لو أنكم شاركتم ألعراقيون رغيف صدام |
أجيال من العراقيين تتذكر رغيف صدام التسعيني ( قرص الخبز ) رغيف الحصار فلقد كان ذلك الرغيف ماركة وطنية مسجلة بامتياز ليس لها شبيه في تاريخ العراق الحديث والقديم فلقد توفرت في هذا الرغيف مواصفات غذائية وإقتصادية لاحصر لها أبتداءاً من السعر وإنتهاءاً بالنوعية ظهر هذا الرغيف خلال الهبوط الحاد والسريع للعملة العراقية بعد خضوع العراق للعقوبات الإقتصادية تحت البند السابع بعد غزو النظام المقبور لدولة الكويت سنة 1990 وما تلاه من فرض حصار إقتصادي عالمي أفقد العملة الوطنية ( الدينار) كل قيمتها فأصبحت تعبأ بالأكياس والصناديق بل وحتى تخزن في الغرف مقابل الدولار الأمريكي والعملات الأخرى فيما بقي المستوى المعاشي والحد الأعلى للأجور كما هو ففي حين كان الموظف في مؤسسات الدولة مثل التعليم والصناعة والكهرباء وكذلك الجيش والشرطة لايستلم أكثر من 3000 دينار راتباً شهرياً مقابل ما يقدمه من خدمات لبلده كانت أسعار المواد التموينية قبل أصدار قانون ( النفط مقابل الغذاء ) عام 1998 تشهد صعوداً خطيراً في قيمتها حيث بلغ حينها سعر كيس الدقيق ( الطحين ) ما يقارب 40000ألف دينار وفي أحيان كان يصل سعر كيلوا الدقيق أكثر من 3000 آلاف دينار أي ما يعادل مرتب شهر كامل مقابل كيلوا طحين قد لا يكفي العائلة العراقية الكبيرة أما مواصفات هذا الدقيق فالعراقيون يتذكرون إلى الآن تلك النوعيات الرديئة والسيئة والتي لم تكن في أحسن أحوالها إلا خلطة متنوعة من مواد ليس لها جامع مثل بعض بقايا الدقيق مضافاً لها مسحوق الجص أو البورك المستخدم في طلي الجدران وكمية من الأملاح توضع في قعر الكيس لتساهم في زيادة الوزن مضافاً لها نشارة الخشب وبقايا فضلات الفئران والحيوانات القارضة كجزء مكمل لذلك الرغيف وفي بعض الأحيان كان بعض الفاسدون من التجار يعمدون إلى وضع بعض المساحيق المستخرجة من جرعات طبية كانت تعطى للحيوانات التي تعاني بعض الأمراض المعوية من باب السخرية والأستهانة بالعراقيين ذلك كان رغيف صدام التسعيني رغيف الحصار والكفاف الذي سيظل علامة فارقة ومخلدة في ذاكرة العراقيين كواحد من ألإنجازات الوطنية للحقبة ( الصدامية - البعثية ) والذي تحمله العراقيون بشرف كما تحملوا عقود بل مئات من السنين المليئة بالشقاء والجوع والإنتظار والقحط والبلاء وأذا كان مسوخ السياسة وطبقة الحكام والمرتزقة والطارئين وجهاً من جوه العراق المبتلى على مرّ عصوره فأن الجوع والصبر كان الوجه الآخر لهذا العراق الذي كلما ذبل من جوع وهرم من بؤس وشقاء كان يزداد جمالاً ونظارةً وبهاءاً ألم يقل شاعر الحداثة العربي العراقي المرحوم بدر شاكر السياب في رائعته ( أنشودة المطر ) عن العراق وجوع العراقيين : ما مرّ عام والعراق ليس فيه جوع !! ألم يقلها شاعر العرب الأكبر المرحوم محمد مهدي الجواهري مرثية لشعب يتوسد بين دجلة والفرات ( نامي جياع الشعب نامي حرستك آلهة الطعام ) . وبين ثنائية الجوع والسياسة يقف العراق حياً مباركاً كلما هموا به جعل الله له برهاناً في أعناقهم لم يثنه الجوع ولا الفقر ولا شذاذ الآفاق من أن يكون ويستمر ويؤدي دوره في هذه الحياة لكن متى سيتعض ساسة عراق اليوم مما تركه لهم التاريخ من ميراث كبير لا ينضب من الحكم والدروس ؟ يبدو أنهم لم ولن يتعضوا فمن لا توجعه بغداد في قلبه لن توجعه في ضميره لقد أجتمعوا وتحالفوا وقرروا أن يأدوا العراق حتى قبل أن يلفظ أنفاسه وهيهات للعراق أن يلفظ أنفاسه نقول لهؤلاء لو أنكم شاركتم ألعراقيون بعضاً من رغيف صدام لو أنكم أصطليتم بشيء من من نار منقلة شتاء العراق ومضغتم كسرة من خبز العراق ( رغيف صدام ) مصحوبة بحبات تمر العراق حينها فقط لربما كانت قلوبكم وضمائركم ستوخزكم بشيء من الوجع وأنتم تدفعون بالعراق على حافة الهاوية لتتقاسموا ما لايقسم فهل نسيتم أن القسمة ليس فيها للغرباء من نصيب وأنكم مهما حاولتم لن يكون لكم في العراق إلا ما سيتذكركم به الناس من إزدراء وإحتقار لما فعلتموه لهذا البلد الذي طالما كان سبباً في ماأنتم عليه اليوم من رفعة شأن ومواقع حزبية وسياسية ومكانة إجتماعية لم يكن أحداً منكم يجرأ أن يحلم بها لا في صحوه ولا حتى في منامه .
|