الوهابية ... الارهاب والنفط 3 |
كتب اسماعيل مصبح الوائلي: جذور الوهابية واضطهاد شيعة أمير المؤمنين إن عقيدة الوهابية في الشكل الذي نعرفه حاليا والتي هي عقيدة أهل السعودية، كان قد أسسها محمد عبد الوهاب (1703-1792 ) وهو احد رجال الدين السنة، المذهب السائد في شبه الجزيرة العربية، والذي أسس حركة معادية للأتراك كما هي معادية لكل من وجدوا فيه شيئا مخالفا لمعتقداتهم. ازدهر تأثير عبد الوهاب بسبب قربه من سلالة آل سعود، وبسبب والدعم المتبادل الذي وفره لكل واحد منهما للآخر. لقد تأثر عبد الوهاب بكتب ومدرسة ابن تيمية، وجعله قدوة ينطلق منها للإفتاء في الناس و"وعظهم" على الرغم من أن افتاءاته تلك لم تكن عليها إقبالا من الناس خصوصا في منطقته ومسقط رأسه نجد. إن أفكار ابن تيمية المثيرة للجدل آنذاك سمحت بإعلان الجهاد ضد كل من يدعي أنه مسلم وهو غير مؤمن كمثال المغول غزاة الدولة العباسية الذين تم اعتبارهم أنهم غير مؤمنين ووجب الجهاد فيهم. بعد خلاف عبد الوهاب الدائم مع مقربيه ومن كانوا حوله بسبب أفكاره الشاذة، غادر إلى مدينة درعية التي تعرف فيها على محمد بن سعود حاكم المنطقة حيث توافقت رغباته ورغبات محمد بن سعود، فتم التحالف، وطلب ابن سعود من محمد بن عبد الوهاب ان لا يغادر الدرعية وسعى إلى جعله يوافق على الضرائب السابقة المفروضة على السكان، فوافق بن عبد الوهاب على الطلب الأول، ورفض الثاني واعد ابن سعود بأن غنائمه من الغزوات والجهاد ستكون أكبر من هذه الضريبية. بعد أولى غزوات الدرعيين على جيرانهم، وزعت الغنائم، الخمس لأبن سعود، والباقي للجند، ثلث للمشاة وثلثان للخيالة. السيطرة على العيينة كان أهل العيينة بقيادة عثمان بن معمر أنصارا ثابتيين للدرعيين، وارتبط بعض أمرائها بعلاقة نسب مع آل سعود، ولكن تم إتهام أمير العيينة بأنه أجرى اتصالات سرية مع حاكم الأحساء وأعد العدة للخيانة، فقتل على يد أهل العيينة من أتباع محمد بن عبد الوهاب في يونيو 1750، وانتقل الحكم إلى قريبه مشاري بن إبراهيم بن معمر القريب من الدرعية، وبعد 10سنوات، فقدت العيينة استقلالها نهائيا، فنحى محمد بن عبد الوهاب مشاري ،اسكنه الدرعية مع عائلته، وعين حاكما غيره، وأمر عبد الوهاب بتدمير قصر آل معمر لدى وصوله العيينة عبد الوهاب نصب نفسه قاضيا ومحمد بن سعود كأمير جديد حيث تم العمل على إرساء الحكم للمملكة السعودية و تأسيس قانون فقط يمكن الأحفاد تحديثه، كما أن التبرير الديني و ذريعة استرجاع "نقاء" الإسلام خدمته لمحاولة نهائية من اجل السيطرة على باقي الجزيرة العربية . إلى غاية هذه اللحظة لا يمكن عزل الوهابية عن آل سعود بالضبط تماما حين لا نستطيع فصل تاريخ العربية السعودية ودينها المهمين . من بين الانتقادات الأولية لهذا الإسلام الجديد نذكر كتاب صبري باشا القائد العسكري في زمن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني 1842-1890 الذي انتقد فيه الوهابية بكل تفاصيلها من وجهة نظر مسلمة، مفسرا مخاطر انتشار هذا المذهب، محملا في ذلك الوهابيون برجعية مبادئهم و الطريقة التي يفسرون بها الجهاد "الحرب المقدسة" و "الحرفية " التي يتم على إثرها تفسير القران، في تحذير لمطبقي التقليد السني الذين يشكلون كما قلنا الأغلبية في شبه الجزيرة العربية. هذا الكتاب وضخ قدرة ما يمكن أن تفعله هذه الطائفة الجديدة التي تهدد امن وسلامة المنطقة جمعاء. التوسع العسكري ان اثر الاطماع التوسعية للسعودية في ظل المد الوهابي لم يندثر لليوم حيث لازلت في صراع مع جيرانها ليومنا هذا كمثلا الحدود مع عمان المنتنازع عليها لغاية2001 و نزاعها مع الامارات مرورا بمناطق محايدة مع الكويت العراق، هذا الاخير عرف هجوما شنيعا لا يستطع التاريخ نسيانه. اقترن تاريخ الحركة الوهابية منذ تأسيسها بالكثير من الجرائم والمجازر البشعة التي تم ارتكابها بحق المسلمين عموما والشيعة خصوصا، حيث دون الكثير من المستشرقين والمؤرخين ممن عاصروا تلك الحركة منهجية العنف والتطرف الأعمى الذي أباح بالتوافق مع تشريعات قادتهم الدينيين والسياسيين انتهاك حقوق كل من كان لا ينزل على معتقدهم أو من يخالف بالرأي أينما حلوا، حتى استطاعوا بسط هيمنتهم وسلطانهم على نجد والحجاز بحد السيف، مدينة اثر الأخرى على التوالي بعد أن أذاقوا سكانها هول همجيتهم الوحشية. فيما لم تسلم أي المدن الحواضر التي كانت تجاور حدود سلطانها من أذى رجالاتها وغدر قادتها. ويسرد لنا التاريخ الكثير من الوقائع المؤلمة التي ألمت ببعض المدن العراقية التي طالها أذى ووحشية الغدر الوهابي السعودي نهايات القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين كمدن النجف الاشرف وكربلاء المقدسة والسماوة والناصرية وغيرها. فيما انفردت مدينة كربلاء عن بقية المدن العراقية بفداحة مصابها وهول فاجعتها، عكست أحداثها صورة جلية لحقيقة الحركة الوهابية ودوافعها المرتكزة على بغض آل البيت عليهم السلام وحقدهم الدفين على أتباعهم من الموالين الشيعة، إلى جانب أطماعهم بكنوز المدينة التي كانت تضمها المراقد الشريفة. حيث أقدمت العصابات الوهابية على حين غرة في 20 نيسان - أبريل 1802 م، على اجتياح المدينة قبل أن تعيث بها فسادا وتخرب المراقد المقدسة وتنهبها بعد إن استباحت دماء أبنائها وأموالها، مرتكبة مجزرة اهتز لها ضمير العالم الإسلامي والإنسانية جمعاء. يتبع... |