شهر رمضان في تموز المعروف لدى العراقيين بأنه " شهر ساخن " سيواجه فيه الصائمون والمفطرون على حد سواء ارتفاع درجات الحرارة فوق معدلاتها الاعتيادية ،وسيعتمدون استخدام وسائل تبريد بدائية ، المهافيف ، وحمل قناني الماء والمرشات اليدوية للاستعانة بها عند الوقوف الطويل لتجاوز السيطرات وعبور الجسور وحمل المظلات لاتقاء أشعة الشمس العمودية في عز الظهيرة. وبارتفاع درجات الحرارة تأثرت أسعار المواد الغذائية فتصاعدت هي الأخرى ، ووجهت أصابع الاتهام للتجار لأنهم في كل وقت السبب الرئيس في معاناة الشعب العراقي أو هكذا تصورهم وسائل الإعلام والفضائيات التابعة لأحزاب الحكومة، والجهات الرسمية لم تعلن عن تقليص ساعات القطع المبرمج للتيار الكهربائي . سيتحمل العراقيون صعوبة شهر رمضان ، وهم يتطلعون لحسم و تجاوز الأزمات السياسية القائمة في البلاد ، وسيكونون في أحسن حال حينما يجتمع القادة السياسيون على مائدة إفطار واحدة ويلعنون الشيطان ويتفقون على حب الله لقيادة البلد نحو بر الأمان ، وهذا الإنجاز التاريخي الكبير سيكون مبعث تفاؤل لدى العراقيين بان نخبهم وبعد وقت طويل اتفقت وتلاحمت وتضافرت جهودها بالاتفاق على اختيار المرشحين لشغل مناصب الرئاسات الثلاث . أعضاء البرلمان الجديد ، على موعد مع فطور سياسي لعله يحمل بشائر اختيار رئيس مجلسهم ونائبيه وبعد تحقيق هذه المعجزة ستكون جلسات المجلس خلال شهر رمضان ، وأمامه عقبة أخرى تتلخص بمرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة ،وإنجاز هذا الاستحقاق يحتاج إلى اكثر من فطور سياسي ، لأن مسافات بعيدة تفصل بين مواقف الكتل النيابية ، وفي ضوء ذلك برزت دعوة تتضمن تشكيل برلمان مؤقت لحين حصول الاتفاق على تقاسم المناصب والمواقع ، وهي سابقة خطرة لا تنسجم مع الدستور، وليس من المستبعد اعتماد قاعدة الحصول على المكاسب عن طريق التوافق ، قد يشهد العراق ولادة برلمان مؤقت ، ويكون حاله مثل "كهوة المفاطير" في شهر رمضان. البرلمان المؤقت ابتكار جديد يعطي رسالة واضحة على فشل الساسة في التوصل إلى أي اتفاق من شأنه تنفيذ الاستحقاقات الدستورية للمرحلة المقبلة ، و قد توفر لهم الوقت المناسب منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية ، ومادام أكثرهم يسكن في المنطقة الخضراء ومعظمهم ينتمون إلى أحزاب دينية ، ويؤدون فريضة الصوم ، يجب ان يجتمعوا في اسرع وقت على فطور سياسي ، وبعد تناول زنود الست والساهون الإيراني يعلنون المعجزة ، لتنطلق الهلاهل من زاخو إلى الفاو للتعبير عن فرح العراقيين بإنجازات القادة السياسيين التاريخية ، ومنها ترسيخ وجود كهوة المفاطير التي اكتسبت اسمها منذ عشرات السنين، وأصحابها يجيدون عن خبرة ومعرفة اختيار مواقعها وأماكنها ، وعلاقتهم بالأجهزة الرسمية التي تلاحق المخالفين في شهر رمضان ، ليست ودية ، ولكنها تعتمد على تقديم المقسوم مقابل السكوت عن المخالفة ، وبمنفعة الطرفين يتحقق التوافق والاتفاق وانتظار مدفع الإفطار .
|