تعب تعبنا معاتبا شدة أتعابه ! ..

نصّ مفتوح :
تعب العراق من شدة معاناته و وكثرة موته ، حتى تأوه التعب نفسه معاتبا أتعابه ..
وتعب الوقت وشاخ من جموده ونعاسه واتكأ على صخرة مهده ..
وتعب الأمل من كثرة انتظاره وامتطى مغادرا سراب يأسه ..
وتعبت الأمهات و الأرامل العراقيات من شدة فجائعهن وأثقال همومهن ومن احمرار عيونهم من شدة البكاء والنحيب ..
و الأطفال من تيتمهم وتشردهم وعملهم المبكر ..
و الرجال من سرعة موتهم ..
والعانسات من ضراوة قنوطهن حتى بياض خصلات شعرهن ..
وتعب الصيف من قيظه ولهيبه الجهنمي في العراق ..
وتعبت الأرض العراقية من زحف تصحرها وتشققها في كل زاوية وأنحاء ..
و الأنهر تعبت من امتداد جفافها ويباسها ..
والعراق تعب من زحمة القتلة
ومن كثرة القائلين وقلة الفاعلين ..
وتعب الهواء العراقي من تلوثه ..
وتعب الضوء من شحوبه المصفر ..
و الألم من مكوثه الطويل في قلوب العراقيين ..
وتعب الحزن من إقامته الأبدية في الوجوه العراقية ..
والطقوس المضجرة
تعبت من تهافتها ..
والقيم من زيف مزاعمها..
وتعبت النخيل من ضراوة حز رؤوسها والبساتين من اجتثاثها ..
تعب الجميع حتى تعب التعب معاتبا على اتعابه ..
ولكن ماعدا :
القاتل والضحية فقط ..
فلم يتعبا قط في العراق ..
و لا زالا في عنفوان شهيتهما للقتل و الموت السريع ..
أحدهما يشحذ سكينه بمثابرة وهمة ..
بينما الأخر يجهز كفنه و شاهدة قبره باستعجال ونفاد صبر ..
كأنه يخشى من تأخره قليلا عن قافلة موته ! ..