عن داعش.. و مثيلاتها ١

اثر تطورات صراع القوى العالمية و نمو القوى الإقليمية و اذرعها في المنطقة، و طموحها للهيمنة و تحقيق اعلى الارباح الانانية لها . . تزايدت الصراعات تعقيداً و حدة بينها على ارض المنطقة، من اجل المزيد من الارباح الاسطورية . . تاركين شعوب المنطقة في غياهب الجهل و الإهمال و العنف الذي يطحن ولا ينتهي، لأنه الوسيلة الامضى بخططهم لتكبيل شعوب المنطقة بإراداتهم هم، و لتحقيق اعلى الارباح لترسانات و مصانع الأسلحة و خاصة المتراكمة منها و الجديدة التي لم يجاز استخدامها بعد في بلدانها الغربية لعدم التأكّد من صلاحيتها الكاملة، و لقوة فعل منظمات حقوق الإنسان و البيئة و حركات السلام التي تمنع وتقيّد استخدامها في البلدان الصناعية المتقدمة. 
لقد لعب تغيّر قطبية العالم و انفراد الادارة الأميركية و قطبها العسكري النفطي بها لعقود، اضافة الى القفزات التكنولوجية و الأعلامية و ظهور و تطور الإنترنت و تطبيقاتها المتنوعة في التواصل الإجتماعي و في الإتصالات الرسمية و الشخصية في تويتر، الفيسبوك، سكايب و غيرها، و اثر انهيار و فشل منظومات فكرية و سياسية هائلة، الذي ادىّ الى ظهور فراغات فكرية و ايديولوجية وفي علوم المنطق . . 
و يرى متخصصون ان ذلك ادىّ الى ان جماهير وجدت ضالّتها في الاديان و اخرى في المذاهب و الطرق الصوفية، و اخرى في مزاوجة الارهاب بالتحريم و اعتباره (ارهاباً مباركاً) ادىّ الى ظهور و توسّع الارهاب و الى العمليات الانتحارية و الى الانفلات الجنسي لتطمين النفوس و محاولة ايجاد حلول بائسة رخيصة لمعاناة الاوساط الغفيرة من الشباب و الشابات، على سبيل المثال بجهاد النكاح ( الثوري الجنسي ) المغازل و الحارف لأفكار و طموح الشباب . . 
كلّها و غيرها لعبت ادواراً هامة في خلق و لمّ حركات من المجتمع و بالذات من طبقاته و فئاته المحرومة، من اجتماعية ذات برامج للاصلاح و التقدم و الرفاه . . الى دينية و طائفية تبحث عن (الثأر) الدموي للتنفيس عن المكنون . . الثأر ممن كان السبب في حياة الذل و الفقر التي عاشوها بمنظور اتباعها، و بحلول يضعها من يسمعوه او يخافون منه لبطشه المخيف . . 
حركات جديدة تضم اوساطاً واسعة من (الفاشلين و الخسرانين)(1) اجتماعياً، قابلة للانقياد اذا أُجزل لها العطاء او كسبت ما تصوّرت انه هو المراد . . في وقت ظهر فيه على مسرح الاحداث من استطاع تحريف الدين و الشريعة و الكتب المقدّسة بدفع من مستفيدين . . و اعتبروا كل ما يصرّحون و ما يقومون به هو العبادة الصالحة، وغيرها بدعة و ضلالة . . و كل ضلالة في النار . و غيرها من الحركات و ما اعتُبرت (اجتهادات) تحاول بعث الكتب القديمة و اساطير الاولين في المنطقة، باشكال وحشية دموية عملاً بتفسير مشوّه لمقتطع الآية القرآنية : ". . ترهبون به عدوّ الله و عدوّكم " فقاموا بانواع الجرائم اللاانسانية الوحشية و طيّروها بالفضائيات لإرعاب الأعداء ؟! 
و قد لعبت اقطاب دولية و اقليمية في صراعاتها ادواراً كبيرة في اثارة و توجيه مثل تلك الحركات ، من مواجهة الإحتلال الى تلك التي لعبت ادواراً هامة في تغيير زعماء صوانيين بدكتاتورياتهم و تغيير انظمة حكم انتهى زمانها و احكام عقودها و معاهداتها (2). . في بلدان (الربيع العربي) و لعبت بالتالي ادواراً خطيرة في تغيير و هزّ ـ كالهزّات الارضية ـ توازناتها المجتمعية و حكّامها على سكّة افترض فيها ان تكون جديدة لصالح الولايات المتحدة و قطبها العسكري النفطي الغازي و الغرب و عمالقة آسيا، الاّ انها لم تتحدد بل و انجبت صراعات و حروب وحشية لانهاية لها في المنطقة . . هدّمت البلدان و احرقتها و شرّدت الملايين و قتلت و دمّرت و مسخت البشر برايات الاديان و الطوائف و الخٍلافات ـ من خليفة ـ و ولايات الفقيه و الأمير . . 
و يرى سياسيون و خبراء اجتماعيون ان الأهمية الستراتيجية الكبيرة لمنطقتنا في العالم . . من جغرافيتها السياسية و ثرواتها الطبيعية و على رأسها النفط و الغاز و غيرها من جهة، و اهميتها و فاعليتها و تأثيراتها الثقافية و الروحية، الدينية و الطائفية الستراتيجية الهائلة بالنسبة لكل شعوب العالم . . التي عادت تشكّل اوليات الوعي و الحس و التفكير لدى اوساط واسعة، بعد ان ضاعت الأسس الحديثة للدولة و المجتمع . . بسبب الحروب و الإنهاك و الوحشية و الخوف و الفقر، 
حيث انها تركت في شعوب المنطقة، تأثيرات حواضر و عواصم العالم القديم و مراكزه الحضارية و الفلسفية، التي ظلّت على قدمها تفعل فعلها، بسبب غياب التحديث و العلم في بناء الدولة و بسبب انواع سياسات تكميم الافواه و قتل المعارضين و تحريم الحريّات . . فتكوّن لجماهير واسعة منطقها من ماهية اديانها و ايماناتها . 
الأمر الذي ادىّ الى مواجهة الاحتكارات و الدول العظمى الإستعمارية لبلدان منطقتنا . . ليس بالحروب الخارجية و الإحتلال و حسب، و انما مواجهتها بانواع المنظمات و النشاطات و الأعمال السريّة من اجل النفوذ فيها و فرض سيطرتها عليها لنهب خيراتها . . في وقت تزايدت فيه احتكاكات ابنائها المتعلمين بالحضارات الوافدة ذات الاهداف الانانية الضيّقة منها، التي بدأت تهدد حضارات المنطقة الآفلة التي اخذت تفقد روحها الحيّة بفعل الصراعات الطائفية و الدينية، و بفعل العنف و انتشار الوحشية . .
و يصل باحثون الى ان اندماج الحكم الفردي بالعنف ، و دمج السياسة بالدين ، انتعاش الطرق الصوفية ، و لجوء الدول و حتى الدول و الأقطاب العالمية و الأقليمية الكبرى الى العشائر و الى العلاقات الخفية من اجل الإنقاذ، قد جعل بلداننا و بشكل مؤسف و كأنها موطن الحروب و الفتن و الارهاب لدى العديد من الاوساط . . 
حتى يظهر و كأن الزمان تغيّر فيها بشكل اوضح . . و صارت حروب التحرير الشعبية و حروب العصابات التحررية . . صارت حروباً ارهابية في سبيل القوة و السلطان و المال بعد ان انهارت مقوّمات الصراع في سبيل الاهداف النبيلة في ظل موازنات و تناقضات عصر و كأنه انتهى، و انهارت حدود الدول امام حرية حركة رأس المال و صارت العصابات الإجرامية تشغّل اصحاب كفاءات و احزاب . . برواتب مجزية !!
(يتبع)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. مصطلح اجتماعي يشمل عشرات الالاف ممن لم تساعدهم الظروف ليصلوا الى مبتغاهم و آمالهم . . لقصور او ضيق ذات اليد فيهم او في اهاليهم او بسبب نظام الحكم الدموي و الحروب . . ويضم المصطلح مدمني الكحول و المخدّرات من الذين ضاعوا في حياتهم . . 
2. في ظروف تحوّل صراعات كبرى من صراعات على النفط الى صراعات على الغاز . . و على المياه.