاء الالمان في بداية الامر لما سمّى حزبه "الحزب النازي الاشتراكي الوطني القومي الاتحادي" حتى يجمع كافة الفصائل السياسية تحت راية حزبه. اما موضوع البغدادي فهو ذو مغزى لأن جميع الروايات عند السنة او اغلبها تقول من ان عاصمة المهدي "بغداد" او يسموها وقتها "الزوراء" لهذا يصرون على تسمية خليفتهم بالبغدادي ليس لانه ولد فيها بل لأنهم مشوا مع رواية بغداد عاصمته القادمة. وهذا حصل ايضا مع من تأملوا بأنه المهدي لكنه قتل قبل اربع سنوات وهو ابو عمر البغدادي حيث اصروا على بغداديته ايضا رغم انه لم يولد في بغداد، بينما الروايات الشيعية (عدا واحدة فقط تقول بغداد) كلها اجمعت على ان عاصمة المهدي بعد خروجه هي الكوفة.
هذه الامور مهمة جدا للحكومة كي تعرف كيف تفكر وتتحرك هذه الجماعات لانها تقلد تماما ما موجود في الروايات.
|