"داعش" يفقد عناصر قوته

تسيطرداعش على الجزء الأكبر من شمال سوريا فهي تمتد من الحدود مع تركيا عند مدينة منبج وحتى مدينة اكجاكال التركية الواقعة على الحدود شمالًا، وحتى مدينة البوكمال الواقعة على الحدود مع العراق، أما في العراق، فيسيطر التنظيم على مساحة شاسعة غرب البلاد تمتد إلى مدينة موصل في الشمال مرورًا بمدن كركوك وبيجي وتكريت وسامراء والفلوجة إلى الجنوب على مقربة من العاصمة العراقية بغداد.

ونقلًا عن صحيفة " لو موند" فإن أبو بكر البغدادي لديه نحو 10عشرة الاف مقاتل في العراق وأكثر من سبعة الاف في سوريا، والبغدادي إضافة إلى جيش من المتطوعين الذي استطاع من قبل السيطرة على الأنبارـ  الفلوجة غرب بغداد، وكذلك المناطق الغنية بالبترول في دير الزور والرقة في سوريا. لكن من المتوقع ان التنظيم حصل على مقاتلي جدد مابعد هذا التاريخ في اعقاب حالة الاستقطاب والتمويل الواسع الذي حصل علية من "ولاية" الموصل لتضاف الى " ولاية" الرقة.

 

قرار اوباما بدعم المعارضة السورية

 

بدأ الجيش الأمريكي يوم 26 يونيو 2014 استخدام طائرات مسلحة بدون طيار فوق بغداد وكان الحديث يدور فقط حول طلعات لطائرات بدون طيار غير مسلحة في العراق والتي يتم التحكم بها من بعد ليس من المفترض أن تستخدم في شن غارات جوية على مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بل لحماية 180 جنديا أمريكيا في المنطقة. قال جون كيري خلال زيارته الى جدة يوم 26 يونيو 201 إن بامكان المعارضة السورية المعتدلة أن تلعب دورا في صد "الجهاديين" الذين اجتاحوا مناطق واسعة في العراق واضاف كيري عقب لقائه رئيس الاتتلاف السوري المعارض أحمد الجربا ان "المعارضة السورية المعتدلة (…) بامكانها لعب دور مهم في صد الدولة الاسلامية في العراق والشام ليس فقط في سوريا وانما في العراق ايضا”.

 

داعش تنفذ إعدامات جماعية بالعراق

 

اتهمت هيومن رايتس ووتش مقاتلي "داعش" بارتكاب إعدامات جماعية في المناطق التي تسيطر عليها في العراق. وذكرت المنظمة أن تحليل الصور الفوتوغرافية يشير إلى إعدام 160 شخصا على الأقل في مدينة تكريت. وأعلنت المنظمة، أن مقاتلي داعش" أعدموا جنودا عراقيين بشكل جماعي في مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين. وصرحت المنظمة في بيان أن تحليل الصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الاصطناعية يشير بقوة إلى أن مقاتلي التنظيم قاموا بعمليات إعدام جماعية في تكريت بعد سيطرتهم على المدينة في 11 يونيو  2014. وفي بغداد اعلن عن مقتل عشرات السجناء يعتقد ان غالبيتهم من السنة المتهمين في قضايا ارهاب في العراق عند تسفيرهم من مدينة بابل الى بغداد، التحليلات اتهمت القوات العراقية بتدبير عملية ابادة السجناء ضمن التصعيد الطائفي في المنطقة. أن مايحصل في العراق الان يؤجج  الحرب المذهبية الطائفية من خلال حالات الاعدام التي تقوم بها" داعش" الى مئات المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها، خاصة من الشيعة، فقد شهدت منطقة بشير ومنطقة الرياض التابعة الى قضاء طوز خرماتو ـ محافظة كركوك  قتل جماعي للمدنيين تضمنت نساء واطفال عزل .

 

لبنان

 

وقع انفجاريوم 23 يونيو 2014في فندق دوروي في منطقة الروشة في غرب بيروت نتج عن تفجير شخص نفسه خلال مداهمة عناصر من الامن العام غرفة ينزل بها ، بحسب ما أعلن الأمن العام اللبناني. أكدت مصادر سعودية قريبة من الملف ان الانتحاري الذي فجر نفسه في بيروت سعودي مطلوب أمنيا وكان برفقة سعودي آخر اعتقلته قوات الأمن اللبنانية. وقالت المصادر إن الانتحاري الذي قضى بالتفجير يدعى عبد الرحمن ناصر الشنيفي 20 عاما اما السعودي الاخر فهو علي ابراهيم الثويني 20عاما.

وفي اعقاب ذلك قدم  به مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم  فرض تأشيرة دخول مسبقة على الخليجيين إلى لبنان  لكن اقتراح  اللواء عباس لاقى استهجانا من قبل بعض الوزراء، الذين اعربوا عن استغرابهم من رغبة مدير الامن العام في فرض تأشيرة دخول مسبقة على المواطنين الخليجيين دون غيرهم، وهي اشارة الى الايرانيين. يشار ان هذه العملية وغيرها من العمليات عكست قدرة الاستخبارت ـ الامن في لبنان في الكشف مسبقا عن خلايا وعمليات ارهابية قبل وقوعها وهي  تعكس قدرة ومهنية الامن رغم التحديات التي يشهدها.

 

المملكة الاردنية الهاشمية


خرج عشرات الأشخاص في معان  يوم 20 يونيو 2014 حاملين يافطة تقول: معان هي فلوجة الأردن، السلفية "الجهادية" في الاردن منقسمة مابين مؤيد الى "داعش" واخر الى النصرة ، وأغلب أبناء معان الذين يحاربون في سورية، ينتمون للنصرة وليس لـ"داعش"، غير ان انتصارات داعش الميدانية في العراق تحديدا انعشت الفريق السلفي الجهادي ومنحته قوة كبيرة. الحكومة الاردنية اتخذت خطوات استباقية على مستوى نسك الحدود مع العراق او من خلال العمل الاستخباري بتعقب الاشخاص المشتبه بهم. الاردن معروف بقضته الامنية المؤسساتية مع شفافية الاجرائات التي يتخذها في الشارع الاردني، ليكون حجر الزاوية للآمن في المنطقة.

 

دولة الكويت

 

وفي الكويت  تصاعدت حمى "الجهاديين" بتاييد "داعش" في اعقاب يوم 10 يونيو 2014، وعرضت وسائل الإعلام المحلية ، راية "داعش" مرسومة بشكل مموه وبعلامات صغيرة وغير بارزة داخل بعض السيارات في شوارع الكويت، وطالب عدد من نواب مجلس الأمة، الحكومة بإعداد حملة إعلامية توعوية بخطر "داعش"على المنطقة عامة وعلى الكويت خاصة، ومطالبة وزير الداخلية بأن يبذل وسعه لتأمين الداخل من أي خطر قد يداهم البلاد دون سابق إنذار. يشار ان دولة الكويت تواجه خطر وتهديد ألسلفية "الجهادية "وجماعة الاخوان مما يحول الوضع في الكويت على صفيح ساخن وسط خلافات ومواجهات مابين مجلس الامة الكويتي والحكومة والتي لا تهدأ الا تعود من جديد. هذه الجماعات سبق لها ان اعلنت بالتنسيق مع تنظيم الاخوان الدولي بان الكويت بوابة  الدخول الى الخليج.

 

المملكة  العربية السعودية

 

القلق السعودي ربما لايقتصر على وجود "داعش" وتمدده في العراق المجاورللملكة، بل يتعدى الى قراءة مستقبلية  بعيدة تتضمن وجود ايران وفيلق القدس وميليشيات  شيعية عراقية قريبة من الحدود السعودية. من الناحية الاستخبارية ونظرية الامن القومي، لايمكن اغفال القلق السعودي من المد الايراني في العراق، هذه المرة جاء بمباركة ومهادنة اميركية، ربما لا  تكون بعيدة عن الملف النووي الايراني.

الموقف في الدول الخليجية يتجه الى تأييد حقوق السنة في العرق ضد حكومة بغداد لكنها في الغالب تشجب تمدد "داعش" في العراق وتعتبره خطرا على امنها وامن المنطقة. فقد أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي أن السعودية تعتبر كل الجماعات ذات الصلة بالإرهاب تمثل تهديداً، بما في ذلك تنظيم "داعش".  ونقلت تقارير اعلامية إن الجهات المختصة في المملكة تحقق في قيام مجهولين بتوزيع منشورات في اثنين من أحياء الرياض في مايو 2014 تحض على تأييد "داعش". وكانت وزارة الداخلية السعودية قد اعلنت في شهر مايو 2014 أنها احتجزت 62 شخصاً بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف سعودية وأجنبية في المملكة، وأشارت إلى أن بعض أولئك الأشخاص لديهم اتصالات ب"داعش" في سورية.  التقارير الاستخبارية اظهرت تورط بعض المواطنيين  السعوديين أ بالقتال  داخل "داعش"  وتنظيمات اسلاموية أخرى في سوريا والعراق.

 

"داعش" والنصرة تقليص الفجوات

 

بايع فصيل جبهة النصرة  يعرف تحت اسم "جنود الحق" يوم 23 يونيو 2013 في مدينة البوكمال  دولة " داعش" التي يتعارض معها ويقاتلها. الاتفاق تم قرب منطقة ربيعة الحدودية مع العراق ويبدو ان فصائل النصرة في دير الزور ـ القائم هي الوحيدة التي بايعت "داعش". هذه المبايعة ممكن ان تقلص المواجهة بين التنظيمين في هذه المرحلة فقط. المبايعة تاتي وسط مواجهات بين النصرة من جهة والفصائل المقاتلة في المعارضة السورية والعشائر من جهة اخرى. التقارير الاعلامية تقول بأن العشائر سوف لن تقبل بهذا التقارب والاتفاق. يشار ان تقارب النصرة و"داعش" ليس غريبا رغم الخلافات التي تعد خلافات تنظيمية وليست ايدلوجية، كون النصرة ولدت من رحم "الدولة الاسلامية" في العراق وتم الاعلان عنها في ابريل 2014. النصرة و"داعش" عرفا بانهما يتقاتلان في جبهة ويكونا الى جنب في مناطق اخرى، لكن رغم ذلك ممكن اعتبار ذلك منعطف في قدرة "داعش" التي بدئت تستقطب حتى معارضيها وخصومها من النصرة. حالة الاستقطاب التي حصل عليها ابو بكر البغدادي بعد سيطرته على الموصل الى وكسب مجموعات مسلحة جديدة صعدت من رصيده ، ليثبت بأن منهج "داعش" استقوى على القاعدة وزعيمه الظواهري.

 

داعش يجهل "الفكر العقائدي الجهادي"

 

"داعش"هو ذلك التنظيم المعروف بالجهل العقائدي والفكري امام تنظيم القاعدة، فهو لم يقدم اي نتاج"فكري" كما هو موجود عند القاعدة والمجموعات "الجهادية" الاخرى التي لها اصدارات ونتاجات في" الفكر الجهادي" بالاضافة لذلك يواجه التنظيم الكثير من الرفض والانتقادات من منظري الفكر الجهادي ابرزهم ابو محمد المقدسي، الاخير اطلقت المملكة الاردنية صراحه بعد اكثر من خمس سنوات، كذلك اوردت رسائل مسربة من الداعية الاردني ابو قتادة من داخل سجنه بانه ينتقد ابو بكر البغدادي ويتعارض مع منهجه الذي لايخدم "الفكر السلفي". تنظيم "داعش" بدء يتجه نحو الشعبوية اكثر من النخبوية والنوعية بين مقاتليه،  ويبدو انه بدأ يتجاوز عملية الفرز بين المقاتلين والمتطوعين بسبب الزخم الذي يحصل عليه اامام الوهج الذي حققه بعد يوم 10 يونيو 2014 والجغرافية التي ينتشر عليها التي تحتاج اعداد جديدة. وهذا ينذر بنذير تنظيمي خطير الى ابو بكر البغدادي، ممكن ان يجعله يتاكل من الداخل اكثر مما يتعرض الى ضربات من الخارج خلال هذه المرحلة.

إن المساحة التي ينتشر عليها التنظيم في الوقت الحاضر هي مساحة واسعة تمتد من شمال شرق سوريا الى المناطق الغربية والشمالية الغربية من العراق، وهذا يعني ان ماحققه التنظيم من عمليات توسع وقضم جغرافية العراق وسوريا ممكن ان ياتي له بنتائج  تنظيمية وعسكرية سلبية. هذه المساحة تعرض التنظيم الى الانشقاقات والى الضعف، كونها تحتاج الى الدعم اللوجستي من اسلحة  وطعام ووسائل دعم تعبوية.

ومهما توسع التنظيم فانه لايرتقي الى قدرة مسك الارض وادارتها بهذا الحجم، لذا المرحلة الحالية سوف يشهد مرحلة جديدة  من خسارة بعض مواقعه التي سيطر عليه مقابل محاولة الحكومة لعراقية من اعادة تنظيم قواتها وكذلك الدعم الاميركي العسكري والاستخبارتي الى العراق، اما القرار الاميركي بتقديم مايقارب خمسمائة مليون دولار للمعارضة السورية من شأنه يخلق حالة من "الصحوة  داخل المعارضة السورية. الولايات المتحدة تعول كثيرا على شخص الجربة  ليس في سوريا بل في العراق ومناطق اخرى كون الجربة يمتد الى عشيرة شمر العربية المنتشرة في العراق وسوريا و السعودية ودول اخرى.

 

اما ماجاء على لسان المتحدث باسم العدناني، بان تنظيمه يصل الى الاردن والكويت والمملكة اللسعودية، فهو خارج عن القدرة التنظيمية ويحمل عدم واقعية طموحات ابو بكر البغدادي. التوسع التنظيمي سوف يكشف الكثير من اسرار وخطط التنظيم من خلال اتصالات قياداته الميدانية مع المركز لتنفيذ الخطط.

أما خلافاته مع الفصائل المسلحة وزعامات عشائر في العراق وسوريا فممكن ان تشهد الكثير من المواجهات بسبب الزعامة والثروات. واشارة الى مقال الفريق الركن وفيق السامرائي بعنوان "الدواعش" الى اين؟ نشر في جريدة الشرق الاوسط، استفسر فيه عن اسباب وجود قيادات وزعامات عشائرية سنية ومجموعات مسلحة في اربيل وليس في مدينة الموصل. وهذا مايمكن تفسيره بأن "داعش"هو من يقود الوضع في الموصل ومدن عراقية ويسيطر على الادارة  اكثر من بقية الاطراف.

 

*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبار