أنّى حللّتَ بــأرضٍ عشـــتها نجفا ... كريم مرزة الأسدي

من البحر البسيط ، هكذا ولدت القصيدة ، وخلّها حرّة تأتي بما تلدُ!! راجع الهامش رجاء . 

 

اكرمْ بدنياكَ ، كدر الهمَّ قدْ سلفا **أنّى حللّتَ بــأرضٍ عشـــتها  نجفا

 

تحلو الشمائلُ منِ ألْفٍ ومنْ ألَفٍ**حتّى صرفتَ الذّي ما كان منصرفا!

 

"فاستوحِ مَنْ طببَّ الدنيا بحكمته"** قدْ نارَعدلاً ، أزالَ الظلمَ والسّدفا 

 

بُعْدٌ يقرّبُ منهُ الوجـدَ، تلهمهُ ***** إشعاعَ فكرٍ، وقدْ زان الورى شـرفا

 

عشْ ذائباً في سموِّ الرّوح أزهدهمْ ** عيشاً،وكان أخاً للمصطفى وصفا

 

هذا العراقُ،ويأبى اللهُ قسمتهُ *** أرضى الإمامَ ،وأرضى الصحبَ والخلفا

 

لو داعشٌ لعّبتْ في لِعبها لُعَباً ***** تبّاً لها لنْ تنـــــالَ الظـــــهرَ والكتفا  

 

شعبٌ تآخى على مرِّ العصور،فلا***أعني سوى الشعب مَنْ في مجْدهِ حُلِفا 

 

 يا حادياً بثْ خفايا القلب اعذبها **** حـيِّ العراق ، وحـــيِّ الأهلَ والنّجفا

 

ذاكَ الغريّ،وراحُ الشّعرِ(نابغُهُ)**إذْ غــرّ (أحمدُ) كأسَ (الجوهرِ) ارتشـفا(1)

 

أنت ابن ذاكَ وهذا ، والروي نسبٌ**** اغرفْ أجدتَ،كما كانا،وما اغترفا

        

لا تأبهنَّ بسجنِ الدار مؤتزراً *****  فالدرُّ يســكن ُ في قعر الدّجى الصدفا

 

دعْ عنكَ مَن يرتقي عرشاً بهابطةٍ ***** والهــابطاتُ لكعبٍ سمتها الخسفا

 

خمسون عاماً مضتْ منْ لا أباً لهمو! *** تصحيفَ لؤمٍ،ويأبى اللهُ ما صُحِفا      

 

إنَّ المقاديرَ إنْ غالبتَـــــها غُلِبتْ ***** تغدُ المطيّةُ ، ركّــــبْ فوقها  الهدفا

 

وانشد رعاكَ الذي ســواكَ نابغةً ***  واقلبْ عليهمْ بيوت الشعْرِ و (السلفا)!!

 

وارجعْ لدنياك شجواً أنتَ صاحبه **** ريمٌ على القاعِ يا منْ قد رعى و وفى  

 

يا أمَّ زيدٍ : ثلاثوناً و واحــدةٌ  *****  لمْ نألفِ الخلفً ، لا قــــطرُ البكا  ذُرِفا

 

يا أمَّ زيدٍ : وأمُّ (الأُسْلِ)  واسطة ٌ*****  والنّبعُ أينعَ في (عبّاســـهِ ) و(صفا)(2)

 

هذي الرجالُ، إذا ما جُذرها رسختْ *** مثل الرواسي تصــدُّ الريحَ  إنْ عصفا 

 

فردٌ إذا غـابتِ الأنظارُ رؤيتهُ  *****  فالعيبُ فـــي الطرفِ،لا في نجمهِ وكفـى!

 

ما كـــان عبقرُ حكراً للذي ســلفوا ***** هـــذي النوابغ أثــرتْ سلفــــها تُحفا

 

لكنَّ مَن بدّدَ الأنـــــوارَأظلمُهمْ ******  والأرضُ تحجــبُ شـــــمسا بدرها خسفا

 

شتّــــان بينَ وضيعٍ ٌ أمــــرهُ تبَـــعٌ****** للســـــاقطينَ وبيــنَ الحـــرِّ إن أنــــفا

 

أنتَ ابنها ، لا ركامُ القشِّ راهبـةٌ ******* كلاّ ، ولن مــن فحيح الصــلَّ  ترتجفا(3)     

    

خذْ  ما تشاءُ مـــــن التنويمِ هيمنة ً*****أيــنَ البطولــــة ُللأبــــرارِ والشّـُــرفا ؟!

 

منّا الحضاراتُ قد سـادتْ ركائزها**** قـــفْ ! واسألِ الدّهرَ إذْ كنّا ، وما خلفا 

 

لا يستبينُ ضحى الغبــــراءِ،عجّتها ***** تُدني الذليل وترمي عـــــــزّها  قذفا

 

فوضى تشيرُ إلى الأقـــــــدارِ هازئةً ً****** يا خيرَ مَــــنْ سلبَ الآنامَ أو نسفا!!

 

شعبٌ كــأنّ بلا عــرقٍ يعــرّقــــهُ *** ***** يـا للـرجالِ ! ألا رأسٌ ، فـوا أســـفا

 

عمرٌ يمرُّ بذي الآمــــــالِ  يرقبُها *******  يومـــاً بيـومٍ فلا بــرّتْ ولا نصـــــفا

 

إنّ الحياةَ إذا  لا ترتجــي أمـلاً ******  كالمــــوت ســـــــيّان ، إذْ  أيّـامها حُتفا

 

يا صاحبيَّ قفا نحدو على وطـــنٍ *** ***** دامــي الجراح، قفـا يا صاحبيَّ قفـا!!

 

هلّ كانَ أعذبَ من ماءِ الفراتِ؟ وكـمْ ***** * يا دجلةَ الخير!  يا لهفي ومَنْ لهفا!!

 

يا دجلة الخيرِ!  جرحٌ في ضمائرنا ***** قلبٌ يذوبُ ، ودمـعُ العيــــــنِ قد وكفا   

 

تباً لقومٍ يسودُ الجرمُ عالمهم  ********  يغري الجهولَ ، ويخشى العلمَ والظرفا

 

صبراً جميلاً على البلوى ، وإنْ دهمتْ ***** نحنُ لها ،  وسيروي عزمنا النطفا

 

والدّهرُ ينجبّ ليلاً ، أمــــــره عجبٌ ******** قــد يرتـــدي الأملَ المعقودَ ملتحفا

 

سمعاً ! ولا أتّقي قولاً بخــــــاتمةٍ *******عاش العراقُ ، ليبقى فوقَ مَـــــنْ وصفا

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) نظمت عدة أبيات ارتجالية عند وصولي مدينة النجف الأشرف سنة 2004 نسيتها وكان مطلعها :

اكرم بدنياك كدر الهمِّ قد سلفا *** حيّ الإمام وحيّ الأهل والنجفا 

وهذه الأيام تذكرت المطلع ونظمت على غراره ، وختمت القصيدة قبل أحداث الموصل الأخيرة ، ثم أضفت عليها بضعة أبيات بعدها ، فولدت القصيدة هكذا بذاتيتها وموضوعيتها 

(1) النابغة الذبياني من حيرة النجف ، أحمد بن الحسين المتنبي من كوفة النجف ، الجواهري ابن النجف !!

(2) أسيل أم صفا ، ابنة الشاعر واسطة العقد ، وزيد الابن الأكبر ، وعباس الأصغر

(3) أنا أحياناً أسير على نهج المدرسة الكوفية ، ولي مؤلف ( نشأة النحو العربي ومسيرته الكوفية / مقارنة بين النحو الكوفي والنحو البصري ) ، والمتنبي والجواهري كثيرا ما ينهجانها ، وهما من أبنائها ، وأنا أزعم كذلك ، وعراقتي فيها تمتد لمئات من السنين ، المهم ، العرب قد يفصلون بين لن ومعمولها ، والكوفيون يسيرون على الشاذ  حتى أنني في  بحثي عن الضرائر الشعرية ، ونشرته خمس حلقات مطولة ، أدرجة خمسين ضرورة شعرية !! ، ومنها ما سمع من العرب قولهم  :     

لن ما رأيت أبا يزيد مقاتلا ***أدعَ القتال وأشهدَ الهيجاء

 المعنى لن أدع القتال ما رأيت أبا يزيد مقاتلا ، ـ (ما) مصدرية ظرفية تسبك مع ما بعدها بمصدر أي لن أدع القتال مدة رؤيتي أبا يزيد مقاتلا .والفعل أدع : منصوب بلن ، وأشهد منصوب بأن مضمرة جوازا بعد واو العطف والمصدر معطوف على القتال.

 البيت من الكامل وهو في خصائص ابن جني  :2/411 ، ومقرب ابن عصفور  : 1/262 ، ومغني لبيب ابن هشام الأنصاري  : 373

شرح هذه النقطة فقط للتوضيح ، والقياس على غيرها .. والشعر صعبٌ وطويل سلمه !!!