كنت غبيا ولم اكن بعثيا

يحار المرء في الطريقة التي تدار بها عملية فتح الملفات وغلقها والية اختيار الاولويات وموضع المواطن من هذه الاولويات التي تمثل الغاية والهدف على اعتبار ان بناء الدولة ونشأتها في العراق نشأة حديثة ولا تحسب بعمر السنين بل تحسب بحجم الملفات والمعانات التي تعرض لها المواطن من تجربة وحكم النظام البعثي الصدامي السابق طوال السنوات التي تسنلم فيها البعث مقاليد الامور. ومن الطبيعي وهذا ما معمول به في كل دول العالم ان اي تجربة جديدة تقوم على انقاض الديكتاتوريات والحروب والتفرقة تسعى الى معالجة اثار الدمار والاضرار التي خلفها النظام واتباعه في نفوس ابناء المجتمع والا ما فائدة التغيير اذا لم تقم الدولة الحديثة بتصحيح المسار وتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع افراد المجتمع الواحد،بل ان دول تعتبر في مصاف الدول المتقدمة وضعت قيود وشروط قاسية جدا من اجل عدم تكرار التجارب الدموية والطائفية السابقة من اجل حماية البلد والمجتمع حتى بعد مرور عشرات السنين ولم تسمح بفتح نافذة للتهاون والنسيان لانها تعتقد ان فتح نافذة سيلحقه فتح ابواب متعددة وبالتالي تضع نفسها في زاوية حرجة يصعب من خلالها تصحيح المسار او العودة الى ما كانت عليه. وهذا الامر مختلف تماما في العراق فهي اي الحكومة في الوقت الذي لم تنتهي بعد من اكتشاف كل المقابر الجماعية التي خلفها نظام صدام ودفن ضحاياها وفي الوقت الذي لم تمنح عوائل ضحايا النظام السابق وضحايا العمليات الارهابية التي يقوم بها اتباع البعث الصدامي واتباع تنظيم القاعدة الارهابي حقوقهم ولم تنتهي بعد من غلق كل ملفات وجرائم النظام البعثي تقوم وبسبب سياساتها الخاطئة والمرتبكة والعشوائية بمنح اتباع البعث والتنظيمات الارهابية ذريعة للانقلاب على الشرعية واخذ حقوق لم يحصل عليها الضحية. ان ما قامت به الحكومة من إجراءات في الفترة الأخيرة من إلغاء لقانون المسائلة والعدالة وتجاهل اجراءات اجتثاث البعث والاقدام على منح الحقوق التقاعدية للقتلة والمجرمين في وقت لا زال الكثير يعاني نفسيا وجسديا من اثار سياسة البعث امر محزن ولم يحدث في اي بلد من بلدان العالم. ان انصاف الضحية امر مفروغ منه في اي تجربة جديدة وبعد ان يتم معالجة كل الاثار الجسدية والنفسية يتم النظر في تقديم عفوا من اجل دمج القتلة والمجرمين ومن تسببوا بحالة الالم والحرمان التي عانى منها الشعب العراقي،ويفترض ان تكون اجراءات الحكومة متساوية مع حجم الضرر الذي خلفه اتباع النظام السابق على اقل تقدير اذا ما كانت المطالب تنصب على ان تكون اجراءات الدولة اشد واقسى. ان خيبة الامل التي يعاني منها الكثير من ابناء الشعب العراقي بسبب تصرفات الحكومة واجراءاتها الغير صحيحة في تعاملها مع ملف البعث والارهاب جعل الكثير يتمنون لو كانوا بعثيين ولو كانوا قتلة من اجل الحصول على الوظيفة والحقوق التقاعدية والوظائف المميزة لان طريقة المعالجة للملفات توصل رسالة الى الضحية مفادها ان الدماء التي سالت واستباحت من اجل العراق لم تعد تساوي شيئا امام جرائم البعث وتنظيماته الارهابية وان مقدار التقييم لا يتم على اساس التضحيات وانما على اساس الجرائم التي قام بها والتي يقوم بتنفيذها الان. كان يفترض بالحكومة ان تنصف جميع ابناء الشعب العراقي ممن لم يكن بعثيا ولم تتلطخ يديه بدماء واعراض وحقوق ابناء الشعب العراقي ومن ثم الالتفات الى البعثيين بعين قاصرة حولاء لا ترى منهم غير غيوبهم ولا تعطيهم الا بمقدار ما يزيد ذلهم وخزيهم لا ان تغدق عليهم العطاء في وقت لا زال الجميع يعاني من اثار البعث وجرائمه .