هل نحن قومٌ لا تصلح لنا إلا العصا؟

 

القاصي والداني ,العاقل والجاهل ,المثقف والأمي ,المحلل السياسي والمراقب لها ,المهتم بالسياسة والمتجاهل لها, الكل بات واثقاُ ومتأكداً من أن العملية السياسية في العراق فشلت.و لم يجنِ منها الشعب غير القتل والتشريد والتدمير.إلا الطبقة السياسية وكتل الضلال هذه التي تتمسك بها ,رغم علمها هي  بأنها بحاجة الى تصحيح وتعديل وإعادة نظر.فهم يسيرون بنا الى هلاك مؤكد إن إستمروا على هذا المنوال .ولم ينحوا للتغيير والأصلاح الذي يطالب به الجميع ,وعلى رأس الجميع المرجعيةالدينية  العليا..فكم دعت وكم طالبت بالتغيير.ولكن وكما قال الشاعر:

 لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي

لقد أفرزت الأنتخابات النيابية مجلساً أكثر عجزاً من البرلمان السابق . وستؤكد الأيام القلائل القادمة هذا.فالمستقبل واضح المعالم ومكشوف الوجه . فلم يتغيير إلا القليل القليل ,فذات الوجوه هي المتحكمة.وبنفس العقلية التي أوصلتنا الى الحال المنحطة هذه. فهي من يتصدر المشهد.طائفية تتأجج وطموحات ومطامع عرقية كشرت عن أنيابٍ شرسة.والشعب عاجز لاحول له ولا قوة .ولا نظن إن إستقراراً سيحصل ولا أمناً سيتحسن ولا نماء, وإنما المتوقع خِلاف هذا تماماً. وسوف لن نتقدم خطوة واحدة ما لم تصحح العملية السياسية ويُعَدَّل مسارها.

فكيف يجري التصحيح والتغيير؟ وهل الساسة الطامعون بالسلطة والمال على إستعداد للأعلان عن فشل هذه العملية وإستعداهم لأعادة النظر بها ؟فهي ليست قرآناً منزل من السماء, إنما قوانين ودستور وضعي دنيوي .كتبته أيدٍ بشرية غير معصومة .فلماذا نستحي من الأعتراف بهذا؟لماذا نستحي من الحقيقة؟ أم إنه الأنصياع لسادة خارج الحدود ؟فالخلاف ليس كما يشيع البعض بأنه على إسم رئيس الوزراء وشخصه أبداً .ولا الخلاف على الأنتماء الحزبي لرئيس الوزراء.وإنما الخلاف على منهجٍ ومخطط ,والخلاف على الصلاحيات وعلى أمور عدة منها سياسية ومنها طائفية نمت وإستعرت بشحن خارجي,ومنها عرقي قومي يصل أحياناً الى الشوفينية وتعصبها المعروف.قد يكون السيد نوري المالكي أخطأ هوو حزبه في موقف ما أو تصرفٍ أو قول ٍمعين .وهذاٌ أمرٌ طبيعي يحدث في كل دول العالم. ولكن هل هذا هو جوهرإزمة اليوم؟ والمطلوب تغييره شخصياً كما يدعي البعض.وهل لما جرى من ذبحٍ على الهوية وإستيلاء الكورد على اراضٍ ليست من ضمن أراضي الأقليم (المناطق المتنازع عليهاوسرقة نفط الشمال وتصديره الى إسرائيل سببه وجود المالكي و حزب الدعوة على رأس الحكم؟لا طبعاً وبكل صراحة

وعندما يهرع بعض الساسة للأجتماع بسعود الفيصل في باريس وهم يعرفون نواياه ونوايا الحكم السعودي .فهل هذا بسبب وجود السيد المالكي  وحزبه في الحكم؟

 هناك أمور دفينة تحتاج الى مكاشفة ومصارحة وشفافية ووضوح أمام الشعب.

 نحن من المؤمنين بالتبادل السلمي للسلطة. ولسنا مع الولاية الثالثة لذات الشخص .ولكن ليس بسببٍ شخصي أو حقد حزبي مغرض .وإنما لضخ دماء جديدة تمارس دوراً جديدأ بإسلوب جديد غير مكرر. فلا يجب أن نقول حقاً يراد به باطل,كما يفعل الساسة الفاشلون المتسببون في كل ما جرى وهم شركاء فيه .

هناك إختلافاتٌ وخلافات تعاظمت بعد 2003 ونمت بتوجيهٍ وتمويلٍ أجنبي.وهذه تحتاج لحلولٍ ولمكاشفة ,والجلوس لطاولة  مستديرة بإشرافٍ دولي محايدٍ متفق عليه.فنحن مختلفون على كلِ شيء وفي كل شيء ,إبتداءً من هوية بلادنا الى توزيع السلطة والمناصب والحدود الأدارية والقوانين التي تمس الدين والمذهب وحق رفع الأذان وتوزيع الثروة وصلاحيات الحكومة الأتحادية والأقاليم والمحافظات. ونحن مختلفون في مفاهيم هيكلة الدولة وتركيبتها ولونها ورائحتها. مختلفون ليس فقط على توزيع عائدات النفط وإستغلاله بل على الأرض والمياه.إننا مختلفون في أمور كثيرة. فهل سيحل هذا تسمية الرئاسات الثلاث ؟وإستبعاد السيد المالكي عن منصب رئاسة مجلس الوزراء؟ وهل تسمية الرئاسات الثلاث ستحل كل شيء وعندها سيحل السلام المجتمعي وينتهي الأرهاب ويعالج الفساد ؟لا وألف لا .

أما آن الأوان أن تتدخل القوى الدينية صاحبة التأثير فتطلب عقد مؤتمر خلاص وطني,بإشرفٍ دولي متفق عليه,وبحضور مرجعيات دينية نافذة ومشاركة أهل القانون والأختصاص الأجتماعي لكتابة عقد إجتماعي جديد. يؤسسُ لدولة مدنيةٍ حديثة مبنية على التوافق والمشاركة الفاعلة على أسس دولة مؤسسات المجتمع المدني , بعد تلافي أخطاء وغموض الدستور الحالي, بالأستعانة بالخبراء وأهل الخبرة والمعرفة بالقوانين والدساتير, من أهل العراق وآخرين من دول لها ظروف مشابهة لظروفنا؟أم إن هذا لا يصب بمصلحة من بيده خيوط اللعبة من ساسة وداعمين لهم من وراء الحدود؟هل ننتظر أن يحترق كل شيء ونخسر كل شيء؟نحن بحاجة لعقد جديد يرضي الجميع قبل أن ينفرط عقد العراق .والويل كل الويل لنا إن إنفرط العقد.فهل يفقه الذين يحرصون على العراق وسلامته هذا؟وهل يتحركون  قبل فوات الأوان وتحصل الكارثة ويحل الدماروعندها لن ينفع الندم؟

في البلاد عناوين كثيرة دينية وإجتماعية فلماذا هم ساكتون رغم إنهم يدركون حجم الخطر والكارثة الدهماء التي ننتظر؟ولماذا تتلجلج الحقيقة في أفواههم ؟إنه أمر محير والله!!!!!

المخطط المرسوم للعراق وللمنطقة بسايس بيكو ثانية لم يعد خافياً .فهل ننتظر هذا وما سيتبعه من صراع وقتال على الحدود والموارد النفطية والمياه وما خفي أعظم؟فلماذا السكوت والتغاضي يا من بيدكم وبإشارة منكم تحريك كل شيء؟والله إنه لأمر عجب!!!!

إنَّ ما حصل في العراق في الأيام العشرين الماضية مؤشر واضح لما سيؤول له أمر البلاد. فلماذا التسويف والمماطلة ودس الرؤوس في الرمال؟ألا يكفنا هذا لنمتلك الشجاعة ونقول لمن تسببَ إبتعدْ وإنزوِ بالمكانِ الذي تستحق.وهنا لا بدَّ من الصراحة الواضحة الجريئة,لا الهلامية والضبابية والغموض .فعلى كل القيادات السياسية وكتلها  أن تغيب عن المشهد. ولا يجب أن نسمح لها لا من قريب ولا من بعيد بكتابة عقد إجتماعي جديد. فسبق وأن كتبوا الدستور الحالي.فأذاقونا الويل والثبور. ولنقل إنه لم يكن بقصدهم الأضرار. ولكنه الفشل الذريع المهلك.فلقد فشلت التجربة ولن نسمح بفشل جديد وتجربة جديدة ودماءٍ بريئة تسيل وخراب أكبر على أيديهم .فلم تعد لنا ثقة بهم؟ لعدم جدارتهم .وإن تحججوا بالشرعية ونتائج الأنتخابات فالجواب هو إن في الشقيقة مصر إنتخب مرسي وجماعة الأخوان المسلمين بشرعية كاملة .ولكن بعد فشلهم .تم التغيير.أليس هذا هو الواجب الشرعي والأخلاقي على من بيده المقدرة على تحريك الأمور؟

 فلماذا لا يتعلم العراقيون من أقرب الشعوب لهم ؟أم إن هناك مَنْ يريد أنْ يُفْهِمَنا بأننا قومٌ لا تصلح لنا إلا العصا؟